تقرير: مقتل شاب جزائري برصاص الأمن الفرنسي يشعل فتيل المواجهة بين الشعب والشرطة

مقتل قاصر بفرنسا.. تصاعد أعمال العنف ومخاوف من تزوير المحاضر

شهدت مدينة نانتير، ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، ليلة الثلاثاء- الأربعاء، أوقاتا عصيبة إثر خروج المئات للتنديد بمقتل مراهق من أصول جزائرية يدعى نائل (17 سنة)، على يد الشرطة الفرنسية رميا بالرصاص وسط الشارع العام.

وعرفت المدينة اشتباكات عنيفة وأحداث شغب تسببت في تخريب عدد من المباني العامة والخاصة ، بما في ذلك المدارس، وألحقت أضرارا جسيمة ومدمرة لبعض المرافق.

وامتدت أحداث العنف إلى عدة بلديات أخرى في Hauts-de-Seine و Seine-Saint-Denis و Val-de-Marl، حيث أحرق في مانتس لا جولي (إيفلين) ، مبنى بلدية مقاطعة فال فوري.

كما لوحظت بعض الاضطرابات وأعمال التخريب في المقاطعات ، في مولهاوس وديجون وبوردو، وسجلت وزارة الداخلية حرق حوالي 40 سيارة.

وأظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، رجلي شرطة وهما يوقفان سيارة الفتى قبل أن يطلق أحدهما النار من نافذتها عليه ويرديه قتيلا، في مشهد وصف بـ “الإعدام”.

وقال ممثلو الادعاء يوم الثلاثاء إن الشرطة أطلقت النار بعدما رفض الشاب الامتثال لأمر بإيقاف سيارته. وأضافت أن الشرطي أطلق النار عليه وتوفي بعد ذلك متأثرا بجراحه.

ويُظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي  شرطيين بجانب سيارة مرسيدس إيه.إم. جي، ويطلق أحدهما النار بينما كان السائق يبتعد.

وقالت مورنيا لبسي، وهي من سكان المنطقة وناشطة مناهضة للعنصرية، إنها تحدثت إلى أسرة الضحية وإن اسمه نائل ومن أصول جزائرية.

هذا هو ثاني حادث من نوعه في فرنسا هذا العام. ووفقاً للإحصائيات، فقد قُتل 13 شخصا في ظروف مماثلة عام 2022 مقارنة مع ثلاثة في عام 2021 واثنان في عام 2020، وكان غالبية الضحايا من السود  أو من أصول عربية.

أعرب عدد من نجوم الرياضة ومشاهير الفن بفرنسا، وفي مقدمتهم نجم منتخب “الديوك” كليان امبابي، عن استنكارهم لمقتل مراهق على برصاص الشرطة الفرنسية بأحد شوارع مدينة نانتير ضواحي باريس.

وقال امبابي، في تغريدة على تويتر، “أتألم مما يحدث في فرنسا، هذا الوضع غير مقبول”، مضيفا: “كل تفكيري مع أسرة نائل وأقاربه، هذا الملاك الصغير، غادرنا مبكرا”.

من جانبه، هاجم لاعب المنتخب الفرنسي الآخر، جول كوندي، تعاطي بعض وسائل الإعلام والصحفيين الفرنسيين مع الحادث المأساوي، مشيرا إلى أن بعضهم ذهب في تغطيته نحو “تشويه الحقيقة وتحميل الضحية المسؤولية”.

وأضاف مدافع نادي برشلونة في تغريدة له على تويتر، أعاد عدد من لاعبي منتخب “الديوك” مشاركتها، إن هذه الطريقة “قديمة لإخفاء المشكلة الحقيقية”، في إشارة منه إلى مشكلة العنصرية.

بدوره، أدان الممثل الفرنسي، عمر سي، مقتل الشاب البالغ من العمر 17 عاما، برصاص الشرطة عند نقطة مرورية بالقرب من باريس، قائلا: “تفكيري وصلواتي لعائلة نائل وأقاربه”، معربا عن آماله في قيام العدالة بـ”تكريم ذكرى الطفل”.

بدوره، قال لاعب فريق بايرن ميونخ الألماني، ماتيس تيل، على إنستغرام: كان عمرك 17 عاما، وعمري 18 عاما.. كلانا أتينا من ضواحي باريس.. أقول لنفسي بألم إنه كان من الممكن أن أكون أنا (ضحية الحادثة)”.

وثمة مزاعم ترافق الاحتجاجات التي واكبت مقتل الشاب،  مفادها إن  عناصر الأمن  دبجت تقريرا كاذبا تدعي فيه أن سيارة الضحية القاصر حاولت الاصطدام بها، وهو ما ينفيه بشكل قاطع محامو العائلة.

كما حاول ماكرون تقليد لاعبي كرة القدم والفنانين وعدد من المؤثرين، باستنكار الواقعة والتضامن مع الضحية، وتوجيه أصابع الاتهام للشرطة، معتبرا ما حدث “غير مقبول” وبأن العدالة تصرفت بشكل فوري، وهو ما اعتبرته نقابات الشرطة استهزاء وخرقا لمبدأ فصل السلط واستقلال العدالة، عبر إدانة رجال الشرطة المتهمين قبل إصدار القضاء حكما في المسألة.

