كــــــورونـــــا : الــــــمـــغـــــربُ يَـــسْــــــتـــــمـــيـــــتُ و” الـــــفـــــيـــــروسْ يــَـــتــــــمــــدّدُ والــــــجــَـــهـْـــــلُ يَــتـــجــــدَّدُ ( الحلقة 2)

مـــحـــمـــد ســــعــــــــدونـــــــــي.

منذ 4 أشهر شَـنـّتْ علينا ” جائحة كورونا ”  حربا بدون هوادة وبدون سابق إنذار، وبدون اعتبار للأوطان والأجناس والأديان، فرضت علينا الانزواء في منازلنا كإجراء وقائي للدفاع عن أنفسنا وأرواحنا في زاوية الحجر الصحي،  حرب مست  الجانب الصحي والجانب الاقتصادي والجانب الاجتماعي ، فزيادة على الوهم الذي انتشر بين الناس وتحول إلى النصف المكمل للوباء  pandémie  ، وكما يقول المثل”( في المستنقعات تنمو الطحالب)، فقد انضم إلى كورونا “فيروسات” بشرية بتزامن مع هذه المحنة همها إشاعة الوهم والدجل والإشاعة، بخطاب ديماغوجي ديني بالي وسطحي، انطلاقا من أحزمة الفقر والبؤس والجهل من خارج التاريخ والجغرافيا. “كـــورونــا ” عكست بوضوح مواقف المغاربة بين جاد  ومستهتر وانتهازي .. وآخرون ما زالوا متشبثين بالخطاب الديني الجامد والذي يرفض ويعارض أن يحل الطبيب محل الداعية  والمصلح الديني (…)، لسان حالهم  أن الفرار من الوباء غير مجد لأنه قدر مقدّر ومرتبط  بالمشيئة الإلهية فيما أصاب العالمَ من هذه الجائحة.

– كــــــورونــــــــــا المُــــــظــفـَّـــــــرَة وأوروبــــــا المُـــدمَّــــــرَة :

بــعد الصين التي هدأ فيها الوباء ، وفي غياب لقاح فعال ضدها ، تستمر كورونا في حصد الأرواح البشرية في أوروبا بشكل مكثف ومهول ومخيف، حتى أن مصدرا صحفيا وحسب ما جاء في قصاصة أخبار قناة عربية  قال :” إن “كورونا قتلت عشرة أضعاف الرقم الذي صرحت به السلطات الإيطالية، وأشار نفس الخبر إلى أن “كلّ الدول الأوروبية تعيش اليوم حالة من الهستيريا وجميعها فرضت الحجر الصحي على المواطنين بقوة القانون والجيش وإلزامهم بالبقاء في المنازل  خوفا من هذا الفيروس الفتاك.

وكما يقول المثل :” تذهب السكرة وتحل الفكرة ” فقد استفاق الأوروبيون وخاصة الإيطاليون من أكذوبة الوحدة الأوروبية ووحدة العملة والمصير المشترك والأمن المشرك، والأمن الصحي الذي هو جزء من الأمن السياسي والعسكري لجموع أوروبا(…)، عندما كان الإيطاليون يواجهون مصيرهم بمفردهم عدوا صامتا يحصد الأخضر واليابس، يقتل المئات في اليوم الواحد، حتى أن القوات المسلحة اضطرت للتدخل لجمع وحمل الجثث المتراكمة في المستشفيات …

رب ضــــــارة نـــــــافـــــعــــــــة :

فالصين التي ذاقت مرارة غزوة  ” كــــوروانــا ” وما ترتب عنها من نتائج صحية واجتماعية واقتصادية، فقد سارعت إلى تقديم يد العون والمساعدة بعدما حاصرت الوباءَ على أراضيها، وهي المبادرة التي كان وقعا كبيرا  في نفوس الإيطاليين. يقول أحد المتتبعين 🙁 ومن شدة الألم والحسرة قام الإيطاليون في مدن مختلفة بإنزال علم الإتحاد الأوروبي ورفع علم دولة الصين مكانه، .قبل هذا كانت  التشيك الدولة العضو في الإتحاد الأوروبي أيضا قد صادرت شحنة تقدر ب 100 ألف كمامة ومعدات التنفس الاصطناعي أرسلتها الصين کمساعدة لإيطاليا .استولت علیها عندما نزلت الطاٸرة في التشیک للتزود بالوقود) ،
ويقول مدير مؤسسة الإبداع السياسي (فوندابول) دومينيك رينيه : “( إن الأزمة الصحية الحالية هي بالأحرى أزمة دول أوروبية تريد الحفاظ على سيادتها الكاملة. لهذا السبب، يبدي الجميع عدم استعدادهم للتضامن مع الآخرين. فقد أنشأت هذه الدولُ الاتحادَ الأوروبي بهدف التعاون فيما بينها وليس للتضامن”)، والنتيجة أن التيارات اليمينية والمتطرفة في إيطاليا وفي بلدان أخرى من الاتحاد الأوروبي، المنادية بالعودة إلى الدولة الوطنية والعملة الوطنية سوف تكتسح الشارع والساحة السياسية .

من جهة أخرى،  الصين سارعت إلى إرسال معونات ومساعدات طبية واستشارية إلى المغرب، وفعلا قبلها المغرب بدون تحفظ  أو شروط، لأن العلاقات القائمة بين المملكة المغربية والصين الشعبية مبنية على الصداقة والمصالح  المشتركة، وهو ما تشي به مؤسسات ثقافية وعلمية قائمة في الصين الشعبية التي تحمل اسم الرحالة المغربي العالمي الشهير ابن بطوطة والذي وصل إلى الصين في القرون الوسطى، والذي وضعه امبراطور الصين آنداك في مرتبة سفير للإمبراطورية المغربية وأحسن تكريمه، ومن مهازل السياسة و” الغيرة  والحسد” فقد صرحت وزيرة الثقافة الجزائرية في حكومة  “تبون” مليكة بن دودة بدون خجل ولا استحياء :(” أن  ابن بطوطة شخصية جزائرية ، وبما أن المغرب لا تاريخ له ، فإنه ينسبه إليه كل ما هو جزائري، ومن ضمن هذا الكل شخصية هذا الرحالة العالمي ابن بطوطة، إلى جانب  مهرجان  كــــناوة الجزائري الأصل “… ).

فقد أصبح المغرب يعي جيدا أن الصراع ضد ” وباء كورونا جده الجد، وهزله الجد، وما يبعث على الاطمئنان والارتياح هو هذه الهبة الجماعية والمباركة التي بادر بها المغاربة للتصدي لهذا الوباء الطاعوني ، وتجند كل المغاربة الغيورين إلى جانب أهل الاختصاص وحماة الأمن والحدود للحد من انتشاره ومحاصرته في مواقعه التي وصل إليها، وكشهادة حية من هذا المنبر وحتى لا نترك المجال للآخرين  لكي يتاجروا اقتصاديا ويستغلوا  – سياسيا ودينيا – المخلفات الاجتماعية والنفسية لهذه الجائحة التي أيقظتنا من سباتنا وغفلتنا، وأججت فينا الحس الوطني والتضامني ملكا وشعبا، بعدما كنا  ندد بغلبة الأنانية عند  بعض المسؤولين والميسورين وعدم التفاتتهم لمساعدة الفقراء وأهل الخصاصة، وهم الذين ألفوا حلاوة السلطة والجاه والنفوذ  في خضم الأزمات ( الجفاف …)  ، أما اليوم فلا خيار لهم إلا الانخراط في الوطن أو الرحيل منه .

 -يـــتـبــع –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى