المملكتان التوأمان وانتقام الديموقراطية

د.كاسة البشير مونبليي

بالنظر الى الأزمة الديبلوماسية الحالية بين المملكتين المغربية والسعودية وغياب معايير التقييم السياسي للوضع السياسي العربي الاسلامي وخوف النخبة المثقفة من التعبير عن اراءها بحرية تفاديا للتصفية السياسية و دخول بعضهم بيت الطاعة إذ لزموا مربطهم وسلموا ذاكرتهم وتسلموا شعيرهم. فانه يتعذر توضيح سيناريو الأزمة ومالاتها على الوطن العربي .
المغرب والسعودية تربطهماعلاقات تاريخية وأسرية ورمزية دينية قوية واتفاقيات عسكرية وسياسية ودفاع عربي مشترك ،وأن الجيل القائد فيهما ينتمي الى الموجة السياسية الثانية لما بعد الاستعمار ،شباب سياسي واعد ،ثقة في السياسة والتغيير ،استثمار اقتصادي استراتيجي ضخم ،شرعية و مشروعية سياسية ،شعب غالبيتة ما تحت العشرين سنة ومتعلم ،بلاد منظمة ومرتبة ومدمجة معلوماتيا …فأين هو موطن الأشكال ؟ وأين هو نذير الأزمة ؟ ماذا يجري وما هي المواقف الرئيسية وراء هذه الأزمة والاحتقان السياسي بين المملكتين التوأمين ؟
أتى الربيع الديموقراطي على الجمهوريات العربية فنال من الجيل القديم وغير وجه السياسية والنخبة، فما بعد سنة 2011 تغير وجه العالم العربي ، فرار واعتقال وإعدام لرؤساء عمروا سنينا في الحكم ، حروب أهلية في سوريا واليمن وليبيا، انبطاح كامل لجيوب المقاومة للغرب المتعجرف وتغول ايران والكيان الصهيوني في المنطقة .
كانت المعالجةالسياسية والفكرية للربيع الديموقراطي داخل الدول العربية ذات النظام الملكي مختلفة حيث تجاوبت الملكة المغربية مع المطالبة بالتغيير بخطاب مارس حيث ادخلت إصلاحات دستورية كبيرة على شكل الملكية واختصاصاتها ودمقرطة الحكامة والمصالحة بين الفرقاء السياسيين واغلاق ملف حقوق الانسان وتعويض الضحايا والاحتكام الى صناديق الاقتراع والتوسيع من اختصاصات رئيس الحكومة، والمهم ان ملك المغرب يتمتع بشخصية هادىءة ومزاج متزن وتكوين سياسي ناضج وموثوق ومختبر مرورا بالمدرسة المولوية والتكوين الجامعي وولاية العهد حتى مبايعته على رئاسة المملكة بعد وفاة والده .الى جانب المشاريع الكبرى داخل المملكة وإفريقيا والتي غيرت وجه المغرب وكدا الدفاع على مصالح المغرب وإبداء مواقفه المواطنة سواء لشريكه الأوربي او الامريكي او الروسي.
بعد وفاة الملك عبد الله وتولي أخيه سليمان الحكم وازالة محمد بن نايف وتولية محمد بن سلمان في ولاية العهد ومباشرته إدارة المملكة بطرح روية 2030 والدعوة الى مؤتمر اقتصادي عالمي بالرياض وذهابه للحرب في اليمن ومواجهة موجة الربيع الديموقراطي باعتقال المعارضة وارسال فرق الموت لتصفية واغتيال المثقفين والصحفيين والمعارضين بالخارج ،والامر ّوالادهى ان كل الإصلاحات الداخلية تمت على حساب ضحاياه المقربين وحقوق المواطنين ولحساب إصلاحات سياسية واقتصادية لدولة اجنبية اخرى بدعوى حمايته من عاصفة الربيع الديموقراطي وابقى للمواطن الطواف بالكعبة وقيادة السيارة والذهاب الى السينما والاستماع الى الموسيقى .
اما اذا رجعنا الى شخصيته فان تكوينه بجامعة الملك ال سعود وعدم نجاحه في إدارة مشاريعه الاقتصادية وساديته المفرطة واعتداءه على أفراد عائلته وابتزازه للمستثمرين بدعوى استرداد المال العام ثم حجب اخوته على الاحتكاك بأبيهم
وتعريض ثروة المملكة العربية السعودية للاخطار وتقديم الرشاوى للغرب .
الأشكال ان المعالجة الفكرية والسياسية للربيع الديموقراطي مختلفة للمملكتين بين ملك رشيد مواطن وملك صبي متهور .

16/02/2019

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى