مــن وحــي ” قــفـــة رمـــضـــان ” وحــكــايــة .. بــلــد غــنــي .. يــســكــنــه الفــقــراء

وجـــدة . مــحــمــد ســعــدونـــــي

قفة رمضان التي أمر بها العاهل المغربي تعد بادرة محمودة لمساعدة الفقراء والمحتاجين من الشعب المغربي، وهي وإن كانت غير كافية إلا أنها  تستحق منا كل الشكر والامتنان، مما يتطلب معه تكثيف الجهود – آنيا ومستقبلا –  بأن  يـُشـمـر كل مواطن ومسؤول ومنتخب عن سواعدهم بوطنية بصدق وأمانة حتى يتحقق ” الصَّــحُّ ” وتتقوى التنمية الشاملة،  ويعم الخير على الجميع بالعدل والقسطاس، بعدها يمكن أن نتخلص من  قـفة صداع الرّاسْ،  وتأويل الوسواسْ، ونفوت الفرصة على ” الطابور ْ الخامسْ النَخّــاسْ”.

مناسبة هذه المقدمة هو للرد  – وعلى وجه الخصوص – على أبواق كبرانات فرنسا في الجزائر، والتي ما زالت تثير عملية توزيع قفة رمضان التضامنية في المغرب، وتعيرنا بأننا شعب فقير متسول، بخلاف الشعب الجزائري الأبي الحر (…) والذي يضطر إلى  هدر نصف نهاره لاقتناء ” شكارة حليب غبرة “حتى أصبح مصطلح ” الطابور أو  “لاشينْ la chaine” يدخل ضمن استعمال الزمن  اليومي  للمواطن الجزائري ، وهكذا أضيف إلى أسماء الجزائر الثائرة الخالدة قبلة الثوار مصطلح بلد ” المليون ونصف المليون طــابـــور” بعدما نفخ فيهم الرئيس جمال عبد الناصر كذبة  بلد ” المليون ونصف المليون شهيد “.

لقد تابع المغاربة شطحة من شطحات المحنط بوتفليقة في  بداية أيام حكمه للجزائر (…)، وكان منتشيا بملايير الدولارات النفطية والغازية، عندما كان في مهمة  لتوزيع مفاتيح سكنات على بعض الجزائريين المنـتـقـيـن بدقة من ضمن ملايين ” الخاوة الزوالي “حينها خانته طبيعته الحسودة والحاقدة على المغرب فقال ( حْـــنــا نوزع ديورْ .. ماشي  لـَحـْـريرة )، بعدها فضحه الله وتبين  أن بوتفليقة جاء ليسرق البلاد، ولينتقم من الشعب الجزائري وليس من أجل الوئام والسلم، وطي صفحة العشرية السوداء.

صحيح أن قفة رمضان المغربية ما زالت تثير الكثير من النقاش والجدل والقيل والقال …، لكن وبمقارنتها مع قفة رمضان الجزائرية نستطيع أن نجزم أن قفتنا أحسن وأفضل وأكرم من قفة العسكر الجزائري الذي اقتبس منا الفكرة لكن بإخراج رديء، فعلى مرأى ومسمع كل العالم كان التدافع والفوضى والرفس والضرب والجرح أمام محلات توزيع القفة والتي تحتوي على مواد لا علاقة لها بمائدة رمضان الجزائريين ، وكان على الإعلام الجزائري المرتزق والمنبطح أن ينتقد هذه المأساة الإنسانية في الجزائر بدل من أن يتجاهلها ويصوب سهامه المسمومة نحو المغرب لتبخيس الهدف من عملية قفة رمضان في المغرب، والتشكيك فيها خاصة عندما يتعلق بمبادرة وطنية قام بها يهود مغاربة بادروا إلى توزيع معونات ومواد غذائية على فقراء مغاربة، بمناسبة شهر رمضان في ظروف عادية وفي جو من التضامن ، مبادرة استحسنها وتقبلها المغاربة بصدر رحب وبدون مركب نقص أو بحساسية دينية بالية،  إلا أن إعلام ” كبرانات فرنسا ” حاول استغلال هذه العملية إلى أقصى حد في محاولة لإثارة النعرات العرقية والسياسية بالصوت والصورة بين المغاربة، وفي محاولة لخلق الوقيعة بين الشعب والقصر، وأن قفة ” أهل الكتاب” هذه ما هي  إلا نتيجة من نتائج عودة العلاقات مع إسرائيل والهرولة نحو تل أبيب،  في حين أن  الجزائر لن تهرول ولن تطبع وهي مع فلسطين ” ظالمة  أو مظلومة” .

