من قضايا الماء بواحة فكيك : مسالة الاعتراف بالحقوق المكتسبة على الملك العام المائي من خلال القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء.

تعود مجموع النصوص القانونية الاساسية المتعلقة بالماء الى العقود الاولى من القرن العشرين ظهير فاتح يوليوز 1914 المنظم للملك العام للدولة, ظهير 28 يوليوز 1918 المتعلق بالملك القروي ظهير فاتح غشت 1925 في شان نظام المياه وبعد سنوات طويلة من الانتظار وبتاريخ 16 غشت 1995 اصدر المشرع المغربي القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء ثم بعده القانون رقم 36.15 الصادر في 10 غشت 2016.
لقد مر تنظيم الماء بالمغرب عبر عدة مراحل ليصل الى الصيغة الحالية التي تحكمت في بلورتها عدة عوامل اقتصاد ية واجتماعية وسياسبة وحفاظا على السلم والامن الاجتماعيين ونظرا لارتباط المغاربة بالارض والماء فان المشرع استثنى من الاملاك العامة المائية الحقوق التي تم الاعتراف بها للافراد من قبل الادارة او ما ثبت لهم من هذه الحقوق طبقا لعقود ملكية او الفقه الاسلامي والاعراف المحلية. ذلك ما سنتطرق اليه بشيء من التفصيل في هذا المقال من خلال عدة عناصر بهدف تعميق النقاش حول موضوع الماء عموما و الدفع الى النظر اليه من عدة زوايا ومنها الزاوية القانونية.

اولا : الملكية العامة للماء في التشريع المغربي بين المبدا والاستثناء.


اغلب مدونات الماء في العالم تجعل الماء ملكا عموميا لا يجوز ادعاء اكتساب ملكيته بالتقادم ولا التصرف فيه ولا حجزه وقد سار المشرع المغربي على هذا النهج حين تبنى مبدا الملكية العامة للماء في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء والتي تنص على”الملكية العمومية للمياه باستثناء تلك التي عليها حقوق تاريخية معترف بها بصفة قانونية ‘‘ كما اقتفى صراحة اثر الظهاءر الشريفة (ظهير فاتح يوليوز 1914 المنظم للملك العام للدولة والذي حدد مكونات الملك العمومي التي لايسوغ لاحد ان يتفرد بتملكها كمجاري المياه والابار الارتوازية والبحيرات والترع… الخ ولم يجعل كل المياه املاكا عامة اعتبارا لاصحاب الحقوق بل ترك الامر للتعديلات اللاحقة — ظهير 28 يوليوز 1918 المتعلق بالملك القروي الذي اعتبر المياه التي يشربها الناس او التي هي معدة لتوريد الماشية وكذلك الاجهزة المعدة لذلك ضمن الملك العمومي — ظهير فاتح غشت 1925 في شان نظام المياه الذي حدد المعايير والانظمة التي يجب العمل بها لاستغلال الماء بالمغرب وقرر انه لا يجوز لاي كان استغلال المياه الا بموجب رخصة او امتياز — القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء حيث كانت المادة الاولى من هذا القانون تنص على ان: ‘‘الماء ملك عام ولا يمكن ان يكون موضوع تملك خاص مع مراعاة مقتضيات الباب الثاني بعده… ‘‘ الذي خصصه للحقوق المكتسبة على الملك العام المائي.

ثانيا : شروط الاعتراف بالحقوق المكتسبة على الملك العام المائي.


يعترف القانون الحالي رقم 36.15 المتعلق بالماء على سبيل الاستثناء بامكانية وجود مياه عليها حقوق تاريخية معترف بها بصفة قانونية وذلك في الفقرة الثانية من المادة الثانية.
كما ان المادة السادسة من الباب الثاني من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الصادر في 16 غشت 1995 كانت تنص على انه: “يحتفظ بحقوق الملكية او الانتفاع او الاستغلال التي اكتسبت بصغة قانونية على الملك العام المائي قبل صدور الظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 (فاتح يوليوز 1914) في شان الملك العام والظهير الشريف الصادر في 11 محرم 1344(فاتح غشت 1925) في شان نظام المياه كما وقع تغييرها وتتميمها… الخ).
و تنص نفس المادة في فقرتها الثانية على ان الملاكين او الحائزين الذين لم يودعوا بعد في تاريخ صدور هذا القانون لدى الادارة مطالب تستند الى وجود هذه الحقوق يتوفرون على اجل خمس سنوات للمطالبة بها‘‘
و في فقرتها الاخيرة تنص نفس المادة على انه عند انقضاء هذا الاجل لا يمكن لاي كان ان يدعي اي حق على الملك العام المائي ‘‘
اما المادة السابعة من الباب الثاني من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء فقد كانت تنص على ان ‘‘ الاعتراف بالحقوق المكتسبة على الملك العام المائي يتم بمبادرة من الادارة ومن قبلها او بناء على طلب المعنيين بعد اجراء بحث علني طبقا للشروط المحددة بنصوص تنظيمية ‘‘.
واذا كان القانون الحالي المتعلق بالماء قد نسخ جميع مقتضيات القانون السابق عليه – اي القانون رقم 95.10 المتعلق بالماء الصادر في 10 غشت 1995 – الا انه احتفظ في مادته 155 بمقتضيات المادتين السادسة والسابعة من الباب الثاني المشار اليها اعلاه وجعلها سارية المفعول بالنسبة لطلبات الاعتراف بالحقوق الخاصة المكتسبة على المياه التي تم تقديمها — اي الطلبات — بشكل قانوني في الاجال المحددة في الباب الثاني السالف الذكر.

ثالثا : خلاصة واستنتاج


ان مسالة الاعتراف بالحقوق المكتسبة على الملك العام المائي تقتضي :
— ان تكون تلك الحقوق (حق الملكية – حق الانتفاع او الاستعمال…) قد اكتسبت بصفة قانونية قبل صدور ظهير 1914 و ظهير 1925.
— او ان تكون تلك الحقوق ثابتة لاصحابها طبقا لعقود ملكية ولقواعد الفقه الاسلامي والاعراف المحلية.
— ان تكون تلك الحقوق معترف بها من قبل الادارة المعنية وبعد بحث تجريه الادارة من تلقاء نفسها او بطلب من المعني بالامر (مدعي وجود حقوق مكتسبة).
— للمالكين لهذه الحقوق او للحائزين لها اجل خمس سنوات من صدور القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء لايداع مطالب بوجود هذه الحقوق(ايداع طلب لدى الادارة المختصة) .
— وفي حالة انقضاء الاجل( اي خمس سنوات) دون القيام بهذه الاجراءات لا يمكن لاي كان الادعاء بوجود حق مكتسب على الملك العام المائي.
اما بخصوص وسائل الاثبات فانها ليست مطلقة فشهادة الشهود مثلا مستبعدة ولا تقبل بهذا الخصوص.
والنتيجة ان كل شخص لم تثبت له هذه الحقوق طبقا لعقود ملكية مثلا والاعراف المحلية اولم يتبع هذه الإجراءات ولم تعترف له الادارة المعنية بملكيته لحق مائي لا يعتبر مالكا له.
والله ولي التوفيق

بقلم محمد اعمر

موعدنا ان شاء الله مع موضوع اخر وقضية اخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى