لهيب الأسعار يهدد بريق “الجوهرة الزرقاء”.. السعيدية بين جاذبية الشاطئ واستياء الزوار

السعيدية – غشت 2025
في الوقت الذي تحتضن فيه مدينة السعيدية، الملقبة بـ”الجوهرة الزرقاء”، أعدادًا قياسية من المصطافين خلال الموسم الصيفي، يتصاعد غضب الزوار جراء الارتفاع الصاروخي في أسعار الخدمات، ما يلقي بظلال ثقيلة على جاذبية هذه الوجهة السياحية البارزة بالجهة الشرقية.
ورغم الجهود المبذولة من السلطات المحلية والجماعة الترابية لضمان موسم صيفي ناجح، فإن الأسعار “الملتهبة” لكراء الشقق المفروشة، المأكولات، والمشروبات باتت محور شكاوى متزايدة. ففي المقاهي والمطاعم المنتشرة على امتداد شاطئ المدينة، أصبح سعر كأس شاي عادي يصل إلى 29 درهمًا، بينما تتراوح أسعار المشروبات الغازية بين 35 و50 درهمًا، وهي أرقام وصفها الزوار بـ”المبالغ فيها”، خاصة في مدينة لا تُصنف ضمن الوجهات الباهظة تقليديًا.
الأمر ذاته ينطبق على المأكولات، حيث بلغ سعر “الطاكوس” الواحد ما بين 70 و95 درهمًا، وكأس عصير الموز 50 درهمًا، فيما وصل طبق “السباكيتي” إلى 100 درهم، وهي أسعار اعتبرها الكثيرون “خيالية” وغير متناسبة مع جودة الخدمة. هذه الأرقام، التي انتشرت على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، أثارت موجة من التذمر، بل ودفع بعض الزوار إلى تقليص نفقاتهم أو جلب المأكولات والمياه من منازلهم لتجنب “جحيم الأسعار”.
وتعالت الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وثّق زوار غاضبون قوائم أسعار “غير منطقية”، داعين إلى مقاطعة بعض المطاعم والمقاهي التي وصفوها بـ”الجشعة”. هذا الواقع أثار تساؤلات حول فعالية الرقابة على الأسعار ودور الجهات المعنية بحماية المستهلك، خاصة في ظل غياب سقف تسعيري واضح يضمن توازن العرض السياحي.
ووسط هذه التحديات، يحذر زوار ونشطاء من أن استمرار هذا المنحى قد ينال من إشعاع السعيدية كوجهة سياحية وطنية، لا سيما مع تنامي المنافسة من مدن أخرى نجحت في تحقيق توازن بين جودة الخدمات وتكلفة الإقامة. وتتزايد الدعوات إلى تدخل جمعيات حماية المستهلك لوضع حد لهذه الزيادات، خصوصًا أن غالبية زوار المدينة من الطبقة المتوسطة أو محدودة الدخل، مما يجعل الغلاء عائقًا أمام حقهم في الاستجمام.
ورغم هذه التحديات، تظل السعيدية وجهة مفضلة بفضل شاطئها الخلاب وموقعها الاستراتيجي. لكن الرهان الكبير يبقى في قدرة الفاعلين المحليين على استعادة التوازن بين جاذبية المدينة واحترام القدرة الشرائية للزوار، لضمان بقائها “جوهرة زرقاء” تلمع في سماء السياحة المغربية.