عمر المناضل الذي لازال حيا في قلوب شرفاء الوطن.

الطيب الشكري

عندما يأذن ديسمبر بالدخول تلوح في الأفق ذكرى تحمل كل معاني النضال الصادق الممتد لعقود من الزمن السياسي الوطني حين كانت السياسة تمارس بشرف وبصدق وبانتماء حقيقي لا يخضع للمغريات وينتصر لروح الإنتماء الوطني قبل الحزبي، ديسمبر ورغم برودة طقسه تدفئه لحظة استعادة أحد رموز العمل السياسي الوطني والقومي الذي آمنت به الجماهير الشعبية وساندت اختياراته التي كان يخشاها الجميع ويحترمها الجميع، نستعيد اليوم ونحن نعيش وضعا سياسيا ملتبسا.

ذكرى إغتيال الشهيد عمر بن جلون وهي الذكرى التي تؤرخ لمسيرة نضالية وسياسية لن يكررها الزمن السياسي الوطني على الأقل في وقتنا الحاضر، مسيرة سياسية نستلهم منها مباديء الصدق والوفاء والنضال السياسي الحقيقي المرتبط بالجماهير الشعبية التي ينتصر لمطالبها المشروعة، مسيرة سياسة امتدت خارج الوطن حيث الشهيد عمر مدافعا شرسا عن قضية الوحدة الترابية للوطن عندما كان البعض يقايض من أجل مكاسب شخصية.

فكانت قضية الصحراء قضية مقدسة لدى الشهيد عمر الذي كتب في هذا الشأن ” لسنا هنا في حاجة إلى التذكير بأننا لبينا نداء الواجب منذ أول وهلة، وبدون تردد وأننا ساهمنا بآرائنا وبتحركاتنا وبرصيدنا في الداخل والخارج، من أجل استرجاع صحرائنا المحتلة، إيمانا منا بأن القضية هي قضية المغرب كله، قضية الأجيال السالفة واللاحقة، القضية التي يجب أن نتجاوز فيها جميع الاعتبارات والاختلافات المذهبية”، وكذا مرافعا متمرسا عن القضية الفلسطينية التي لم تغب قط عن اهتمامات الشهيد الذي حملها في فكره وعقله وفي وجدانه مدافعا عنها بشراسة ودون كلل ولا ملل وكتب في شأنها عدد من المقالات والمرافعات التي تفضح الصهيونية المتطرفة التي استباحت أرض فلسطين.

نستعيد كأجيال ذكرى اغتيال الشهيد عمر بن جلون لنقول لكل من كان وراء عملية الاغتيال الجبانة من مخططين ومنفذين ومباركين أنكم ورغم نجاحكم في جريمتكم باستهداف مناضلا أعزلا سلاحه الفكر والقلم والدفاع عن المظلومين والإنتصار لقضايا الوطن والأمة فقد فشلتم فشلا ذريعا في إقتلاع إسم الشهيد ومواقفه النبيلة الوطنية، العربية والقومية من وجدان وعقول أحرار الوطن الذين يستعيدون يوم 18 دجنبر من كل سنة ذكرى اغتياله.

فالفتى الذي رأى النور في أقصى مدن الشرق عين بني مطهر أطر وواكب مآت الآلاف من الشباب والقادة السياسيين بحب وانتصار لقيم المواطنة الحقة في بعدها الوطني والإنساني وسيضل إسم عمر حاضرا متلألأ ومزبلة التاريخ ستحتويكم بجرمكم وجبنكم فأنتم لم تقتلوا عمر فقط بل أردتم قتل وطن بأكلمه خدمة لأجندات خارجية لكن مشيئت الرحمان ومعها قوة نضال وصمود قوى اليسار وأحزاب الحركة الوطنية ورجالاتها كانت أقوى من كل دسائسكم،

فيكفي اليوم ونحن نحي ذكرى الشهيد عمر بن جلون أن لا أحد يذكركم بل يمقتكم بكل ما في الكلمة من معنى، ليس لأنكم اخترتم الاصطفاف مع جماعة لا تأمن بالرأي الآخر، بل لأنكم اخترتم الغدر والخيانة كمنهج وأسلوب لتصفية خصومكم فكانت جريمتكم شاهدة على خبثكم وجبنكم من مقارعة الفكر بالفكر والكلمة بالكلمة، فدم الشهيد عمر سيلاحكم في كل مكان وأينما كنتم، فيكفي أن عمر لازال حيا في قلوب شرفاء هذا الوطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى