أخنوش: الحكومة سارعت إلى اعتماد تدابير للحفاظ على استقرار الأسعار

أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن الحكومة سارعت منذ توليها المسؤولية إلى اعتماد مجموعة من التدابير الهادفة إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من جهة، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى.

وقال أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، “إن الالتزام بتفعيل الأوراش الاجتماعية الكبرى وطويلة الأمد لا يجب أن يثنينا عن التفاعل مع التطورات الظرفية، تلبية لحاجيات المواطنين المستعجلة”.

وأبرز أنه “أمام موجة ارتفاع أسعار بعض المواد التي شهدتها بلادنا منذ شهر أبريل 2021، على غرار باقي دول العالم، بسبب آثار الجائحة، سارعت الحكومة منذ توليها المسؤولية إلى اعتماد مجموعة من التدابير الهادفة إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من جهة، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى”.

وأضاف رئيس الحكومة أنه : “إلى جانب صندوق المقاصة الذي يتدخل من أجل تعويض الفارق بين أسعار المواد المدعمة، المتمثلة في الدقيق المدعم والسكر وغاز البوتان، وأسعار السوق الدولية، قامت الحكومة بتعليق الرسوم الجمركية من أجل ضمان استقرار أسعار القمح، كما ستخصص تعويضا إضافيا للمستوردين للحفاظ على أسعار جميع مشتقات القمح على المستوى الوطني”.

وأبرز المتحدث أن الحكومة “حرصت على التفاعل السريع مع الانتظارات الاجتماعية المستعجلة للمواطنين من خلال مشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، الذي جعلت من توجهاته الأساسية ترجمة أولية لالتزاماتها الاجتماعية”.

في هذا الصدد، سجل رئيس الحكومة أن الأخيرة “خصصت 8 مليارات درهم لأداء المتأخرات المتعلقة بترقية الموظفين لسنتي 2020 و2021، تم ضخها في كتلة الأجور بعد سنتين من التجميد، و10 مليارات درهم لصندوق التماسك الاجتماعي والحماية الاجتماعية، منها: 4.2 مليار درهم لضمان الحق الدستوري لما يفوق 11 مليون مغربي من الفئات الفقيرة والهشة في الولوج إلى العلاج، عبر تمكينهم من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وفتح باب ولوجهم إلى الاستشفاء في القطاعين العام والخاص، والاستفادة من نفس سلة العلاجات للأجراء في القطاع الخاص”.

واستطرد رئيس الحكومة: “كما خصصت 3.5 مليارات درهم لدعم تمدرس الأطفال في إطار برامج تيسير ودعم الأرامل ومليون محفظة، و1.7 مليارات درهم لشراء الأدوية، ودعم المؤسسات الاستشفائية، لتمكين الفئات المعوزة من الولوج إلى العلاج. وإضافة إلى ذلك، تم ضخ 3.5 مليارات درهم لدعم تشغيل الشباب، سواء الذين فقدوا عملهم نتيجة الأزمة عبر منحهم 250.000 فرصة شغل مؤقتة خلال سنتين، في إطار برنامج ‘أوراش’ الذي خصص له 2.25 مليار درهم، أو الذين يريدون خلق مقاولة صغيرة في إطار برنامج ‘فرصة’ الذي ستخصص له ميزانية 1.25 مليار درهم، في إطار قروض شرف دون فائدة تستهدف حوالي 50 ألف شاب مقاول؛ مع إعطاء دينامية جديدة لبرنامج ‘انطلاقة’”.

وأشار أخنوش إلى أن الحكومة رصدت 250 مليون درهم، “لتقوية دور الحضانة للأطفال دون سن الرابعة، خاصة في الأحياء الهامشية وفي القرى، لتمكين الأطفال في هذه المناطق من التعلم منذ سن مبكرة وتشجيع النساء على العمل”.

وفيما يلي مخطط عمل الحكومة لتعزيز بناء الدولة الاجتماعية كما قدمه رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية ( النص الكامل)

سعيد بالحضور بمجلس النواب في أول جلسة للأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة استنادا إلى أحكام الفصل 100 من الدستور، وأود بالمناسبة أن أتقدم بالشكر الجزيل للسيدات والسادة النواب البرلمانيين لوقوع الاختيار على موضوع “الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها لتدعيم أسس الدولة الاجتماعية” كمحور لهذه الجلسة الدستورية.

