مسودة أمريكية لقرار مجلس الأمن: دعم قاطع للحكم الذاتي المغربي كحل لنزاع الصحراء الغربية

الامم المتحدة، 24 أكتوبر 2025

في خطوة قد تعزز الزخم نحو حل سياسي لنزاع الصحراء الغربية المستمر منذ نصف قرن، كشفت مصادر دبلوماسية عن مسودة قرار أمريكية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تم تداولها بين الأعضاء يوم الثلاثاء الماضي، 22 أكتوبر. تحمل هذه المسودة، التي تُعرف برمز “صفر” كأول نسخة رسمية، دعمًا صريحًا لمقترح الحكم الذاتي المغربي كـ”الأساس الأكثر مصداقية” لتسوية النزاع، مع تمديد ولاية بعثة “المينورسو” حتى يناير 2026.

تأتي هذه المبادرة في سياق تصاعد الجهود الدولية لإنهاء النزاع، الذي يعكس توترات إقليمية عميقة بين المغرب وجبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر. وفقًا للمسودة، التي صاغتها واشنطن بالتشاور مع حلفائها، يُعرب المجلس عن “دعمه الكامل” لمبعوث الأمين العام ستيفان دي ميستورا، مشيدًا بجهوده في عقد مشاورات مع الأطراف المعنية: المغرب، جبهة البوليساريو، الجزائر، وموريتانيا. ويؤكد القرار التزامه بـ”حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين“، مستندًا إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك “مبدأ تقرير المصير”.

التركيز على الحكم الذاتي: “الحل الأكثر جدوى”

تُعد الفقرة الرابعة من المسودة الأكثر إثارة للجدل، حيث يُحيط المجلس علمًا بـ”الدعم الذي أعربت عنه الدول الأعضاء” لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في أبريل 2007. يصف القرار هذا المقترح بأنه “جاد وموثوق وواقعي“، ويؤكد أن “الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية” يمثل “الحل الأكثر جدوى” للنزاع. وفي إشارة مباشرة إلى الدور الأمريكي، يرحب المجلس بـ”قيادة الرئيس دونالد ترامب” في دفع العملية نحو الحل، مشيدًا بجهود واشنطن في إنهاء النزاع.

ويدعو القرار الأطراف إلى “الانخراط في مناقشات دون تأخير“، مستخدمين مقترح الحكم الذاتي كـ”إطار وحيد للتفاوض“. كما يثني على التزام أعضاء المجلس بتسهيل التقدم، مما يعكس محاولة لتوحيد الصفوف الدولية خلف الرؤية المغربية. وفي فقرة لاحقة، يرحب المجلس بمبادرة دي ميستورا لعقد اجتماع للأطراف، محثًا على “المشاركة بحسن نية“، مع الإشادة باستعداد الولايات المتحدة لاستضافة هذه المفاوضات لتعزيز “حل طويل الأمد” للنزاع وللمنطقة بأكملها.

تمديد “المينورسو” ودعوة لمفاوضات حاسمة

بناءً على تقرير الأمين العام الأخير حول الصحراء الغربية، يقرر القرار تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) حتى 31 يناير 2026. ويعرب عن “دعمه الكامل” للأمين العام ومبعوثه في تيسير المفاوضات على أساس المقترح المغربي، بهدف التوصل إلى “حل عادل ودائم”.

من أبرز الدعوات، يحث القرار الطرفين على المشاركة “دون تأخير أو شروط مسبقة”، بهدف الوصول إلى “حل سياسي نهائي ومقبول للطرفين” قبل انتهاء ولاية المينورسو. ويحدد هذا الحل بـ”حكم ذاتي حقيقي داخل الدولة المغربية، مع ضمان حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية“. كما يدعو الدول الأعضاء إلى تقديم “المساعدة والدعم المناسب” لهذه الجهود، ويطلب من الأمين العام تقديم إحاطات منتظمة، بما في ذلك واحدة خلال ستة أسابيع من تجديد الولاية، وأخرى قبل انتهائها، مع توصيات حول تحويل أو إنهاء البعثة بناءً على نتائج المفاوضات.

ردود الفعل المتوقعة: بين الترحيب والتحفظ

في الرباط، أعربت مصادر رسمية مغربية عن “الارتياح” لهذه المسودة، معتبرة إياها “تأكيدًا دوليًا” لموقف المملكة الثابت منذ سنوات. ويُتوقع أن يرحب الخارجية المغربية بها كـ”انتصار دبلوماسي“، خاصة مع الإشارة الصريحة إلى قيادة ترامب، الذي أعلن في عهده الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء في ديسمبر 2020، مقابل تطبيع العلاقات بين الإسرائيل والمغرب.

أما في الجزائر، فقد أبدت جهات مقربة من الحكومة تحفظًا، معتبرة أن التركيز على الحكم الذاتي “يُقصي خيار الاستقلال” الذي تدافع عنه جبهة البوليساريو. وفي تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، قال دبلوماسي جزائري مجهول: “هذه المسودة تبدو منحازة، وسنعمل على تعديلها خلال الاستشارات لضمان تمثيل كامل لتقرير المصير“. أما جبهة البوليساريو، فقد لم تصدر عنها تعليق رسمي حتى الآن، لكن مصادر في التيبازة أشارت إلى “رفض قاطع” لأي حل يُفرض دون استشارة السكان.

نحو آفاق جديدة في المنطقة المغاربية؟

تُعد هذه المسودة، التي ستخضع للمشاورات والتعديلات قبل التصويت المتوقع نهاية الشهر، خطوة حاسمة في عملية طويلة شهدت انتكاسات عديدة، آخرها فشل محادثات جنيف في 2019. مع دعم أمريكي قوي، وتركيز على “الزخم” الحالي، قد تفتح هذه الجهود بابًا لتسوية تُنهي التوترات الإقليمية وتعزز الاستقرار في شمال إفريقيا. ومع ذلك، يبقى التحدي في إقناع جميع الأطراف بالمشاركة “بحسن نية”، كما يطالب القرار.

سيتابع الجميع بترقب كيفية تطور هذه الاستشارات، التي قد تشكل، إن نجحت، نقطة تحول في تاريخ النزاع. وفي غضون ذلك، تظل بعثة المينورسو، التي نشأت في 1991، رمزًا للجهود الدولية الرامية إلى السلام، محافظة على مراقبة وقف إطلاق النار الذي يُعتبر هشًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!