الشباب المغربي بين انتخابات 2026 ومونديال 2030: جيل جديد يتهيأ للميدان

في المغرب اليوم، يسود شعور متجدد بأن مرحلة سياسية جديدة بدأت تتشكل بهدوء، لكنها تحمل في طياتها ثورة شبابية ناعمة.
فمنذ الخطاب الملكي الأخير، وما تلاه من قرارات في المجلس الوزاري الذي دعا فيه جلالة الملك محمد السادس إلى توسيع قاعدة المشاركة السياسية للشباب، أصبح واضحًا أن الدولة تتجه نحو نموذج سياسي جديد، يضع الكفاءة والطموح فوق الانتماء الحزبي الضيق.

التحول الأبرز في الأفق هو انتخابات 2026، التي قد تكون أول انتخابات يدخلها جيل جديد من الشباب خارج وصاية الأحزاب التقليدية.
وزارة الداخلية فتحت الباب واسعًا أمام الترشح بدون انتماء حزبي، وهو ما اعتُبر خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحياة السياسية المغربية.
فكل شاب اليوم يمكن أن يترشح بصفته المستقلة، ويحصل على دعم مالي قد يصل إلى 35 مليون سنتيم، دون الحاجة إلى تزكية أو إذن من “أعيان” السياسة.
بهذا القرار، الدولة تقول للشباب بوضوح: الفرصة أمامكم، والميدان ينتظركم.

من ملاعب المجد إلى ميادين القرار

من لا يتذكر تلك اللحظة التي رفرف فيها علم المغرب عاليًا بعد فوز منتخب الشباب بكأس العالم؟
لقد كانت لحظة تجاوزت حدود الرياضة، لتصبح رمزًا لقدرة الشباب المغربي على الإبداع والإبهار.
العالم بأسره بدأ يتحدث عن “المغرب الجديد” — بلدٌ يصنع النصر بإرادة شبابه، ويُثبت أنه وطن مستقر، قوي، وملهم.

ذلك الإنجاز لم يكن مجرد فوز رياضي، بل رسالة سياسية واجتماعية:
الشباب الذين حملوا الراية في الملاعب قادرون على حملها اليوم في مؤسسات الدولة.
لقد عرّفوا الملايين عبر العالم بالمغرب كبلد استقرارٍ سياسي، ووجهةٍ آمنةٍ للاستثمار والسياحة، ومملكةٍ يقودها ملك يثق في طاقات شبابه.

اليوم، نفس الجيل الذي صنع الفخر الرياضي يتهيأ للمساهمة في التحضير لمونديال 2030، من خلال مشاريع شبابية في السياحة، الخدمات، المقاولات، والتنظيم الميداني.
بل وأكثر من ذلك، فإن الكثير من هؤلاء الشباب بدأوا فعليًا في التفكير بإنشاء شركات ومؤسسات شبابية، تفتح سوق العمل أمام الكفاءات الجديدة، حتى لا تبقى المقاولة حكرًا على الجيل الأول والثاني من رجال الأعمال.

الشباب يتهيأون للميدان

المشهد السياسي المغربي يعيش اليوم لحظة حاسمة:
جيل جديد من الشباب يتهيأ للميدان، وجيل قديم من الأعيان يراقب التغيير بحذر.
لم تعد التزكيات الحزبية ولا شبكات الولاء كافية لحسم المقاعد، لأن الشارع تغيّر، والوعي تطوّر، والشباب أصبحوا فاعلين حقيقيين لا مجرد جمهور انتخابي.

إنها لحظة مفصلية، حيث المؤسسات الرسمية تمد اليد للشباب، وتمنحهم الأدوات القانونية والمالية ليخوضوا غمار السياسة بأنفسهم.
من الآن فصاعدًا، البرلمان لم يعد حكراً على الكهول ولا على الأسماء الموروثة، بل أصبح مفتوحًا أمام جيلٍ يعرف لغة العصر واحتياجات المستقبل.

نحو قيادة شبابية للمستقبل

نجاح الشباب في البرلمان القادم، سواء كمرشحين مستقلين أو منتمين لأحزاب شبابية، قد يغير خريطة القيادة السياسية في المغرب.
من الممكن أن يرى المغاربة شابًا أقل من 35 سنة يتولى منصبًا وزارياً مهمًا، أو حتى رئيس الحكومة في المستقبل، بناءً على كفاءته ورؤيته الجديدة.

وفي سياق أكثر استراتيجية، الشباب الذين خاضوا الانتخابات بدون تزكية حزبية يمكنهم أن يتجمعوا لتأسيس حزب جديد، يجمعهم تحت شعار “تكتل الشباب التنموي”, يركز على الإبداع، التنمية، وريادة الأعمال، والتجديد السياسي.
هذا الحزب الجديد لن يكون مجرد كيان شكلي، بل فرصة حقيقية لتمثيل الشباب في البرلمان، ولضمان استمرارية المشاريع التنموية وربطها مباشرة بالطاقات الشابة والكفاءات الجديدة، بعيداً عن الاحتكار التقليدي للأحزاب العريقة.

بهذا، المغرب أمام نموذج متطور: قيادة شبابية، مشاركة مستقلة، وأفق جديد للتغيير السياسي والتنمية الوطنية، حيث لا يكون السن أو الانتماء التقليدي عائقًا أمام الطموح والقدرة.

مرجعية للشباب

هذا المقال ليس مجرد قراءة تحليلية أو تحفيزية، بل يشكل وثيقة ناعمة للشباب المغربي، تبين له مسار الولوج إلى المؤسسة البرلمانية بطريقة واقعية وآمنة.
يعرض الفرص، يوضح التحديات، ويحفز الشباب على المبادرة، مع التأكيد أن المسؤولية والشجاعة والمثابرة هي مفاتيح النجاح.
بهذه الرؤية، يصبح الشباب ليسوا مجرد مراقبين أو متفرجين، بل فاعلين مؤثرين في صناعة القرار الوطني، وفي رسم مستقبل المغرب الحديث.

إعداد وإنجاز: المصطفى العياش

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!