وكما لا يخفى عليكم، السيدات والسادة النواب المحترمين، فإن تعزيز مقومات الدولة الاجتماعية، قبل أن يكون برنامجا حزبيا أو حكوميا أو سياسة عمومية أو تدبيرا قطاعيا، هو أولا ورش ملكي استراتيجي بامتياز ومحط إجماع وطني بين كافة المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب المغربي. فبناء الدولة الاجتماعية هدف ملكي أصيل، وجزء من التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة التي تتجاوز الزمن الانتخابي وتسمو على الرهانات السياسية الآنية.

فقد حققت بلادنا خلال العقدين الأخيرين، عدة مكتسبات سياسية واقتصادية واجتماعية، تحت القيادة الحكيمة والرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله؛ حيث حرص منذ اعتلائه العرش على بناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية، وعلى النهوض بالعنصر البشري باعتباره حجر الزاوية في التنمية.

وفي إطار هذه الرؤية الملكية السامية، تم إطلاق مجموعة من البرامج الاجتماعية، والتي تأتي في مقدمتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، ونظام المساعدة الطبية، وبرامج دعم تمدرس الأطفال وغيرها من المبادرات. وقد مكنت هذه البرامج من التقليص من نسب الفقر والهشاشة والهدر المدرسي، ومن ولوج فئة واسعة من المواطنات والمواطنين للخدمات الأساسية.

وفي هذا المسار، تظل غاية بلوغ الدولة الاجتماعية، قضية تجند كافة المؤسسات الدستورية والقوى الوطنية الحية والتفافها الصادق وراء جلالة الملك نصره الله، في سبيل تنزيل معالم دولة الإنصاف الاجتماعي وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.

وكمساهمة منها في هذا الورش الجامع، تعمل الحكومة مدة ولايتها على تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية وتعتمد في ذلك منهجية قوامها السرعة في التفاعل، والجرأة في الإنجاز، والشجاعة في اتخاذ القرار. ذلك أن تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية ليست أقوالا نتباهى بها أمام وسائل الإعلام، أو شعارات نتبارى بها خلال المحطات الانتخابية… هي أولا وأخيرا أفعال وقرارات، وإبداع في إيجاد الموارد البشرية والتقنية والمالية اللازمة، وهي قبل كل شيء، الجرأة الصادقة في القيام بالإصلاح، تجاوبا مع مخرجات صناديق الاقتراع للثامن من شتنبر الماضي.

فالإصلاح من أجل استكمال أسس الدولة الاجتماعية هو مسؤولية جسيمة على عاتقنا أمام جلالة الملك وأمام الشعب المغربي، وأمام التاريخ أيضا، ولن نتردد إذا تطلب منا –هذا الإصلاح- اتخاذ بعض القرارات التي قد تبدو مجحفة بالمنطق السياسي الضيق، لكنها في العمق قرارات ضرورية لتنزيل مشروع الدولة الإجتماعية كما يطمح لها الجميع.

ولعل هذا النوع من الإصلاحات، لاسيما في مجال التعليم والصحة، يتطلب تحمل المسؤولية دون تردد من أجل التأسيس لمرحلة جديدة فارقة في تاريخ بلدنا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله.

حضرات السيدات والسادة،

لقد شكلت جائحة كوفيد 19، بما خلفته من تداعيات اجتماعية واقتصادية ونفسية، صرخة مدوية في وجه المسؤول العمومي وتقييما صريحا لمستوى نجاعة بعض السياسات العمومية المتبعة منذ سنوات. فبلادنا تخصص سنويا ما يقارب 2% من الناتج الداخلي الخام للمساعدات الاجتماعية وهي نسبة تمثل المعدل الدولي في المجال، حسب الهيئات المالية الدولية. ولكننا بالرغم من ذلك لم نتمكن بعد من القضاء على الفوارق الاجتماعية والحد من مظاهر الفقر والهشاشة في العديد من مناطق وجهات المملكة.

ولا شك أن هاته الجائحة أقنعتنا جميعا بالحاجة الماسة لتوفير نظام اجتماعي متكامل، متى اتسم بالكفاءة والفعالية والإلتقائية، كان هو خط الدفاع الأول في التصدي للمخاطر المحدقة في المستقبل القريب والبعيد.

