GIL24-TV تعاونية وجدة للخياطة التقليدية والعصرية: خيوط الإبداع تمكن النساء وتحيي التراث

في قلب مدينة وجدة الألفية، تنسج **التعاونية الإنسانية للخياطة التقليدية والعصرية** قصة نجاح ملهمة، مدفوعة بشغف نسائي لا يلين بقيادة السيدة نوال . هذه التعاونية ليست مجرد ورشة خياطة، بل هي فضاء لتمكين النساء ورمز حي للهوية الوجدية في عالم الأزياء .
**من هواية شخصية إلى رسالة مجتمعية**
تحكي السيدة نوال، رئيسة التعاونية، عن بداياتها بابتسامة هادئة، مؤكدة أن “الخياطة بالنسبة لي ليست مجرد مهنة، إنها عشق وهوى وهوية” . ما بدأ كهواية شخصية، حيث كانت نوال تخيط وتزين الملابس لعائلتها وجاراتها، تطور مع مرور الوقت إلى شعور بأنها “تخلق شيئًا من لا شيء وتحكي قصة من كل تطريزة”. نضجت موهبتها على مدار 15 عامًا، وهو المسار المهني الذي تعتبره قديمًا قدم ابنها الأصغر، ليتحول شغفها إلى رسالة نبيلة . أسست نوال التعاونية الإنسانية للخياطة التقليدية والعصرية في عام 2019، بهدف صون اللباس التقليدي الوجدي وتجديده بروح عصرية تحفظ أصالته، وبدأت في تكوين الفتيات ونقل حبها لهذه الحرفة التي لا تموت .
**التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة**
تعد التعاونية ملاذًا للنساء اللواتي يطمحن لإبراز مهاراتهن في الطرز والخياطة. تأسست بأهداف واضحة لتحقيق الاستقلالية المادية للنساء وتوفير فرص عمل لماكثات في البيوت ليتمكنّ من الخروج إلى ميدان العمل. إلى جانب دورها الاقتصادي، تؤدي التعاونية **رسالة اجتماعية نبيلة** من خلال تكوين وتأهيل الفتيات والشابات في وضعيات هشة، مانحة إياهن فرصة لاكتساب مهنة تفتح أمامهن آفاق الاستقلالية وتحقيق الذات. فبالنسبة لنوال، الخياطة “ليست مجرد فن بل وسيلة للتعبير عن الذات والحفاظ على الهوية وتمكين المرأة من تحقيق ذاتها”.
**إبداع يمزج الأصالة بالمعاصرة**
تعتبر التعاونية مثالاً حيًا على الابتكار في خدمة الأصالة، ودليلاً على أن اللباس التقليدي ليس مجرد زي موروث، بل تراث حي قابل للتجديد على أيدي نساء يؤمن بالجمال والهوية . تقول نوال: “نؤمن بأن اللباس مرآة للثقافة، ومن خلال خيوطنا وأقمشتنا نسعى لتعريف العالم بخصوصية مدينة وجدة وتقاليدها الراقية”.
تقدم التعاونية منتجات تمزج بين **الحرفية الدقيقة واللمسة العصرية**، ما جعلها تحظى بإقبال واسع في الأعراس والمناسبات. تبدع التعاونية في تصميم وإنتاج **القفطان، الشلابة، والبلوزة الوجدية** وغيرها من القطع التي تعبر عن غنى التراث المحلي . من أبرز إبداعاتهم **البلوزة الوجدية**، التي تصفها نوال بأنها “تراث المنطقة” وتتميز بقصاتها الخاصة، أكمامها، صدرها، ظهرها، و”الجلطيطة” التي تلبس تحتها، مما يميزها عن البلوزة الوهرانية الجزائرية . كما أنهم يقدمون تصاميم عصرية مثل “الكيمونو بلمسة تقليدية” الذي يلقى إقبالاً من الفتيات .
تستخدم التعاونية أقمشة متنوعة حسب طلب الزبائن، منها **البروكار، والحرير، واللاسوا، والمليفة أو الكريب للجلابيات. تختلف الأسعار بناءً على جودة ونوع القماش والعمل اليدوي المستغرق، حيث يمكن أن يشارك ثلاثة صناع في قطعة واحدة، بدءًا بالخياطة الآلية، مرورًا بالتطريز (يدوي أو آلي)، وصولًا إلى تشبيك العقاد يدويًا، لتخرج في النهاية “تحفة فنية” .
**رؤية مستقبلية وتأثير متواصل**
شاركت التعاونية في معارض جهوية ووطنية للتعريف باللباس الوجدي ولمسة المرأة الشرقية، مما ساعدها على استقطاب زبونات جديدات وتوسيع نطاق تأثيرها .
اليوم، تعرف نوال في وجدة كرمز للمرأة الطموحة التي جعلت من الخيط والإبرة جسرًا نحو التغيير . وتؤكد بشغف: “الخياطة كانت بدايتي وستظل عشقي الذي لا ينتهي” . إن التعاونية الإنسانية للخياطة التقليدية والعصرية لا تكتفي بخلق أزياء جميلة، بل هي تنسج في كل غرزة خيوط الأمل والتمكين والتأكيد على هوية وجدة الثقافية الغنية، متمنين لها الاستمرارية بإذن الله .