يقول المثل العـربي :” المعنى في جوف الشاعر “، وهذه المقولة تنطبق تماما على النظام الجزائري الذي نجح إلى حد بعيد في غسل دماغ الشعب الجزائري المطحون في قوته وحقوقه، حتى صور له أن كل الأزمات التي تعيشها الجزائر هي من تدبير أياد خارجية  تنشط في باريس وفي أمريكا وفي المغرب وفي تل أبيب، تتربص الدوائر بالجزائر قبلة الثوار ونصرة الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي، وحتى تمضي قرارات العسكر دون نقاش نحو الانتخابات الصورية المقبلة التي يفضها الحراك جملة وتفصيلا، لأن أنبل الأفكار كان مصيرها الفشل من   عهد “بوخروبة ” إلى ” تبون” وهكذا تستمر الانتهازية التي لا تفرق بين وضع بلاد أنهكتها حرب عشر سنوات وبين شعب فقير ما زال يتجرع المر،  لأن انتهازية  كبرانات فرنسا ” لا تبحث إلا عن مصالحها، ولا يهمها الدم المراق في العشر سنوات الماضية ، ولا بكرامة الشعب الجزائري المغبون والمفقر.. المغسول الدماغ، والذي يخفون عليه أن 40%  من بترول وغاز الجزائر يُـضَخُّ مجانا نحو فرنسا منذ سنة 1962، وأن العشرة الملايين من الجزائريين المقيمين في فرنسا يأخذون رواتبهم من الرأسمال اليهودي، وأن الآلاف من الجزائريين ( في بريس) يستفيدون من إعانات قارة من جمعيات ومؤسسات إسرائيلية بكل أريحية .  

فمن سوء حظ  الجزائريين التعساء أنهم أصبحوا مطالبين  مرة أخرى للتضحية وبدون مقابل بأن يقدموا – مرة أخرى – أعناقهم لكبرانات فرنسا ، للتغطية على الفشل السياسي ولاقتصادي للنظام العسكري الجزائري الفاشي ، وعلى منطقهم الداخلي والخارجي المعادي للمغرب .

بخلاف كل البلدان البترولية والغازية ( مع عدا النظم الشمولية )، هناك مفارقة غريبة في الجزائر، وهي أن نسبة الفقر والفاقة لا تتناسب إطلاقا مع نسبة مداخيلها، بل هناك مؤشر غريب يقول أن عدد البطالين والفقراء يزداد كلما ارتفعت مداخيل المحروقات، بوتفليقة ألغى مديونة عدة بلدان أفريقية من أجل أن يحافظ على أصواتهم وتأييدهم في قضية ملف الصحراء المغربية ، أما ” تبون ” فقد فضل عدم الاقتراض من صندوق النقد الدولي، لأن ذلك – وكما قال بعظمة لسانه – سوف يحرمه من التكلم والدفاع عن الشعب الصحراوي !!! وهكذا عرف الجزائري الحر والأبي أن ” النَــعـْـلَ ”  ( الصَّـنْـدالـة )التي تركها الإنفصاليون  المرتزقة من عصابة البوليساريو في منطقة  ” الكــركــرات ”  هي  أشرف وأنبل وأرفع من أي جزائري حر مهما علا شأنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× GIL24 sur WhatsApp