ومما لا ريب فيه أننا نجحنا جماعيا في التصدي لهذا الوباء، والحد من خسائره الصحية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بفضل التوجيهات الملكية السامية والقرارات المولوية الاستباقية وتظافر وتكامل جهود السلطات العمومية مع مختلف المتدخلين. لكن هاته الأزمة العصيبة ينبغي أن تتحول إلى فرصة للإنطلاق صوب تدعيم أركان الدولة الاجتماعية وحشد كل الإمكانيات المتاحة لتسخيرها في بناء منظومة اجتماعية متكاملة ومتناسقة.

وإننا في الحكومة لمدركون لحجم الانتظارات الاجتماعية المعلقة على تجربتنا الحكومية، بعد استحقاقات شفافة ونزيهة، ومستوعبون لطبيعة التحديات والرهانات التي تحيط ببلادنا، والتي تجعل من إصلاح الورش الاجتماعي أولوية الأولويات.

ونحن كذلك واعون بحجم الطلب الاجتماعي المتزايد على الخدمة العمومية من صحة وتعليم وخلق فرص تشغيل. ومن عمق هاته القناعة الحكومية الراسخة، المسنودة بأوراش ملكية مفتوحة ورؤية متكاملة لتكريس وتعزيز مكتسبات بلادنا في المجال الاجتماعي، سنواصل العمل الوطني الجاد من أجل تجاوز مواطن النقص في السياسات الاجتماعية.

ولا ندعي في هاته التجربة الحكومية أننا سننطلق في الإصلاحات الاجتماعية من فراغ، كما ليس من مبادئنا نكران إنجازات الآخرين. بطبيعة الحال، سنثمن ما تحقق من إنجازات كنا مشاركين فيها، وسنعمل على تجاوز مواطن النقص والقصور بما نملكه اليوم من شرعية دستورية وسياسية تخول لنا ما عجزنا عن القيام به ونحن نشارك في تجارب حكومية سابقة، لم نتولى قيادتها.

حضرات السيدات والسادة،

إن هاجس الدولة الإجتماعية، كما انتهى إليها تقرير النموذج التنموي، الذي حظي بإجماع وطني تحت الرعاية الفعلية لجلالة الملك، حاضر بقوة ضمن الإجراءات والقرارات العمومية التي ستتبناها الحكومة طيلة ولايتها الانتدابية. ولا شك أن هاته الولاية تعد بامتياز ولاية تأسيسية لتنزيل المحاور الكبرى للنموذج التنموي وخياراته الاستراتيجية واقتراحاته التدبيرية.

فالنموذج التنموي الجديد يحتاج نموذجا جديدا في التدبير، وإرساء أسس الدولة الاجتماعية هو خيار يعبر عن إرادة سياسية راسخة لدينا كحكومة، لأن إعادة الثقة في العمل السياسي تمر في نظرنا عبر تقديم خيارات وبرامج اجتماعية واقعية وذات مصداقية تعالج الأولويات الحقيقية وتستجيب لانتظارات المغاربة.

ولقد تضمن البرنامج الحكومي، مجموعة من الإلتزامات الدالة على البعد الإجتماعي للسياسات العمومية المقبلة، وهو ما يمكن أولا استخلاصه من خلال الالتزامات العشر للحكومة، وأبرزها:

–           إحداث مليون منصب شغل صافي خلال 5 سنوات المقبلة؛

–           تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة؛

–           إخراج 1 مليون أسرة من دائرة الفقر والهشاشة؛

–           حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي؛

–           تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداء من سن الرابعة مع إرساء حكامة دائمة وفعالة لمراقبة الجودة؛

–           تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية؛

–           رفع نسبة نشاط النساء إلى أزيد من 30% عوض 20% حاليا.

ذلك أن أسس الثقة تترسخ من خلال الوفاء بالالتزامات والتنزيل الفعلي لكل البرامج الاجتماعية وعلى رأسها تعميم الحماية الاجتماعية، الذي يشكل ورشا مجتمعيا مؤسسا للدولة الاجتماعية، يحظى بمتابعة واهتمام خاصين لصاحب الجلالة نصره الله، ويفرض علينا جميعا ألا نستحضر سوى المصلحة العامة، لتحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين وتحقيق كرامتهم.

