الشباب غربة الهوية و القيم

ما الذي يحتاجه شبابنا؟ رحلة الهوية في زمن العولمةيا شباب!

يحيى تيفاوي* – جرادة، 12 يوليوز 2025

دعونا نتحدث بصراحة عن ما يحدث حولنا. نعيش في عالم يتغير بسرعة الصاروخ، حيث تتداخل الأفكار، الأنماط، وحتى الأحلام عبر شاشات الهواتف ومنصات السوشيال ميديا. لكن وسط هذا الزحام، أين نحن؟ أين هويتنا المغربية؟ وماذا يحتاج شبابنا ليظلوا متجذرين في تربتهم، وفي نفس الوقت يطيروا عاليًا في سماء العصر؟أزمة هوية أم موجة عولمة؟

الأرقام لا تكذب، سواء جاءت من مؤسسات رسمية أو غير رسمية، فهي تُظهر أن شبابنا يعيشون حالة من التيه. لكن المشكلة ليست فقط في الأرقام، بل في ما نراه يوميًا: تأثير ثقافات أخرى تتسلل إلى عقولنا، من طريقة أكلنا ولبسنا إلى موسيقانا وأفكارنا. العولمة، بكل أدواتها الرقمية المتطورة، تدفعنا نحو نمط حياة موحد، يُلغي الخصوصية ويُضعف الهوية. فهل نستسلم لهذا التيار، أم نتمسك بما يجعلنا مغاربة؟

التغيير هو الثابت الوحيد في عالمنا اليوم، لكن هذا لا يعني أن نفقد أنفسنا. شبابنا يواجهون تحديًا كبيرًا: كيف يعيشون في عصر الإنترنت والتكنولوجيا دون أن يفقدوا جذورهم؟ الهوية المغربية، بتاريخها الغني وتعدد روافدها، ليست مجرد تراث نضعه في المتاحف، بل هي أسلوب حياة، قيم، وطريقة تفكير. لكن كيف نجعلها تنبض في حياة الشباب؟

شبابنا لا يحتاجون فقط إلى وظائف أو تعليم أفضل – رغم أهمية ذلك – بل إلى إحساس قوي بالانتماء. الهجرة، على سبيل المثال، لم تعد فقط بحثًا عن عمل، بل أحيانًا هروبًا من أزمة هوية. الكثير من الشباب يجدون في ثقافات أخرى بريقًا يغريهم، لأنهم يشعرون بغربة داخل وطنهم. هذا البريق ليس دائمًا حقيقيًا، لكنه يعكس حاجة ماسة إلى إعادة اكتشاف “التمغربيت” بطريقة شبابية وعصرية.

لن نستطيع مواجهة هذه التحديات ببرامج حكومية تقليدية فقط. نحتاج إلى استراتيجيات كبيرة، تجمع بين التعليم، الثقافة، الفن، والتكنولوجيا، لتعزيز الهوية المغربية. تخيلوا مناهج دراسية تحتفي بتاريخنا وتنوعنا، مهرجانات فنية تجمع الشباب ليعبروا عن أنفسهم بلغة مغربية أصيلة، ومنصات رقمية تروج لقيمنا بأسلوب ينافس “نتفليكس” و”تيك توك”. نحتاج إلى تمكين الشباب ليكونوا سفراء لهويتهم، لا مجرد متلقين سلبيين لثقافات أخرى.

الصعوبة الكبرى تكمن في التربية. كيف نربي جيلًا واثقًا من هويته، قادرًا على مواجهة موجات العولمة دون أن يضيع؟ الجواب يكمن في تقوية “الجبهة الداخلية”: تعليم يعزز القيم المغربية، فنون تلهم، وتكنولوجيا نخلقها نحن، تعبر عنا. شبابنا بحاجة إلى أن يروا أن هويتهم ليست عائقًا، بل قوة تميزهم في عالم يحتفل بالتنوع.

شبابنا هم مستقبل الأمة، وهم من سيحددون شكل مغرب الغد. لكنهم يحتاجون إلى دعم حقيقي، ليس فقط ماديًا، بل معنويًا وثقافيًا. فلنعمل معًا – حكومة، مجتمع، وشباب – لنصنع بيئة تجمع بين الأصالة والحداثة. دعونا نجعل الهوية المغربية ليست مجرد ماضٍ نتحسر عليه، بل مشروعًا شبابيًا ينبض بالحياة، يلهم، ويصنع المستقبل.فما رأيكم، يا شباب؟ كيف نعيد اكتشاف “التمغربيت” بأسلوب يناسب عصرنا؟ شاركونا أفكاركم!

  • يحيى تيفاوي – رئيس مصلحة الشباب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!