العمل الجمعوي بالمغرب ، المعيقات و الطموحات

يعرف المجتمع المغربي اليوم تأسيس عدد متزايد من الجمعيات ،كما يعرف واقع هذه الإطارات تفاوتا حسب طبيعة كل جمعية وأهدافها . وتحتل هذه الجمعيات دورا وموقعا بارزا ضمن مكونات المجتمع المدني، متجهة إلى لعب دور حيوي مهم في توعية وتكوين وتثقيف المواطنين .فحسب دراسة أخيرة لوزارة الداخلية قامت بها ،فإن النسيج الجمعوي عرف تطورا ملحوظا سريعا ومتنوعا في تكويناته منذ نهاية التسعينات ، وخاصة ابتداء من 2005 تاريخ إنطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .مشيرة إلى أن عدد الجمعيات إرتفع من 40000 جمعية في بداية التسعينات إلى حوالي 116 ألف و836 جمعية اليوم .كما أفادت هذه الدراسة بأن أغلبية الجمعيات أي ما نسبته %93 ذات إشعاع محلي .وخلصت إلى أن هذا النسيج يتشكل أساسا من جمعيات القرب .أي التي تنشط في أوساط الساكنة المحلية التي تقطن في الأحياء والدواوير والجماعات الحضرية والقروية مضيفة أن %2 من الجمعيات لها تغطية أوسع على صعيد العمالة أو الإقليم ،وان %1 لها تغطية جهوية و %4 لها تغطية وطنية.

أما من ناحية الأنشطة الممارسة فكانت في الأول تقتصر على المجالات الثقافية والتربوية والرياضية والمهنية والاجتماعية ،فنشا من عدة سنوات جيل جديد من الجمعيات يعمل في مجالات حقوق الإنسان والنوع والتنمية والمقاولة والقروض الصغرى والبيئة وغيرها .وقد أبرزت كذلك نفس دراسة وزارة الداخلية أنه فيما يتعلق بالتقسيم القطاعي لهذه المجالات ف %24 من الجمعيات المذكورة تنشط في مجالات الأعمال الاجتماعية و %21 في مجال البيئة والتنمية المستدامة، و %19 في مجالات الرياضة والترفيه .مؤكدة أن نسبة الجمعيات التي تنشط في مجالات الدين والسياسة وحقوق الإنسان تتراوح بين اقل من 1و3 % حسب الجهة .
وهناك الجمعيات التي لها نفس الأهداف والتوجهات تتكتل فيما بينها وتؤسس إطارات أخرى تتحد فيما بينها فتسمى إتحادات وفيدراليات أو مجالس التنسيق .

إلا أنه ما يسترعي الإنتباه هو تسجيل مجموعة من الصعوبات والعراقيل التي أصبحت عائقا وهاجسا مخيفا أمام كل الجمعيات الجادة ،انتهت بموت العديد من الإطارات الجمعوية نذكر منها : مشكل الحصول على مقرات خاصة لبعض الجمعيات لتجميع وثائقها وتنظيم أعمالها لأن الحصة المسموح بها داخل دار الشباب ساعتين أسبوعيا فقط وغير كافية .
وكذا قلة الموارد المالية فهناك مشكل الدعم والمنح التي تتقلص والزبونية التي تتعامل بها بعض المجالس .
علاوة على التأخير في منح وصل الإيداع والذي يستغرق شهورا .
دون أن ننسى إرتفاع عدد الوثائق التي تطلبها السلطة بالنسبة للأشخاص الراغبين في تاسيس الجمعية .
و من جهة أخرى لا بد من الإشادة بدفاع المجتمع المدني في السنوات الأخيرة على حقوقه لتغيير بعض البنود التي أصبحت غير صالحة ومتقادمة فتم صياغة القانون رقم :75:00 المتعلق بقانون الجمعيات والذي صادقت عليه الحكومة وأصبح ساري المفعول منذ 23يوليوز 2002 فتضمن تجديدات أهمها :
أن حل الجمعية أصبح بيد القضاء تفاديا لأي تعسف أو تضييق من السلطات الإدارية .
وكذا وضع رؤية واضحة لإدخال الشفافية إلى التسيير المالي للجمعيات ، وغيرها من المكتسبات…
وأخيرا ومن ضمن الطموحات وآفاق العمل التي ترغب فيها الجمعيات ،فإنها تطالب بخلق شراكات بينها وبين المجالس ؛ أي ميثاق شرف ، حيث تقدم الجمعيات المشاريع والمجالس تدعمها .
إضافة إلى الإعفاء من ثقل الطوابع المخزنية لأوراق الجمعية .
و تسهيل مسطرة تقديم طلبات الحصول على المنفعة العامة .
فضلا عن أن القوانين يجب أن تستلهم من المفهوم الجديد للسلطة وبالتالي إلغاء الهاجس الأمني الذي يضيق من الحريات العامة .
ولا تفوتنا الإشارة أيضا إلى ضرورة إعادة الجمعيات النظر في ذاتها وذلك بتحديث العمل الجمعوي وتجاوز الممارسات الوظيفية التقليدية والابتعاد عن استنساخ القوانين الأساسية .
كما يجب إعادة النظر في النظم الداخلية والأساسية للجمعيات وفق تصور ديمقراطي وشفافي ،تتحدد فيه المسؤوليات وتربط بالمحاسبة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× GIL24 sur WhatsApp