وبادرت الحكومة، منذ الأيام الأولى لتنصيبها، إلى الأجرأة السريعة لهذا الورش من خلال مصادقتها بتاريخ 17 نونبر 2021، على مشاريع مراسيم تطبيقية للقانونين رقم 98.15 و99.15 لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن ‏المرض، وبإحداث نظام للمعاشات لفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا. وهو ما سيمكن 3,4 مليون مواطنة ومواطن من فئة غير الأجراء، وذوي الحقوق المرتبطين بهم، من الاستفادة من التأمين الصحي الإجباري عن المرض. وستتوزع الفئات المعنية بهذه الدفعة الأولى، بين الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، والتجار والصناع التقليديين الذين يمسكون محاسبة، والمقاولين الذاتيين، والأطباء، والصيادلة، والمرشدين السياحيين، والموثقين، والقابلات، ومزاولي بعض المهن شبه الطبية الذين سيتمكنون من الاستفادة من التأمين، ابتداء من شهر يناير المقبل.

علاوة على ذلك، أحدثنا لجنة وزارية لقيادة تنزيل هذا المشروع المجتمعي المهم، إلى جانب لجنة تقنية يعهد إليها الإسراع في تنفيذ هذا الورش. ونشتغل، داخل هذه اللجان، بشكل متواصل من أجل تمكين باقي فئات العمال غير الأجراء، وخاصة الفلاحين، وباقي الصناع التقليديين، ومهنيي النقل، وأصحاب المهن الحرة، من الاستفادة من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في أقرب الآجال.

كما يتضمن مخطط العمل لسنة 2022، إلتزاما بالجدولة الزمنية التي حددها خطاب العرش، تمكين الفئات الهشة والفقيرة الخاضعة حاليا لنظام راميد، من التوفر على تأمين عن المرض، يمكنهم من الولوج إلى القطاعين العام والخاص، وبنفس سلة علاجات أجراء القطاع الخاص.

وخلال سنتي 2023 و2024، ستعمل الحكومة على ضمان تعويضات عائلية لكل الأسر للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة ودعم التمدرس في سن مبكرة. ثم سنباشر سنة 2025 توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد لكافة النشيطين وتعميم التعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل.

ولمواكبة الورش الكبير للحماية الاجتماعية، وضعت الحكومة استراتيجية واضحة المعالم لإصلاح المنظومة الصحية ترتكز على أربعة مبادئ توجيهية تتمثل في:

1.         تثمين الموارد البشرية بكل فئاتها؛

2.         تأهيل العرض الصحي لمؤسسات الرعاية الصحية الأولية والمراكز الاستشفائية والإقليمية والجهوية والجامعية؛

3.         إحداث مجموعات صحية جهوية مع مأسسة إلزامية الولوج إلى مسلك العلاجات عبر مراكز الصحة الأولية والإحداث التدريجي لنظام “طب الأسرة”؛

4.         وإحداث بطاقة صحية ذكية لكل مواطن مغربي، تحد من الإنفاق المباشر للمرضى، خصوصا ذوي الدخل المحدود، على الخدمات الصحية وتمكن من التتبع الدقيق لمسار كل مريض عبر ملف طبي مشترك بين كافة المتدخلين من مؤسسات صحية، عمومية وخاصة، والهيئات المدبرة للتأمين الصحي عن المرض والهيئة المقننة.

وقد خصصت الحكومة، في إطار مشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، ميزانية تقدر ب 6 مليار درهم لتأهيل البنيات الإستشفائية وتعزيز تجهيزاتها (وهو ما يشكل زيادة قدرها 2,7 مليار درهم أي 64% مقارنة مع سنة 2021)، وستتمحور أهم المشاريع التي سيتم إنجازها حول:

–           إطلاق بناء المركز الاستشفائي الجامعي الجديد ابن سينا الذي ستخصص له 1,1 مليار درهم؛

–           وتأهيل 1.500 مؤسسة للرعاية الصحية الأولية باعتمادات تقدر ب 500 مليون درهم؛

–           ومواصلة بناء وتأهيل 30 مركزا استشفائيا جهويا وإقليميا من خلال رصد 600 مليون درهم إضافية للإعتمادات المخصصة سنويا لهذا الإجراء والمقدرة بمليار درهم.

ووفق نفس المنظور، يحظى إصلاح المنظومة التعليمية بأهمية قصوى في مسار إرساء أسس الدولة الاجتماعية.

