ليبيا بين بذخ المترفين والمرموقين ومعاناة المعوزين

الدكتور عبد المنصف البوري – طرابلس/ليبيا

من يعيشون حياة البذخ والترف ورغد العيش، تحولوا فجأة الى مترفين، ومرموقين ينامون على أكداس من الأموال التي أصبحت عندهم اغلى من الوطن والمواطن، “هؤلاء” الذى هيمنوا على السلطة والمال والمليشيات العسكرية بمختلف مسمياتها لا يعلمون أن هناك في ليبيا من يتجرعون مرارة الجوع والمعاناة، ولم تعد هناك مفأجاة عند بعض المرموقين وأبنائهم والمترفين كل مظاهر التجاهل وعدم الاحساس والشعور بما يعانيه المواطن الليبي من شظف العيش وتردي الخدمات وكافة أشكال المعاناة اليومية للبقاء على الحياة، ولا كم هناك من الشباب العاطل عن العمل ولا كيف يعيش المعاقين ومدى يأسهم من محيطهم وربما من مجتمعهم.

بينما يتم الانفاق على حفلات واعراس المترفين والمرموقين وأبنائهم ملايين الدينارات والدولارات في داخل ليبيا وخارجها، حفلات باذخة في مصر ودبي وغيرها من المدن والعواصم العربية والأجنبية فضلاً عن المباهاة بقصورهم وسياراتهم الفارهة وتوزيع الهدايا على المداحين والمنافقين.

لقد اصبحت مظاهر الترف تفوق الخيال، حفل لاحد ابناء المرموقين في صالة بمدينة بنغازي يكلف 5 مليون تكريما للفنانين والفنانات، واخر يشترى صقر بمليون دولار، وحفل في أحد فنادق طرابلس يقام لاختيار ملكة جمال ليبية، ونسى كل هؤلاء المترفين والمرموقين أن بعضهم قد بنوا مجدهم وسلطاتهم وحاربوا بأولاد الفقراء، وبالمحتاجين والعاطلين من أبناء القبائل من الجهلة المخدوعين .

فى الحقيقة إنه لايفسد المال عند المرموقين والمترفين الذين لم يحصلوا على هذه الاموال والملايين بالطرق الشرعية وبالتالى فان البذخ يتم في حفلاتهم واسترحاتهم أو فى صالات افراح أو فنادق، وفى كثير من الاحيان بمناسبات اعتيادية لا تحتاج إلى أموال طائلة تنفق على موائد فاخرة ومطربين ومطربات من مختلف الجنسيات، بينما هناك في الوطن قصص وحكايات حزينة لاتجد أذان صاغية ولاقلوب رحيمة إلا قليلاً من أهل البر والخير، فهناك من يبحث عن كسرة خبز له ولأطفاله فلا يجدها، وآرامل تعول اطفال صغار في حاجة إلى رعاية واحتياجات معيشية، ومرضى لايستطيون شراء الدواء، وهناك من يعيش في سيارته مع اسرته في ظل ظروف لايعلمها إلا الله، وسيدة مع 3 بنات أحداهن معاقة تبيت بالمساجد، وأخرون لا يجدون سكن يؤيهم بسبب عدم توافر المال، بينما المرموقين والمترفين ينعمون ويمارسون البطر والبذخ بصورة تؤلم النفس وتثير الشفقة على أحوالهم التي خرجوا فيها إلى العلن للتباهي بذخاً وإنفاقاً ودون مرعاة لشعور وعوز الأخرين من أبناء الوطن.

هذه الحالة التي يعيشها المعوزين لا تعود إلى كون أن الثروات الوطنية في ليبيا قد نقصت أو تراجعت، وإنما يعود بالأساس إلى الازدياد المطرد لثروات قلة من المرموقين والمترفين على حساب غيرهم من أبناء الشعب الليبي، ولم يعد يخفى على أحد أن اختلال ميزان العدالة الاجتماعية بشكل مفضوح من المترفين من مدنيين وعسكريين هم من يجب أن يتحمل المسؤولية ويكونوا بالفعل قادرين وعلى الاستعداد للقيام بواجبهم والوفاء بجزء منها عن طريق إسهامهم في تطوير المجتمع الليبي وتغييره والنهوض به.

إن الشعب الليبي يحتاج إلى وعي جديد من أجل تصحيح الكثير من الممارسات الخاطئة والعادات التي اضرت وسوف تضر به على المدى البعيد من خلال التفاوت الطبقي، فالامر يحتاج ايضاً إلى جرأة يتم بها تصحيح هذا الواقع الظالم والتفكر في كل الممارسات التي يتم الانفاق عليها الكثير من الامول والثروات وتهدر فيها المقدّرات .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى