الحزب الاشتراكي الموحد: مجلس المدينة يغرق في “محاكمات سياسية” ويتهرب من قضايا الساكنة

وجدة – 23 أكتوبر 2025
في ظل تنامي السخط الشعبي الذي يعكس سنوات من الإخفاقات الإدارية والتنموية، عقد مجلس مدينة وجدة دورته العادية لشهر أكتوبر 2025، ليؤكد مرة أخرى فقدان الأغلبية الحاكمة لـ”البوصلة”، كما وصفتها بيان الحزب الاشتراكي الموحد (فرع وجدة). بدلاً من الرد على الانتظارات الملحة للساكنة – التي تتردد في الفضاءات العامة ومنصات التواصل الاجتماعي – تحولت الجلسة إلى ساحة لـ”محاكمة سياسية” غير قانونية لعضو المعارضة شكيب سبايبي، إلى جانب رفيقته غيثة البراد، بسبب دعمهما النضالي لعمال شركة “موبيليس ديف” المسؤولة عن تدبير النقل الحضري في المدينة.
وفقاً لبيان أصدره الفرع المحلي للحزب الاشتراكي الموحد، جاءت هذه “المحاكمة” أياماً قليلة بعد تقديم النائب الأول لرئيس المجلس شكاية مباشرة أمام قاضي التحقيق ضد سبايبي، تتعلق بتصريحاته حول عقد التحكيم بين الشركة والجماعة، والذي يُتوقع أن يكبد مالية المدينة خسائر تصل إلى ثلاثة مليارات سنتيم. وحضر الرفيق سبايبي الجلسة الأولى للتحقيق، مع تحديد الجلسة الثانية ليوم 29 أكتوبر الجاري. وأمام أعين السلطة ورئيس المجلس – المسؤول الأول عن ضبط الأشغال وفق القانون التنظيمي للجماعات والنظام الداخلي – انحرفت الجلسة عن جدول الأعمال، لتغرق في نقاشات خارج الضوابط القانونية، بهدف التهرب من مناقشة قضايا حية مثل وضعية النقل الحضري، ومركز معالجة النفايات، وجمع النفايات المنزلية، التي تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى.
تضييق على النقاش وتهميش المعارضة
لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ حُصر النقاش في الجلسة الثانية من الدورة بين “أعضاء محسوبين على رؤوس الأصابع”، كما يصف البيان، مما قلّص من مشاركة المعارضة وأدى إلى اقتصاديات في الجدول. وكان مشروع الميزانية للسنة المالية 2026 أبرز ضحايا هذا التعاطي العبثي، حيث لم يُمنح النقاش الجدي والمستفيض الذي يستلزمه، رغم المنهكة أصلاً مالية الجماعة وأهمية قواعد الشفافية والحكامة. وفي جو متشنج صُنع عمداً “لأغراض لم تعد خافية على أحد”، حاول الرفيقان سبايبي والبراد إيصال صوت الساكنة، مشددين على ضعف مداخيل الجماعة الناتج عن تقاعس في الجبايات، الذي تجاوز 55 مليار سنتيم، وعدم إجراءات حازمة لإلزام المتهربين من الرسوم والضرائب. كما طالباهما بتشكيل لجان تقصي في مداخيل مرافق مثل حامة بنقاشور، التي تبقى مداخيلها السنوية ضعيفة رغم التجهيزات الجديدة.
أما نقطة توزيع الدعم على الجمعيات الثقافية والاجتماعية، فقد كشفت عن ممارسات تُبنى على “منطق المنة والولاءات”، مما يُوقع في تضارب المصالح. وجدد الرفيقان الطلب بتقديم الدعم بناءً على المشاريع ودفتر تحملات واضح، لضمان الشفافية بدلاً من الاصطفافات السياسية.
دعم حزبي ومطالبات بتدقيقات فورية
في ختام بيانه، أكد فرع الحزب الاشتراكي الموحد بدعم غير مشروط لرفيقيه، مستنكراً “أساليب الترهيب” التي لا تثنيهما عن دورهما، ومُعلناً استعداد الحزب محلياً وجهوياً ووطنياً لاتخاذ “كل الخطوات اللازمة” لتجسيد هذا الدعم. كما اعتبر البيان أن ميزانية 2026 “لا تستجيب لتطلعات الوجديين والوجديات”، إذ تفتقر إلى مؤشرات صدقية وتجتر توقعات سابقة، مع ضعف مخصصات الاستثمار بل غيابها، في سياق “وضع الترقيع” المستمر.
وأشار البيان إلى فشل الأغلبية وداعميها في بلورة رؤية تنموية حقيقية، لافتاً إلى الحصيلة الضعيفة لتنفيذ برنامج عمل الجماعة بعد نحو أربع سنوات من إقراره. وفي دعوة صريحة للشفافية، طالب الحزب المفتشية العامة للداخلية والمالية، والمجلس الأعلى للحسابات، بإجراء افتحاصات وتدقيقات فورية في وضعية مرافق النقل الحضري، ومركز معالجة النفايات، وحامة بنقاشور، ومنتزه التقدم، بالإضافة إلى واقع الجبايات، للكشف عن “الاختلالات” التي تعصف بها هذه المرافق.
يأتي هذا البيان في وقت يشهد فيه الرأي العام الوجدي تصاعداً في الغضب من سوء إدارة المدينة، حيث أصبحت قضايا النقل والنظافة والتنمية رمزاً للإخفاقات المتراكمة. هل ستكون هذه الدورة نقطة تحول، أم مجرد حلقة أخرى في مسلسل التهرب السياسي؟ الإجابة تظل معلقة، لكن صوت المعارضة يُسمع أعلى من أي وقت مضى.