واستنادا لتوصيات النموذج التنموي وتفعيلا لالتزامات البرنامج الحكومي القاضية بوضع “مصلحة التلميذ” و”جودة تعليمه” في صلب المعادلة وكمعايير أساسية للإصلاح، تعمل الحكومة على النهوض بالموارد البشرية لتحقيق طموح تحسين جودة التعليم من خلال تجويد تكوين الأساتذة وتحديد معايير توظيفهم وتحسين ظروف اشتغالهم.

وتعزيزا لكفاءات الأساتذة، تشتغل الحكومة على خطة وطنية للرفع من القدرات التكوينية لهيئة التعليم. وكخطوة أولى، في أفق إحداث كلية خاصة لتكوين الأساتذة، يكون الولوج إليها على أساس انتقائي للحاصلين على الباكالوريا، قامت الحكومة هذه السنة بوضع شروط لانتقاء المرشحين، تهدف إلى الاستثمار في تكوين الأساتذة على المدى البعيد ولتعزيز كفاءاتهم، باعتبار هذا الورش ركيزة أساسية من ركائز الإصلاح التربوي. وسيتم تفعيل هذا التوجه من خلال تعزيز التكوينات الأساسية والمستمرة للفاعلين التربويين، والتي رصد لها غلاف مالي يقدر ب 500 مليون درهم برسم سنة 2022. كما سيتم تخصيص 400 مليون درهم، لتأهيل البنيات التحتية والتجهيزات بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين التابعة لها.

وإجمالا، تم تخصيص حوالي 77 مليار درهم لقطاع التعليم في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2022، أي بزيادة 5 مليار درهم مقارنة بالسنة الماضية، مع إحداث 18.144 منصب مالي. وفي هذا الإطار، تم الرفع من ميزانية الاستثمار لهذا القطاع ب 40%، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية:

–           1,9 مليار درهم لتسريع تنفيذ برنامج تعميم التعليم الأولي من خلال إحداث وتأهيل وتجهيز الحجرات، وكذا تدبيرها بهدف بلوغ 100% كنسبة تمدرس بالتعليم الأولي في أفق سنة 2028؛

–           2,3 مليار درهم لتعزيز العرض المدرسي، لا سيما من خلال بناء ما يقارب 230 مؤسسة تعليمية، منها 30 مدرسة جماعاتية و43 داخلية، في حين لم يتجاوز عدد المدارس الجماعاتية 160 مؤسسة خلال السنوات الأخيرة؛

–           2,6 مليار درهم لتأهيل البنيات التحتية والتجهيزات المدرسية، منها 560 مليون درهم لاستبدال البناء المفكك.

حضرات السيدات والسادة،

كل هذه الأرقام والمؤشرات تؤكد بأننا ماضون بكل ثبات في طريق تحقيق التزامنا في البرنامج الحكومي ببناء أسس الدولة الاجتماعية. فقد خصصنا ما يفوق 40% من مجموع النفقات المبرمجة في مشروع قانون المالية لقطاعي التعليم والصحة، وما يناهز 54% من مجموع المناصب المالية المحدثة.

ومن جانب آخر، ولأن الالتزام بتفعيل الأوراش الاجتماعية الكبرى وطويلة الأمد، لا يجب أن يثنينا عن التفاعل مع التطورات الظرفية تلبية لحاجيات المواطنين المستعجلة؛ وأمام موجة ارتفاع أسعار بعض المواد التي شهدتها بلادنا منذ شهر أبريل 2021، على غرار باقي دول العالم، بسبب آثار الجائحة، فقد سارعت الحكومة منذ توليها المسؤولية، إلى اعتماد مجموعة من التدابير الهادفة إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من جهة، وإلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى. فإلى جانب صندوق المقاصة الذي يتدخل من أجل تعويض الفارق بين أسعار المواد المدعمة المتمثلة في الدقيق المدعم والسكر وغاز البوتان  وأسعار السوق الدولية، قامت الحكومة بتعليق الرسوم الجمركية من أجل ضمان استقرار أسعار القمح، كما ستخصص تعويضا إضافيا للمستوردين للحفاظ على أسعار جميع مشتقات القمح على المستوى الوطني.