و أعلن محامو عائلة الضحية أنهم سيرفعون شكوى “بالقتل العمد” ضد الشرطي الذي أطلق النار وأخرى بتهمة “تزوير المحاضر العمومية”.

وفي هذا الإطار فند شريط الفيديو المتداول للحادث مزاعم الشرطة بمحاولة الضحية الذي كان على متن سيارته دهس احد عناصرها، مما إضطره إلى إطلاق النار على الشاب القتيل دفاعا عن نفسها

فالفيديو الذي انتشر بوتيرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر إطلاق الشرطي الفرنسي النار على الشاب الذي كانت سيارته متوقفة، قبل أن يلوذ بالفرار بعد أن تلقى 3 رصاصات، ليلفظ أنفاسه الأخيرة على بعد أمتار من موقع الحادث.

وتصاعدت حدة العنف بفرنسا جراء إندلاع إشتباكات بين قوات حفظ النظام، والمحتجين على ما وصف  بجريمة قتل نفذتها الشرطة الفرنسية، في حق قاصر في السابعة عشر من عمره، وثقتها عدسة كاميرا أحد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفضى الحادث  إلى احتجاجات عارمة،  بعد تداول شريط الفيديو الذي يظهر عملية إطلاق النار التي اودت بحياة الشاب الذي كان على متن سيارته،  حيث خرج شباب من حي الضحية للاحتجاج قبل أن تمتد هذه الاحتجاجات  إلى أحياء أخرى  في نانتير وكليشي سو بوا … مما أدى إلى إندلاع أعمال العنف في ضواحي العاصمة الفرنسية، أحرق خلالها المحتجون صناديق القمامة والسيارات وقامو بقذف العديد من المنشآت بوابل من الشهب النارية مما تسبب في تسجيل خسائر مادية جسيمة.

ورغم إستنكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من السياسيين والمشاهير من أمثال نجم المنتخب الفرنسي كيليان مبابي الحادث إلا أن أعمال العنف تواصلت وقد تتسع دائرتها في الساعات القادمة.

وفي محاولة لإحتواء الوضع تمت تعبئة ازيد من 2000 من عناصر الشرطة والدرك خصوصا بعد دعوة والدة الضحية المحتجين  إلى القيام بمسيرة بيضاء نحو موقع الحادث بضاحية نانتير في باريس التي ينتمي إليها القتيل.

من جانبها لم تتقبل النقابات الرئيسية للشرطة الفرنسية، تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء إليزابيث بورن، أدانا مقتل الفتى المراهق نائل برصاص الأمن في أحد شوارع مدينة نانتير ضواحي العاصمة باريس.

وأعربت النقابات في بيان، عن غضبها وعدم فهمها لهذه التصريحات التي أدانت زميلهم، مشددة على ضرورة افتراض البراءة إلى حين انتهاء التحقيقات، وأكدت أنه لا يمكن تصور أن رئيس الجمهورية، مثل بعض القادة السياسيين أو الفنانين أو غيرهم، يستهزئ بفصل السلطات واستقلال العدالة، من خلال إدانة زملائنا حتى قبل النطق بالحكم.

وأوضحت نقابات: التحالف ، ووحدة شرطة SGP ، وضباط التآزر ، والشرطة البديلة CFDT أن ملاحظات مثل “لا يمكن تفسيره”، “لا يغتفر” تخالف تصريحات ماكرون بكونه يدعم الشرطة.

وأكدت النقابات أن الشرطي المتهم بقتل الفتى له الحق في افتراض البراءة مثل أي مواطن، وعلق التحالف قائلاً: “إنه ليس فوق القانون ولا تحت القانون”، مشددا على أن “وقت التحقيق ليس وقت الانفعال!”.

وأصرت النقابات في بياناتها الموجهة أساسا إلى الرئيس الفرنسي على “افتراض البراءة” الذي “ليس خيارًا بل هو القانون”. ووصف الاتحاد بأنه “غير لائق” “التعافي السياسي ، وردود فعل بعض الفنانين ، وحتى الرياضيين في مواجهة هذه المأساة” ، معتقدين أنهم “يشجعون (لديهم) كراهية ضد الشرطي”.

الجزائر وعلى لسان شرطتها، بما أن المغدور ينحدر من اصول جزائرية، أن “الأحداث ، مهما كانت مأساوية ، لا يمكن أن تكون سببًا أو سببًا للعنف الحضري غير المبرر الذي سيعاني منه جميع إخواننا المواطنين”.

وجدير بالذكر أن شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشهد منذ فترة انخفاضا حادا بسبب الأزمات التي تسبب فيها وجر إليها بلاده، خصوصا بعد تمريرها إصلاح نظام التقاعد الذي سبق له أن أكد عدم المساس به.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى