الجزائر: الولادةالسيكولووجية الجديدة

من يظن ان الجزاىٌر قد استعصت على الربيع الديموقراطي ؟ من قال ان ربيع الجزاىٌر 1987 قد انتهت صلاحيته وأصبح من مواضيع كتب التاريخ ؟ ومن يصدق عودة سيناريو استقالة الشاذلي بن جديد رحمه الله للانقلاب على صناديق الاقتراع ؟

اذا استحضرنا الوقائع السياسية الكبرى لما بعد 1987 ، الانسحاب السوفياتي من أفغانستان ودخول المجاهدين في حرب أهلية واصطدامهم مع حليفهم الاستراتيجي السابق الولايات المتحدة الامريكية ،تفكك الاتحاد السوفياتي وإعلان الغرب نهاية التاريخ وانتصار الديموقراطية والسوق الحرة . ثم عاملين إقليمين اخرين مهمين وصول الحركة الاسلامية للحكم في السودان عن طريق الانقلاب العسكري ومواجهة النظام التونسي لحركة النهضة واخراجها من المشهد السياسي .

هذه العوامل تؤشر على ان ما يجري في الجزاىٌر ليس وليد 2019 وإنما تفاعل لسيناريو الربيع الديموقراطي الذي ابتداء منذ 1987 بخروج شباب الجزاىٌر للمطالبة بالاصلاحات السياسية والتعددية والحربة داخل زمن سياسي كان يعرف حينها بسيناريو الإصلاح والذي كان ممكنا في تلك الفترة التاريخية ،عكس الربيع الديموقراطي الذي ابتدأت أطواره مع احداث البوعزيزي سنة 2011 في زمن سياسي عُرِف بسيناريو المواجهة ،الحميع فيه يقاتل الجميع ،فليس فيه للجاىٌعين ما يخسرون .فقوة الهزة الديموقراطية في الجزاىٌر ديمومتها زمنيا واختلاف توقيتها السوسيوسياسي، وقد تكون نتاءجها مؤثرة على شكل الحركات الاجتماعية الوليدة والسلوكيات السياسية للنخب الجديدة والقادمة للحكم وكذا شكل الكيانات السياسية محليا واقليميا . اما العامل الثاني الفاعل في الاحتجاج السياسي في الجزاىٌر ،الاهانة،رئيس دولة معاق عقليا وجسديا ،عصابة سياسية تدير مراكز القرار والثروة وترشي السياسيين وتشتري ضمائر النخبة ،شعب بين الشتات و الدياسبورا وذكرى ثورة مجيدة ومليون ونصف شهيد سرقت منه ،والجمهورية الثانية لما بعد الشاذلي بن جديد والتي لم تولد .

لقد عمّرّ الربيع الديموقراطي طويلا في الجزاىٌر وان كل ثورة تحمل في أحشائها الردة ثم الولادة الجديدة للثورة بألوان مختلفة وفلسفة جديدة ،تقدمية ،اكثر إنسانية ورحمة وكرامة.
وما فجر هذا الاستعصاء النفسي لالتحاق الجزاىٌر بموجات الربيع الديموقراطي ،جرعة الاهانة والبؤس وضبابية المستقبل السياسي والفقر وعجز الدولة على تسيير ملفاتها الاجتماعية والإدارية والأمنية وشكل الدولة والذي ما هو بالجمهوري ولا بالملكي ولا بالجملكي ….

كاسة البشير مونبليي. 27/03/2019

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× GIL24 sur WhatsApp