إلى جانب ذلك، حرصت الحكومة على التفاعل السريع مع الانتظارات الاجتماعية المستعجلة للمواطنين من خلال مشروع قانون المالية للسنة المالية 2022، الذي جعلت من توجهاته الأساسية ترجمة أولية لالتزاماتها الاجتماعية. ذلك أنها، ودعما للقدرة الشرائية للمواطنين، خصصت:

–           مليار درهم لأداء المتأخرات المتعلقة بترقية الموظفين لسنتي 2020 و2021، تم ضخها في كتلة الأجور بعد سنتين من التجميد؛

–           10 مليار درهم لصندوق التماسك الاجتماعي والحماية الاجتماعية منها:

4,2 مليار درهم لضمان الحق الدستوري لما يفوق 11 مليون مغربي من الفئات الفقيرة والهشة، في الولوج إلى العلاج، عبر تمكينهم من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وفتح باب ولوجهم إلى الاستشفاء في القطاعين العام والخاص، والاستفادة من نفس سلة العلاجات للأجراء في القطاع الخاص.

3,5 مليار درهم لدعم تمدرس الأطفال في إطار برامج تيسير ودعم الأرامل ومليون محفظة؛

1,7 مليار درهم لشراء الأدوية، ودعم المؤسسات الاستشفائية، لتمكين الفئات المعوزة من الولوج للعلاج؛

–           إضافة إلى ذلك، تم ضخ 3,5 مليار درهم لدعم تشغيل الشباب، سواء الذين فقدوا عملهم نتيجة الأزمة عبر منحهم 250.000 فرصة شغل مؤقتة خلال سنتين، في إطار برنامج “أوراش” الذي خصصنا له 2,25 مليار درهم، أو الذين يريدون خلق مقاولة صغيرة في إطار برنامج “الفرصة” والذي ستخصص له ميزانية 1,25 مليار درهم، في إطار قروض شرف دون فائدة تستهدف حوالي 50 ألف شاب مقاول، بالإضافة لإعطاء دينامية جديدة لبرنامج “انطلاقة”؛

–           هذا دون أن ننسى توجيه 500 مليون درهم لدعم الأشخاص في وضعية إعاقة.

إضافة إلى ذلك، رصدت الحكومة 250 مليون درهم، لتقوية دور الحضانة للأطفال دون سن الرابعة، خاصة في الأحياء الهامشية وفي القرى، لتمكين الأطفال في هذه المناطق من التعلم منذ سن مبكرة وتشجيع النساء على العمل.

هذا إلى جانب تخصيص 200 مليون درهم لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الإدارة العمومية، وهو ما سيمكن فئات عريضة من المواطنين من حقهم في الولوج إلى الخدمات الإدارية دون صعوبات في التواصل.

كما أن الحكومة حريصة كل الحرص على تقليص الفوارق المجالية، خصوصا عبر إيلاء الأهمية اللازمة لسكان العالم القروي، من خلال صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية الذي تناهز الاعتمادات المبرمجة فيه 2,25 مليار درهم، تضاف إليها 2 مليار درهم كاعتمادات للالتزام، وحوالي 4 مليار درهم كرصيد من السنوات الماضية، ستمكن من تنزيل كل البرامج والمشاريع المبرمجة لتمكين هذه المناطق من الولوج إلى الخدمات الأساسية.

ووعيا منها بدور الاستثمار والبعد الاقتصادي في دعم ركائز الدولة الاجتماعية، فقد اعتمدت الحكومة سياسة اقتصادية تشمل خمسة محاور رئيسية تتمثل في إنعاش فوري للاقتصاد الوطني، ووضع برنامج وطني وجهوي من أجل دعم المقاولات الناشئة في القطاعات الواعدة، وتفعيل الإصلاحات الهيكلية لدعم الاقتصاد الوطني، وتنفيذ سياسات قطاعية طموحة على الصعيدين الوطني والمجالي، ووضع سياسة فاعلة لدعم النشاط الاقتصادي للنساء.

ومن أجل تنفيذ هذه المحاور الخمسة الرئيسية للتحول الهيكلي للاقتصاد المغربي، تعتمد الحكومة إجراءات محددة، تهم وضع وتنفيذ سياسة استعجالية لمواكبة المقصيين من سوق الشغل، والإنقاذ السريع للمقاولات في وضعية صعبة، من خلال المصاحبة والتمويل، وتحفيز المبادرة الخاصة عن طريق تذليل العقبات التنظيمية والإدارية، وخلق رجة تنافسية، من خلال مواكبة وتطوير المقاولة التنافسية والمبتكرة، والدفاع عن علامة “صنع في المغرب” من أجل دعم الإنتاج الوطني.

وفي هذا الإطار، تلتزم الحكومة انطلاقا من السنة الجارية أي 2021، بتصفية دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم لفائدة مقاولات القطاع الخاص.

