ناصر الزفزافي يودع “أبو الأحرار” برؤية وطنية شاملة ورسالة شكر مؤثرة

في مشهد مزج بين الحزن العميق والرسالة السياسية الواضحة، ودّع الناشط ناصر الزفزافي والده الذي وافته المنية، وذلك بعد حصوله على ترخيص خاص من إدارة السجون سمح له بحضور مراسيم الجنازة [4 سبتمبر 2025].

لم تكن الكلمات التي ألقاها الزفزافي مجرد وداع أب لابنه، بل كانت مناسبة لإعادة تأكيد رؤيته للوطن، وتقديم شكر علني للجهات التي مكنته من هذه اللحظة الإنسانية الفاصلة، وربط إرث والده بقيم الحرية والوطنية.

الوطن: وحدة لا تتجزأ ومصلحة عليا كسر الزفزافي، بوضوح، أي تصور قد يحصر رؤيته في نطاق إقليمي، مؤكداً أن “الوطن لا أقصد به الريف”. لقد قدم تعريفاً شاملاً للوطن بقوله: “حينما أقول الوطن أقصد به صحراؤه وجنوبه شرقه شماله”.

هذه العبارة حملت دلالة سياسية عميقة، مفادها الوحدة الترابية والجغرافية للبلاد، وأن الولاء يتجاوز الانتماءات المحلية. وأضاف أن “كلها تصف في مصلحة الوطن أولاً وأخيراً لا شيء يحدث فوق مصلحة الوطن”، مما يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويؤكد على أن أي اختلافات في الآراء أو المواقف يجب أن تصب في هذا الإطار الأسمى.

شكر علني وتقدير لجهود إنسانية في لفتة تعكس تفهمًا للجهود المبذولة، عبر الزفزافي عن شكره العلني لإدارة السجون، وبالخصوص لشخص المندوب. وأكد أن حضوره اليوم لم يكن ليتحقق لولا فضل الله، ثم “المجهود حقيقة أقولها […] يعني إدارة السجون المتمثلة بالخصوص في شخص المندوب قام بجهود كبيرة ونعرف جيداً لأن الأمور ليست بالسهلة التي يمكن أن يتصورها أي إنسان حتى تصل إلى مدينة الحسيمة”. هذا الاعتراف بالجميل وتثمين التعاون مع المؤسسات الرسمية يُعد رسالة هامة في السياق السياسي الذي يحيط بالزفزافي.

إرث “أبو الأحرار” والوفاء للميت في لحظة مؤثرة، أطلق الزفزافي على والده لقب “أبو الأحرار والحرائر”، مشيداً بأن “هذا الرجل نذر حياته في سبيل الوطن”. هذه التسمية ليست مجرد تعبير عن الحب الأبوي، بل هي إضفاء لطابع رمزي على شخصية والده، وربطها بقيم الحرية والتضحية من أجل الوطن الذي وصفه الزفزافي بـ “صحراؤه وجنوبه شرقه شماله”.

وعن وداع والده، أوضح الزفزافي أن العائلة ذهبت إلى المستشفى لإحضار الفقيد كجزء من إكرام الميت. وأكد أن الصلاة على والده ستتم في “المسجد الحقيقي” كما طالب الراحل، وسيوارى الثرى في “مقبرة المشاهدين”. كما عبر عن شكره لكل من حضر الجنازة، معتبرًا وجودهم “شرفاً لنا”، وأبدى تفهمًا كبيرًا لظروف من لم يتمكنوا من الحضور.

في ختام كلمته، تضمنت رؤيته لمحة فلسفية عن تحديات التوافق، مشيرًا إلى أنه “من الصعب جداً أن يتحقق هدف يقبله الجميع”. هذه العبارة، التي يمكن تفسيرها في سياق عام وشخصي، تعكس وعيًا بصعوبة تحقيق الإجماع في أي مسعى.

لقد كانت كلمة ناصر الزفزافي في جنازة والده أكثر من مجرد وداع شخصي؛ لقد كانت بياناً سياسياً واجتماعياً، يمزج بين الألم الإنساني العميق والرؤية الوطنية الشاملة، مع تقدير للجهود المبذولة، وتأكيد على قيم الوحدة والتضحية في سبيل الوطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!