ندوة التقدم والاشتراكية: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة… “فضيحة ديمقراطية” تهدد حرية الإعلام في المغرب

نظم حزب التقدم والاشتراكية ندوة لمناقشة مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والحقوقية المغربية. أجمع المتدخلون على خطورة هذا المشروع و”تراجعيته”، معتبرين إياه “فضيحة ديمقراطية” تهدد المكتسبات الحقوقية وتضرب استقلالية الصحافة.

وجهات نظر المتدخلين:

السيدة فاطمة الزهراء (مقدمة الندوة وممثلة الحزب):

    ◦ أكدت أن المشروع يحمل “مقتضيات نقوصية تعود بنا لعقود من الزمن إلى الوراء”، ويُعد قانونًا هيكليًا يمس حماية الحقوق والحريات، وحرية الصحافة بشكل خاص.

    ◦ أشارت إلى أن المغرب عرف زخماً تشريعياً في مجال الحقوق والحريات منذ بداية الألفية الثالثة، مدعوماً بدستور 2011 الذي ضمن حرية الصحافة واستقلاليتها وتعدديتها.

    ◦ وصفت المرحلة الحالية بـ “التراجعات الخطيرة” على مستوى الفضاء الديمقراطي والحقوقي، و”التحكم في الأصوات الحرة”.

    ◦ انتقدت سرعة الحكومة في تمرير القانون “بعيداً عن فتح باب التشاور واعتماد المقاربة التشاركية مع المعنيين المباشرين”.

    ◦ طرحت أسئلة جوهرية حول استقلالية الصحافة وتعددتها، وخطورة المقتضيات التي تجعل “رأس المال ورقم المعاملات هو المتحكم في المشهد الصحفي”.

الأستاذ محمد نبيل بن عبد الله (الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية):

    ◦ وصف المشروع بأنه “فضيحة حقيقية من جميع المناحي”، و”فضيحة ديمقراطية كبرى”.

    ◦ أكد أن هذا المجال لم يشهد منذ سنة 1993 أي قانون يمر دون استشارة المنظمات المهنية والخبراء والأحزاب.

    ◦ استنكر “السرية” و”السرعة الجنونية” التي يتم بها تمرير القانون، ومحاولة التصويت عليه بشكل سريع في مجلس المستشارين.

    ◦ حذر من أن هذا التراجع “ستكون له آثار بليغة على التجربة الديمقراطية الوطنية”.

    ◦ انتقد موقف الوزير الوصي الذي قال إنه “ليس معنياً بالتشاور”.

    ◦ ربط غياب سياسة عمومية واضحة للحكومة في مجال الحريات والحكامة بـ “تركيبتها المصلحية الطبقية”.

    ◦ اعتبر ما يحدث “مخططات جهنمية مهيأة وتنفذ قطرة بقطرة”.

    ◦ ذكر استغلال الحكومة لوضعية جائحة كورونا لتغيير فلسفة الدعم العمومي للقطاع، وإحداث “بدعة” أداء أجور الصحفيين.

    ◦ اتهم الحكومة بافتعال الانشقاق في صفوف المهنيين لتسهيل التحكم في القطاع.

الأستاذ عبد الرحمن برادة (إعلامي وكاتب):

    ◦ أبدى صدمته من “الثغرات” و”العيوب” و”المخالفات” التي يتضمنها المشروع.

    ◦ اعتبر المجلس الوطني للصحافة في حد ذاته “إنجازاً رائعاً” و”مرآة تعكس أين وصلت الديمقراطية”، لكنه أصبح الآن مرآة بـ “الكثير من الثقوب” تعكس “الوضعية الهشة والمخجلة” للصحافة.

    ◦ شكك في شرعية بلاغ اللجنة المؤقتة الذي ادعى التشاور، مؤكداً أنه “لا أحد” من الجسم الصحفي استشير.

    ◦ أشار إلى أن المشروع “يخالف الدستور” الذي يتحدث عن التنظيم الذاتي، ويُحدث “تناقضاً غريباً” بين الانتخاب والتعيين.

    ◦ عقد مقارنة تاريخية، مشيراً إلى أن الصحف الوطنية كانت مزدهرة وتبيع مئات الآلاف من النسخ في ظل ظروف صعبة، عندما لم تتدخل الدولة، بينما الآن ومع دعم الدولة “أين الصحافة؟”.

    ◦ لخص موقفه قائلاً: “نعم للمجلس الوطني للصحافة، لا للرداءة لا للهيمنة لا للتسلط لا للتحكم”.

الأستاذ يونس مسكين (إعلامي ومدير الأخبار بصحيفة صوت المغرب):

    ◦ ركز على ثلاث نقاط اعتبرها “الأكثر خطورة” في المشروع:

        ▪ غياب تمثيلية الجمهور (الضمير المجتمعي): أكد أن الإعلام علاقة ثلاثية بين الصحفي والمعلومة والجمهور، وأن استبعاد الجمهور يُصيب المنظومة كلها بالخلل. أشار إلى دراسات دولية أظهرت أهمية تمثيل الجمهور كمؤشر لجدارة مجالس الصحافة (مثل السويد حيث يمثل الجمهور 12 عضواً من أصل 28) . انتقد اقتصار تمثيل المجتمع في المشروع على ثلاث مؤسسات رسمية تابعة للدولة، معتبراً ذلك تحولاً بنيوياً يحول المجلس إلى “امتداد لبيروقراطية الدولة”.

