مفتشو التعليم يرفضون تقزيم أدوارهم وإخضاع المؤسسات التعليمية لمنطق “رضا الزبون”

رفض مفتشو التعليم تحويل المؤسسات التعليمية إلى مقاولات تخضع لمنطق قياس رضا الزبون في عالم السلع، مشيرين إلى أن منح صلاحيات لجمعيات الآباء وأولياء التلاميذ لتقييم أداء المدرسين والمؤسسات، يُقزم أدوار المفتش التربوي.

وشدد المكتب الوطني للنقابة الوطنية لمفتشات ومفتشي التعليم بالمغرب، على أن هذه الإجراءات، وأخرى تم تسريبها من لجان إعداد النظام الأساسي، “تعكس تخوفا من الكشف عن اختلالات المنظومة واختلالات التدبير الإداري والمالي والتربوي، والتهرب من ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

واعتبرت النقابة، في بلاغ لها، أن فكرة منح الجمعيات دورا في تقييم أداء المدرسين والمؤسسات، مستوحاة من فكرة قياس رضا الزبون في عالم السلع والمقاولة، وتنم عن جهل حقيقي بالشأن التربوي والبيداغوجي، وبواقعنا المجتمعي الملموس وبتعقيداته السوسيو ثقافية.

وترى الهيئة ذاتها، أن هذه الخطوة تبقى مجرد تعبير عن “نزعة انتقائية تعمل على إسقاط تجارب منظومات أخرى على تجربتنا المغربية، ببتر تلك التجارب عن سياقها وشروطها وعناصرها داخل منظومتها الأصلية”. 

ورفضت النقابة ”تقزيم أدوار التفتيش التربوي، عن طريق مشروع النظام الأساسي”، معتبرة أن هذا ما هو “إلا استمرار لمسلسل مدروس بعناية غايته التهرب من ربط المسؤولية بالمحاسبة، بدأ بتفكيك وتهميش بنيات التفتيش مركزيا وجهويا ومحليا، وأنتج مفتشية عامة عاجزة عن أداء أدوارها الرقابية والتوجيهية ومنفصلة عمن يفترض أنهم فاعلوها الميدانيون على طول تراب المملكة”.

ولفتت إلى أن استمرار فصل المفتشين عن المفتشية العامة، وجعلهم تحت وصاية المدبرين جهويا وإقليميا؛ يعكس تخوفا غير مبرر من صلاحيات وأدوار هيئة التفتيش المتمثلة في الكشف عن اختلالات المنظومة من جهة واختلالات التدبير الإداري والمالي والتربوي مركزيا وجهويا ومحليا من جهة أخرى.

وأكدت أن تقييم “عمل” المدرسين وباقي الأطر التربوية من طرف المفتش التخصصي أو مفتش المجال “أمر لا غنى عنه باعتباره تقييما مهنيا متخصصا ومتجردا من أية خلفيات غير مهنية أو تربوية، ويعد ضمانة أكيدة لتكافؤ الفرص ولتشجيع الكفاءة والتميز في صفوف الشغيلة التعليمية”.

ومن جهة أخرى، انتقدت النقابة ما سمته “تبخيس وتحقير أدوار المفتش ولهيئة التفتيش”،  وأن هذا مجانب للعلم ولخلاصات الدراسات والأبحاث التربوية والأكاديمية، بل يناقض التجارب العملية والميدانية التي تؤكد جميعها الأثر الإيجابي الملموس لتدخلات أطر المراقبة والتفتيش”.

وجاءت مواقف المكتب الوطني للنقابة الوطنية لمفتشات ومفتشي التعليم بالمغرب، بناء على ما يتم تسريبه بشكل غير رسمي عن اللجان الساهرة على إعداد “مشروع النظام الأساسي الجديد”.

وقالت النقابة إن المشروع يحمل “قذائف ملتهبة تسعر نار “الفتنة الطائفية” بين مكونات الشغيلة التعليمية الواحدة، وتشتت انتباهها عن النقاش الحقيقي الذي ينبغي أن يسود في صفوفها تحصينا للمكتسبات وذودا عن المرفق العمومي.

وزادت أن قيمة أي قانون لا تقاس بكمية ما يحتويه من عبارات مستمدة من القاموس الاصطلاحي لـما يسمى “التدبير العمومي الجديد” أو غيره؛ بقدر ما تقاس بالحجم الذي يوفره من ضمانات نظامية قانونية ومؤسساتية تعزز وتحمي الاستقرار المهني والمادي والنفسي لنساء ورجال التعليم، ويوفر لهم الإطار القانوني والمؤسساتي ليتفرغوا لأداء واجبهم المهني على أحسن وجه.

وأشارت إلى أن الدراسات الرصينة التي تناولت أزمة المنظومة التعليمية المغربية لم تشر، لا من قريب ولا من بعيد، إلى وجود علاقة ذات دلالة بين الجوانب العديدة لهذه الأزمة وبين الوظيفة العمومية النظامية، التي شكلت الأساس القانوني الوحيد للتوظيف وتأطير الحياة المهنية لمئات الآلاف من نساء ورجال التعليم منذ استقلال البلاد.

 وبالتالي، يضيف المصدر،أن سعي الحكومة إلى محو “النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية” الحالي لصالح “نظام أساسي لمهن التربية والتكوين” يفتقد إلى أي تفسير علمي، ولا مبرر له سوى الرغبة في التصفية النهائية للمكتسبات الاجتماعية والمهنية النظامية لنساء ورجال التعليم باعتبارهم موظفين عموميين.

وسجلت النقابة “حجم الغبن والظلم واللامساواة” الذي طال فئات عريضة من الشغيلة التعليمية، جراء المنحى “التراجعي والتقشفي” الذي نهجته الحكومات المتعاقبة، وجراء التعديلات الترقيعية التي كانت تدخلها على النظام الأساسي بين الفينة والأخرى”.  

ودعت النقابة في بلاغها، إلى معالجة اختلالات الأوضاع الناتجة عن النهج غير السليم للوزارة الوصية ومعها الحكومة تكمن في التعديل الإيجابي للنظام الأساسي بما يستجيب للتطلعات ويعالج جوهر تلك الاختلالات، بدل رميه مثلما ” ترمي بلهاء جنينها مع ماء غسله”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× GIL24 sur WhatsApp