لقاء حاسم بالرباط: الهيئات النقابية للصحافة تندد بـ”تراجع” مشروع قانون 25/26 وتطالب بإعادته إلى طاولة الحوار

الرباط، 07 نوفمبر 2025

في خطوة تعكس تصاعد التوترات حول مستقبل التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، عقدت الهيئات النقابية والمهنية الرئيسية في قطاع الصحافة والنشر لقاءًا مفتوحًا صباح اليوم الجمعة مع الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد والزين، بالمقر المركزي للحزب في الرباط.

جاء اللقاء رفضًا صريحًا لمشروع القانون رقم 25/26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي وُصف بأنه “تراجع فاضح” يقوض مبادئ الدستور والتعددية المهنية.

حضر اللقاء وفدًا من كل هيئة نقابية ومهنية، يتقدمه رؤساؤها وكتابها العامون، بما في ذلك النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (UMT)، النقابة الوطنية للإعلام والصحافة (CDT)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني. كما شارك أعضاء من المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، في جلسة ركزت على “التجاوزات” التي يفرضها المشروع على استقلالية المجلس الوطني للصحافة.

في عرض ترحيبي، أكد الأمين العام محمد والزين التزام حزبه التاريخي بدعم الحريات العامة، مشيرًا إلى “التفاعل المستمر” مع المقترحات المهنية منذ إصدار ظهائر الحريات في 1958. ومن جانبهم، قدم مسؤولو الهيئات تحليلًا مفصلًا للسياق العام للمشروع، موضحين أسباب رفضهم له. وفقًا لما أوضحوه، يخالف القانون مبدأ المشاركة النقابية المكرس في الفصل 8 من الدستور، ومبدأ التعددية والتمثيلية العادلة المنصوص عليه في الفصل 11. كما يهدد جوهر التنظيم الذاتي القائم على الاستقلالية والديمقراطية، من خلال اعتماد آليات اقتراع مزدوجة: الانتخاب الفردي للصحافيين، والتعيين عبر الانتداب للناشرين، مما يُعتبر “مقاربة رأسمالية” تشرعن الضبط وتقوض الشفافية والمناصفة.”

هذا المشروع يمس جوهر العمل الصحفي وروح الديمقراطية”، قال أحد المشاركين، مشددًا على تعارضه مع مدونة الصحافة والنشر، أعراف المهنة، والتزامات المغرب الدولية في مجال الحريات النقابية وحقوق الإنسان. وأبرز الوفد استغرابهم من تقديم المشروع أمام المستشارين رغم إحالته إلى مجلسي حقوق الإنسان والاقتصادي والاجتماعي والبيئي لإبداء الرأي. واستندوا إلى خلاصات هذين المجلسين كـ”مرجع قانوني” يدعو إلى إنتاج نص تشريعي يتوافق مع الدستور والمواثيق الدولية، دون ربطه بإصلاحات أخرى في قوانين الصحافة.

وجددت الهيئات مطالبها بتأجيل النقاش التفصيلي لمواد المشروع، وإعادته إلى “طاولة الحوار الاجتماعي القطاعي” للتفاوض والتوافق، معتبرين أنه “خارج السياق الدستوري والإشراك الجمعي”. وفي هذا الإطار، أعربت عن مخاوفها من أن يؤدي إلى تفكيك التنظيمات النقابية وفقدان التعددية، مما يهدد الرسالة الإعلامية الوطنية في ظل الرهانات الحقوقية والتنموية.

من جانبه، أعرب الأمين العام لحزب الحركة الشعبية عن “الإيمان الراسخ” بضرورة المنهجية التشاركية بين الحكومة والبرلمانيين والمهنيين لبناء توافق حول المشروع. واقترح إحداث لجنة مشتركة داخل لجنة التعليم البرلمانية لبلورة تعديلات موحدة، بهدف تقوية المجلس وإخراجه من الوضع الانتقالي. “انتخاب المجلس ليس غاية في حد ذاته، بل الغاية الأكبر هي تطوير مهنة الصحافة، وإنصاف المهنيين، وتعزيز رسالة الإعلام الوطني”، أكد والزين، مشددًا على أهمية تركيبة متوازنة تعكس التعددية الحقة والانصاف، دون تغليب طرف على آخر.

وأنهى كلمته بتجديد “كامل الاستعداد” للتفاعل مع المقترحات الناجعة، مؤكدًا أن أبواب الحزب مفتوحة أمام جميع الهيئات المهنية في هذا القطاع الاستراتيجي. وأعرب عن أسفه العميق من “اختزال النقاش العمومي” في قضايا التمثيلية، داعيًا إلى تفكير أعمق في أدوار المجلس ومهامه الاستراتيجية.

يأتي هذا اللقاء في سياق تصاعد الجدل حول مشروع القانون، الذي يُنظر إليه كاختبار لمدى التزام السلطات بالحوار الاجتماعي والحفاظ على استقلالية المهنة. ومع اقتراب النقاش البرلماني، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستنجح المبادرات الحوارية في إنقاذ التنظيم الذاتي من “التراجع” المُدَنَّد؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!