        ▪ تكليف رأس المال بمهمة التخليق: اعتبر أن إسناد تمثيل الناشرين داخل المجلس بناءً على “الشروط المالية والاقتصادية” (رقم المعاملات وعدد الأجراء) هو “مفارقة قاتلة لمفهوم التنظيم الذاتي”. ووصفه بأنه “ترجمة حرفية لمنطق الخضوع لسلطة رأس المال” يكافئ “الشطارة التجارية” و”القرب من مصادر الريع” و”مواليد زواج المال والسلطة” . وتساءل عن أي تجربة دولية أسندت مهمة التخليق المهني إلى منطق السوق. أكد أن رأس المال “أعور أخلاقياً” ولا يعرف من القيم سوى الربح . قدم أمثلة لتجارب دولية توازن بين الصحفيين والناشرين والمجتمع، وتسمح بتمويل المؤسسات الكبرى للمجلس دون امتياز تمثيلي، أو تمنحهم أدواراً استشارية فقط.

        ▪ عقوبة حجب المنابر الإعلامية: وصفها بأنها “من أشد أنواع التقييد” على حرية الصحافة، وتستهدف وجود وسيلة إعلامية كاملة. أكد أن التجارب الديمقراطية تقر بأن هذا الإجراء لا يتخذ إلا “بأمر قضائي نهائي ومعلل”. انتقد منح هذا السلطة لمجلس إداري دون تحديد الأفعال التي توجب الحجب، معتبراً ذلك “تداخلاً غير مشروع بين السلطة الأخلاقية والسلطة العقابية” ويحول المجلس إلى “أداة تأديب إداري” قد تستخدم ضد المنابر المستقلة.

الأستاذ محمد الوافي (المنسق الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل):

    ◦ أكد الدور التاريخي للاتحاد المغربي للشغل في مجال الصحافة، ودوره الأساسي في إخراج المجلس الوطني للصحافة.

    ◦ أعرب عن أسفه لأن النقاش اليوم لا ينصب على حصيلة المجلس بل على “واقع متراجع”.

    ◦ سلط الضوء على “التناقض الصارخ” بين دور المجلس في مراقبة الأخلاقيات والمهنة، وما يتعرض له زملاء من “طرد تعسفي” داخل المجلس نفسه.

    ◦ انتقد تزامن طرد الكاتب العام للنقابة مع تقديم مشروع القانون، مشيراً إلى أن بلاغات المجلس تبدو وكأنها “تستغزغزانس” قرارات الوزير الوصي.

    ◦ وصف طريقة تمرير المشروع بـ “البشعة” التي لا تحترم التراكمات التاريخية للمهنيين وفقهاء القانون في المغرب.

    ◦ اعتبر أن القانون الجديد “يضعف الصحفيين” لكونهم سينتخبون فرادى، مما يجعلهم “ضعافاً جداً” في المجلس، وغير قادرين على الفوز بالرئاسة أو الدفاع عن حقوقهم أمام ناشريهم.

    ◦ أعرب عن أمله في أن تقدم الفرق البرلمانية، بما فيها الأغلبية، “حداً أدنى من التعديلات” لحفظ ماء الوجه.

الأستاذ نور الدين (إعلامي وناشر):

    ◦ عبر عن تضامنه مع الزملاء الذين تعرضوا للطرد التعسفي من المجلس.

    ◦ سلط الضوء على نقاش سابق في البرلمان الأوروبي رفض اعتبار رأس المال محدداً للدعم العمومي للصحافة.

    ◦ ذكر استغلال بعض المقاولات الإعلامية الكبرى للدعم الاستثنائي خلال جائحة كورونا بالحصول عليه عدة مرات لنفس الشركة تحت مسميات مختلفة.

    ◦ أشار إلى أن قانون 2016 أقر “جواز المساواة” في التمثيلية بين الناشرين والصحفيين بعد سنوات طويلة من النقاش.

    ◦ انتقد اختلالات القانون الجديد في تحديد شروط الولوج إلى المهنة، خاصة إضافة عبارة “معتمد من طرف المجلس الوطني للصحافة” للتكوين المستمر، معتبراً ذلك “عيباً” يمنح المجلس صلاحيات وزارة التعليم العالي.

الأستاذ جمال الدين ناجي (خبير إعلامي):

    ◦ عبر عن خجله من الحديث عن عمل وزير أو حكومة في هذا الوقت.

    ◦ وصف ما يحدث بـ “الغباء الاصطناعي” الذي يهدف إلى ضرب المكتسبات.

    ◦ عقد مقارنة مع دول مثل تونس وغينيا كوناكري (من أفقر الدول)، حيث ألغيت العقوبات السالبة للحرية للصحفيين، مما يجعل التراجع في المغرب “مقلقاً جداً”.

