الأيام الطبية الـ38: نقابة أطباء القطاع الحر تسلط الضوء على الصحة النفسية وتحديات القطاع الصحي في المغرب

انطلقت فعاليات الأيام الطبية الثامنة والثلاثين التي تنظمها نقابة أطباء القطاع الحر في المغرب، في حدث بارز يعكس التاريخ العريق والالتزام العلمي المستمر لهذه المؤسسة المهنية. هذا المؤتمر، الذي شهد مناقشات معمقة حول قضايا طبية ونقابية ملحة، تناول مواضيع حيوية مثل الصحة النفسية لكبار السن، اضطرابات النوم، تأثير الأدوية على العقل، إلى جانب إبراز دور النقابة في تعزيز البحث العلمي ودعم الأطباء.

الصحة النفسية لكبار السن: التشخيص الناقص كتحدٍ رئيسي

شكلت الصحة النفسية لكبار السن محوراً رئيسياً في مناقشات الأيام الطبية، حيث أُبرز الانتشار الواسع للاضطرابات النفسية، وخاصة الاكتئاب والقلق، بين هذه الفئة العمرية. ومع ذلك، غالباً ما يتم تشخيص هذه الحالات بشكل ناقص بسبب التعبير عن المعاناة النفسية من خلال شكاوى جسدية، مثل آلام مزمنة أو إرهاق غير مبرر. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 15% من كبار السن عالمياً من اضطرابات نفسية، مما يستدعي تعزيز التكوين الطبي في مجال الطب النفسي الجيروي (طب كبار السن) لضمان تشخيص دقيق وعلاج فعال.

متلازمة تململ الساقين: اضطراب يهدد جودة النوم

تناول المؤتمر أيضاً متلازمة تململ الساقين، التي تُعد من الاضطرابات الشائعة التي تؤثر على كبار السن، حيث يشتكي المرضى من آلام وانزعاج في الأرجل يدفعهم إلى تحريكها باستمرار، مما يؤدي إلى اضطرابات في النوم. وأكد الخبراء على أهمية إجراء تحليل “الفيريتين” لقياس مستويات الحديد، حيث يرتبط نقصه ارتباطاً وثيقاً بهذه المتلازمة. كما أشاروا إلى أن القلق يُفاقم الأعراض، مما يجعل معالجة الحالة النفسية جزءاً لا يتجزأ من العلاج. وتشير الدراسات إلى أن هذه المتلازمة قد تصيب ما بين 10-15% من كبار السن، مع تأثير كبير على جودة حياتهم.

تأثير الأدوية على الصحة العقلية: تحديات العلاج الهرموني

ناقش المؤتمر تأثير الأدوية على الحالة النفسية، مع التركيز على الكورتيكوستيرويدات وتأثيراتها المعقدة. جرعات “البولوس” القوية قد تؤدي إلى حالات هذيان، بينما يمكن أن يسبب الانسحاب التدريجي من العلاج الاكتئاب، حتى بعد فترة من الابتهاج أثناء العلاج. كما تم تسليط الضوء على الأعراض الجنسية لدى كبار السن، مثل فرط النشاط الجنسي أو السلوكيات غير المناسبة، والتي قد تكون مؤشراً على أمراض عصبية مثل الخرف أو الزهايمر، أو اضطرابات نفسية مثل الاضطراب ثنائي القطب. بعض الأدوية، بما في ذلك مضادات الاكتئاب ومحفزات الدوبامين المستخدمة في علاج مرض باركنسون، قد تُفاقم هذه الأعراض، مما يتطلب وصفاً دقيقاً ومتابعة مستمرة.

نقابة أطباء القطاع الحر: 38 عاماً من العراقة والإنجاز

أشاد الدكتور حموش، أخصائي الصدرية وعضو سابق في النقابة، بالدور الرائد لنقابة أطباء القطاع الحر، التي تأسست قبل أكثر من 38 عاماً، مما يجعلها أول نقابة من نوعها في المغرب. وأكد أن 50% من عمل النقابة مكرس للأنشطة العلمية، من خلال تنظيم ندوات ودوائر مستديرة على مدار العام، تُتوج بالمؤتمر السنوي للأيام الطبية. وأثنى على المكتب الحالي، المنتخب في يونيو الماضي، لتنظيمه ثلاث إلى أربع ندوات علمية صغيرة وهذا المؤتمر الكبير في وقت قياسي، مع تميزه بمستوى علمي عالٍ. ومن اللافت أن المكتب يضم عدداً كبيراً من النساء، مما يعكس التزام النقابة بتعزيز المساواة بين الجنسين في القطاع الطبي.

تحديات القطاع الصحي: الميزانية والأمراض المزمنة

تطرق المؤتمر إلى زيادة ميزانية وزارة الصحة إلى 23 مليار درهم، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الصحية ومواجهة نقص الموارد البشرية، حيث يُقدر النقص في الأطباء بحوالي 30,000 طبيب وفقاً لتقارير حديثة. كما أُشير إلى ارتفاع معدلات الوفيات والاعتلال الناتجة عن التهاب الكبد الفيروسي مقارنة بالملاريا والسل، مما يبرز الحاجة إلى استراتيجيات وطنية للوقاية والعلاج. وتشير بيانات رسمية إلى تسجيل آلاف الحالات سنوياً لالتهاب الكبد الفيروسي، مما يجعل هذا المرض تحدياً صحياً كبيراً في المغرب.

خاتمة

تؤكد الأيام الطبية الثامنة والثلاثين على الدور الحيوي لنقابة أطباء القطاع الحر في تعزيز المنظومة الصحية المغربية، من خلال الجمع بين العمل النقابي والعلمي. مناقشات المؤتمر حول الصحة النفسية، اضطرابات النوم، وتأثير الأدوية تُبرز الحاجة إلى تعزيز التشخيص الدقيق والتكوين المستمر.

ومع استمرار التحديات مثل نقص الأطباء وانتشار الأمراض المزمنة، تظل هذه الفعاليات منصة حيوية لتبادل المعرفة ودفع عجلة التغيير نحو نظام صحي أكثر كفاءة وشمولية في المغرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!