جماعة العدل والإحسان ترحب بقرار مجلس الأمن حول الصحراء: دعوة لدمقرطة الحكم الذاتي ورفض التطبيع مع “الكيان الصهيوني”

الرباط – 2 نوفمبر 2025
في رد سريع على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 الصادر يوم 31 أكتوبر 2025، الذي جدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة عام، وأكد على مقترح الحكم الذاتي المغربي كأساس للتفاوض، أصدرت جماعة العدل والإحسان بياناً رسمياً يعبر عن تقديرها للخطوة كـ”فرصة لتنمية الأقاليم الجنوبية”، مع ربطها بشروط ديمقراطية صارمة ورفض قاطع لأي “مساومة” على الاعتراف الدولي مقابل التطبيع مع إسرائيل. هذا الموقف، الذي نشر على صفحتها الرسمية على فيسبوك، يعكس توازناً بين الغيرة الوطنية والانتقاد السياسي، في سياق يشهد تصاعداً في التوترات الدولية حول القضية المغربية.
قرار مجلس الأمن: دعم أمريكي للمغرب رغم المعارضة
أقر مجلس الأمن قرار 2797 بناءً على مشروع أمريكي، يُجدد ولاية المينورسو حتى 31 أكتوبر 2026، مع التركيز على الحفاظ على وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو. وفقاً للقرار، يُعتبر مقترح الحكم الذاتي “الخطوة الواقعية والعادلة” للتسوية، مما يعزز الموقف المغربي دولياً، رغم معارضة شرسة من بعض الأطراف. ويُشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن التصويت جاء في جو من التوافق النسبي، مع تأكيد بريطاني على أنه “خطوة نحو حل سياسي دائم يضمن حكم ذاتي لشعب الصحراء”.
يأتي هذا القرار في وقت تُعاني فيه قضية الصحراء من تعقيدات دولية متزايدة، خاصة مع الضغوط الأمريكية لدعم المغرب، مقابل مخاوف أوروبية وأفريقية من إطالة الأمد. ومن هنا، يُفسر بيان جماعة العدل والإحسان هذه الخطوة كـ”لحظة فارقة” تتطلب “موقفاً وطنياً متوازناً”، يتجاوز “المصالح الضيقة والبهرجة التافهة”.
موقف الجماعة: وحدة ترابية مع ديمقراطية شاملة
في البيان الصادر عن الأمانة العامة للدائرة السياسية بالرباط، أكدت الجماعة إيمانها الراسخ “بضرورة وحدة الدولة المغربية”، معتبرة أن “قوة المغرب تكمن في وحدته وتماسك نسيجه الاجتماعي والترابي”. ونظرت إلى مقترح الحكم الذاتي كـ”فرصة لتنمية الأقاليم الجنوبية ومنح ساكنتها صلاحيات واسعة في تدبير شؤونها المحلية”، شريطة أن يُفعّل “بشكل ديمقراطي وعادل وشفاف وحكامة جيدة”.
لكن الجماعة لم تكتفِ بالترحيب، بل ربطت القضية بـ”رؤيتها الشاملة” التي تجمع بين “الغيرة على وحدة الوطن والرفض المطلق للفساد والاستبداد”. وانتقدت “المقاربة الانفرادية” في تدبير الملف، التي “حرمت المغاربة من حقهم في الإسهام الكامل في حله”، معتبرة أن “توظيف قضية الصحراء كورقة للتغطية على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية” هو “ظلم وعبث”. وأكدت أن “أي حكم ذاتي حقيقي يجب أن يكون جزءاً من مشروع ديمقراطي شامل يضمن العدل والحرية والمشاركة الفعلية لجميع المغاربة”، محذرة من فصل الوحدة الترابية عن “قضايا الديمقراطية والعدل الاجتماعي”.
رفض التطبيع: “خيانة للمبادئ الشرعية والإنسانية”
أبرز البيان رفضاً حاسماً لأي “ابتزاز” يربط حل القضية بالتطبيع مع “الكيان الصهيوني المجرم”، أو “مقايضة هذا الحل بثروات شعبنا ومقدراته الاقتصادية”. ووصفت مثل هذه المحاولات بأنها “تشوش على عدالة هذه القضية”، خاصة في ظل “جرائم الإبادة التي يقترفها الكيان في غزة”. وأكدت أن “التطبيع خيانة للمبادئ الشرعية والوطنية والإنسانية”، ولا يمكن أن يكون “ثمن الوحدة الوطنية هو التنازل عن قضية الأمة المركزية أو التفريط في خيرات البلد”.
هذا الموقف يعكس التوجه الإسلامي والنضالي للجماعة، التي ترى في القضية الفلسطينية ركيزة أساسية لأي موقف وطني، ويأتي في سياق تصاعد الضغوط الدولية للتطبيع، كما في الدعم الأمريكي للمغرب مقابل تسريع العلاقات مع إسرائيل.
دعوة للمصالحة الوطنية: استثمار الفرصة للإصلاح
ختاماً، دعا البيان “كل العقلاء والغيورين” إلى “تكاثف جهودهم لاستثمار هذه الخطوة المهمة” في “إحداث انفراج كبير في الملفات الحقوقية والسياسية”، بدءاً من “الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي”، وتدشين “مصالحة وطنية واسعة” لترسيخ “وحدة داخلية حقيقية”. وأنهى بتأكيد أن الظرف الحالي “يفرض” على الجميع بناء “مستقبل واعد لكل أبناء وبنات الوطن”.
يُعد هذا البيان خطاباً استراتيجياً من جماعة العدل والإحسان، التي غالباً ما تُصنف كمعارضة إسلامية معتدلة، يجمع بين الدعم الوطني لقضية الصحراء والضغط على النظام للإصلاحات الديمقراطية. في ظل التوترات الداخلية والخارجية، قد يُشكل هذا الموقف دعوة لتحالفات أوسع، أو يُثير جدلاً حول دور المعارضة في القضايا الوطنية. هل سيتجاوب الرأي العام مع هذه الدعوة، أم تبقى صرخة في وادٍ؟ الإجابة تكمن في الأيام القادمة.
جماعة العدل والإحسان.