    ◦ أعرب عن تخوفه من أن يتضمن التاريخ المغربي تراجعاً، مشيراً إلى اختفاء “بند الضمير” (حق الصحفي في التحفظ) الذي كان موجوداً في مشروع سابق للمادة 28 من الدستور.

    ◦ أكد أن هذا التراجع “يسيء” لصورة المغرب دولياً، خاصة في ظل استضافته أحداثاً كبرى.

نقاط التقاطع (الاتفاق):

التوصيف السلبي للمشروع: اتفق جميع المتدخلين على أن مشروع القانون “تراجعي” و”خطير” و”كارثي” و”فضيحة ديمقراطية”.

غياب المقاربة التشاركية: كانت نقطة إجماع بأن الحكومة فرضت المشروع دون تشاور حقيقي مع الفاعلين والمهنيين، على عكس ما جرت عليه العادة في تاريخ التشريع الإعلامي بالمغرب.

سيطرة رأس المال: اتفقوا على أن المقتضيات التي تربط تمثيلية الناشرين في المجلس بحجمهم الاقتصادي ورقم معاملاتهم تُعطي الأفضلية لرأس المال وتُفرغ التنظيم الذاتي من جوهره الأخلاقي.

خطورة عقوبة الحجب: أجمعوا على أن منح المجلس سلطة حجب المنابر الإعلامية يُعد تقييداً جسيماً للحرية يجب أن يكون من اختصاص القضاء حصراً، وليس لهيئة إدارية.

تدهور وضع الصحفيين: اتفقوا على أن المشروع يضعف تمثيلية الصحفيين ومكانتهم داخل المجلس، ويُقلل من قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم.

أداء اللجنة المؤقتة: أدان المتدخلون أداء اللجنة المؤقتة التي تولت تسيير المجلس، وارتكابها لأعمال طرد تعسفي ضد صحفيين، وتحولها إلى أداة لفرض الأجندة الحكومية.

الصحافة مرآة للديمقراطية: أكد الجميع على أن حرية الصحافة هي مؤشر أساسي على مستوى الديمقراطية في أي بلد، وأن هذا المشروع يضرب هذا المؤشر.

نقاط الخلاف (الاختلاف):

إمكانية التعديل: بينما أعرب الأستاذ محمد الوافي عن أمل ضئيل في أن تقدم الفرق البرلمانية تعديلات على المشروع، رأى الأستاذ محمد نبيل بن عبد الله أن التعديلات “غير ممكنة” بالنظر إلى إصرار الحكومة وطريقتها في تمرير القانون.

مستوى اليأس من النقاش: يميل الأستاذان عبد الرحمن برادة وجمال الدين ناجي إلى الشعور بالإحباط واليأس من جدوى النقاش بالنظر إلى الطريق الذي اختارته الحكومة، بينما دعا الأستاذ محمد نبيل بن عبد الله إلى “المواجهة والنضال” المستمرين.

خلاصات وتوصيات:

تُشير النقاشات إلى أن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يُعد خطوة إلى الوراء بالنسبة لمستقبل الصحافة والحريات في المغرب. وقد خلص المتدخلون إلى أن المشروع:

يُفرغ التنظيم الذاتي من محتواه: بتحويل المجلس من هيئة مستقلة ضابطة للأخلاقيات وضمير للمهنة إلى مجرد امتداد للسلطة الرسمية، تحت سيطرة رأس المال.

يهدد استقلالية الصحافة وتعددتها: عبر إضعاف تمثيلية الصحفيين ومنح سلطة مهيمنة للناشرين الكبار بناءً على معايير اقتصادية لا أخلاقية.

يُضفي الشرعية على الممارسات القمعية: بمنح المجلس سلطة الحجب والمنع دون ضمانات قضائية، مما يفتح الباب أمام استهداف الأصوات المستقلة والنقدية.

بناءً عليه، يمكن صياغة التوصيات التالية:

ضرورة سحب المشروع الحالي: والعودة إلى مقاربة تشاركية حقيقية تُشرك جميع الفاعلين في صياغة قانون جديد يستند إلى المكتسبات التاريخية والتجارب الدولية الناجحة في التنظيم الذاتي للصحافة.

إعادة النظر في تركيبة المجلس: بما يضمن تمثيلية عادلة ومتوازنة للجمهور والمهنيين، بعيداً عن هيمنة رأس المال أو التحكم الإداري.

حماية استقلالية الصحافة: من خلال فصل واضح بين السلطة الأخلاقية والسلطة العقابية، وحصر قرارات الحجب والمنع في يد القضاء وحده، مع توفير جميع الضمانات القانونية.

دعم الصحافة الجادة: عبر وضع آليات لدعم المقاولات الإعلامية تضمن التعددية والاستقلالية، ولا تُكافئ القرب من مصادر الريع أو حجم رأس المال.

المواجهة والنضال: التأكيد على ضرورة استمرار النضال المدني والسياسي من أجل الدفاع عن حرية الصحافة والديمقراطية في المغرب، ورفض كل أشكال التراجع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!