حيث ابتداء من دجنبر القادم وقبل نهاية الفصل الأول من سنة 2022، غادي يتم ضخ 13 مليار درهم لأداء مستحقات TVA، باش تتمكن المقاولات، وخصوصا الصغرى والمتوسطة من التوفر على سيولة مهمة ف la Trésorerieديالها، من أجل الصمود فوجه الأزمة، والانخراط فدينامية خلق القيمة المضافة وفرص الشغل.

كما تتجلى التزامات الحكومة الاجتماعية أيضا من خلال اعتماد سياسة وطنية للتحول الاقتصادي تقوم على تحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل، من خلال جعل هذا الأخير محورا أساسيا لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي.

ونظرا لدور الاستثمارات العمومية في تحفيز الطلبيات العمومية، وبالتالي في إحداث مناصب شغل بالقطاع الخاص، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتحسين مناخ جلب الاستثمارات الأجنبية وبصفة عامة في صمود النسيج الاقتصادي الوطني، فقد شرعت الحكومة في تنفيذ العديد من الاستراتيجيات القطاعية، لا سيما الجيل الجديد من الاستراتيجيات الطموحة التي أطلقها صاحب الجلالة نصره الله؛ ونذكر منها ” استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030″، التي تروم بروز جيل جديد من الفلاحين، بالإضافة إلى تنفيذ خطة التسريع الصناعي 2021-2023، التي تستهدف على الخصوص تعويض 34 مليار درهم من الواردات وتنفيذ خطط لإنعاش قطاعات السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي من أجل تجاوز الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا وخلق فرص شغل جديدة.

هذا وبفضل إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار، فإنه من المتوقع أن يبلغ إجمالي الاستثمار العمومي لسنة 2022 مبلغا يناهز 245 مليار درهم.

كما ستعمل الحكومة على تنفيذ إصلاح شامل للمؤسسات والمقاولات العمومية، ومواكبة مسار الإصلاح الضريبي، وتعزيزه بميثاق جديد ومحفز على الاستثمار.

وفي هذا الصدد، تعتزم الحكومة اتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل إنعاش وتشجيع الاستثمار العمومي والخاص، الوطني والأجنبي، وتسخير كل الإمكانيات والتحفيزات الضريبية وغير الضريبية لذلك. 

حضرات السيدات والسادة،

هذه الحكومة، تتطلع من خلال البرنامج الحكومي، إلى منح الفرصة لكل المغاربة من أجل بناء مستقبل أفضل، في ظل دولة الحق والقانون والحريات والعدالة الاجتماعية والمجالية. ولأجل ذلك، حددت أهدافا واضحة ومؤشرات مرقمة تيسر الربط بين المسؤولية والمحاسبة.

هذه الحكومة، التي لم يتجاوز عمرها 47 يوما (منذ نيل ثقتكم)، لم تدخل بعد في مرحلة توظيف إمكانيات القانون المالي لتنزيل المشاريع الاجتماعية، لكنها استثمرت هاته المرحلة الدستورية للتحضير القانوني والمؤسساتي لتصورها الاجتماعي وآليات التنفيذ الواضحة والمحددة بأجندة زمنية.

وفي انتظار المصادقة النهائية لمجلسي البرلمان على مشروع القانون المالي واستكمال مساطر نشره لدخوله حيز التنفيذ، وضعت الحكومة حزمة من الإجراءات والقرارات لتسريع وثيرة الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي ينتظره المواطنات والمواطنون.

لن تكون هذه الحكومة حكومة لتدبير الأمر الواقع، بل حكومة لإبداع الحلول.

نحن متفائلون بأن برنامجنا المتكامل والمندمج اقتصاديا واجتماعيا، سيمكننا من بلوغ ما سطرناه من أهداف على مستوى النمو الاقتصادي وعلى مستوى إحداث فرص الشغل للشباب.

ونحن واعون بحجم التحديات والرهانات التي يطرحها تعزيز الدولة الاجتماعية، وحريصون كل الحرص على الانخراط، إلى جانب كل القوى الحية ببلادنا من أجل المضي في إرساء أسسهما، ولجعل المغرب قوة رائدة بفضل إمكانياته وقدرات مواطنيه، وفي خدمة رفاههم تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة نصره الله.

والسلام عليكم ورحمة الله 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× GIL24 sur WhatsApp