V. الآثار المحتملة طويلة المدى

ناقش العواقب طويلة المدى لزيادات المعاشات التقاعدية على الاقتصاد المغربي.
تتمثل العواقب طويلة المدى لزيادات المعاشات، خاصة في ظل الوضع المالي الهش لصناديق التقاعد، في تفاقم العجز وتهديد استدامة النظام بأكمله. تشير التوقعات إلى أن الصندوق المغربي للتقاعد قد يستنفد احتياطاته بحلول عام 2028، بينما من المتوقع أن يستمر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حتى عام 2038.1 ستزداد الضغوط المالية على الموازنة العامة للدولة لضمان الوفاء بالتزامات المعاشات، خاصة إذا لم يتم إيجاد حلول هيكلية للعجز. هذا قد يؤثر سلبًا على الإنفاق في قطاعات أخرى حيوية مثل التعليم، الصحة، والبنية التحتية، مما يعيق التنمية الشاملة على المدى الطويل.1
يعتمد نظام التقاعد الحالي بشكل كبير على نموذج “التوزيع” 14، حيث يدفع المساهمون الحاليون معاشات المتقاعدين الحاليين. مع تراجع المعاملات الديموغرافية (عدد أقل من المساهمين لكل متقاعد) 20 وزيادة متوسط العمر المتوقع، سيتكثف العبء على الجيل العامل. إن استنفاد الاحتياطيات يعني أن الأجيال القادمة ستواجه إما مساهمات أعلى، أو مزايا أقل، أو زيادة في الدين الحكومي. هذا يشير إلى تحدٍ وشيك في العدالة بين الأجيال. إن استدامة نظام التقاعد على المدى الطويل ليست مجرد مشكلة مالية بل مشكلة مجتمعية، قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية أو استنزاف كبير للموارد الوطنية إذا لم تُعالج من خلال إصلاحات هيكلية أساسية، مثل الانتقال إلى نموذج مختلط يجمع بين التوزيع والرسملة.14
تأمل في احتمالية حدوث تغيرات ديموغرافية وتداعياتها على نظام الضمان الاجتماعي.
يُعد التغير الديموغرافي أحد أكبر التحديات التي تواجه نظام الضمان الاجتماعي. سيواصل المعامل الديموغرافي، الذي يمثل نسبة المساهمين إلى المتقاعدين، انخفاضه بشكل حاد. فبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من المتوقع أن ينتقل هذا المعامل من 9.3% في عام 2016 إلى 6.8% في عام 2025، ثم إلى أقل من 1% بعد عام 2050.20 هذا يعني أن عدد المساهمين الذين يدعمون كل متقاعد يتناقص بشكل كبير، مما يضع ضغوطاً هائلة على التوازن المالي للنظام. هذا التغير الديموغرافي هو التحدي الأكبر لاستدامة أنظمة التقاعد، حيث يزداد عدد المتقاعدين بينما يتناقص عدد المساهمين النشطين، مما يهدد قدرة الصناديق على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية.1
أحد الحلول المقترحة لمواجهة هذا التحدي هو توسيع قاعدة المسجلين في أنظمة التقاعد لتشمل ما يقارب 5 ملايين شخص يمارسون عملاً ولا يستفيدون من أي معاش، بمن فيهم العاملون في القطاع غير المهيكل. دمج هؤلاء في النظام يمكن أن يعزز الإيرادات ويحسن المعامل الديموغرافي.1 يهدد التراجع الديموغرافي نظام التقاعد القائم على الدفع الفوري. ويعد توسيع قاعدة المساهمين لتشمل القطاع غير المهيكل حلاً مقترحًا بالغ الأهمية. لا يقتصر الأمر على جمع المزيد من الأموال؛ بل يتعلق بتنظيم جزء كبير من القوى العاملة، مما يمكن أن يؤدي إلى فوائد اقتصادية أوسع، وتحسين حقوق العمال، وزيادة الإيرادات الضريبية على المدى الطويل. هذا يسلط الضوء على أن إصلاح الحماية الاجتماعية الشامل، وخاصة توسيع التغطية لتشمل القطاع غير المهيكل، يمكن أن يحقق “عائدًا ديموغرافيًا” من خلال تنظيم النشاط الاقتصادي وتوسيع القاعدة الضريبية. هذا الإصلاح الهيكلي ليس مجرد تكلفة، بل هو استثمار في الاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية في المستقبل، وهو أمر بالغ الأهمية للتغلب على التحدي الديموغرافي. كما يعني ضمنًا أن نجاح استدامة التقاعد في المستقبل يعتمد على قدرة الحكومة على دمج الاقتصاد غير الرسمي بفعالية في نظام الضمان الاجتماعي الرسمي.
ناقش كيف يمكن أن تؤثر هذه الزيادة على استدامة النظام مستقبلًا.
تعهدت الحكومة بتقديم عرض أولي لإصلاح أنظمة التقاعد في يناير 2025، مع الإقرار بتأخر هذا الإصلاح لعدة أشهر.16 هذا التأخير، بالإضافة إلى طبيعة الزيادات الحالية، قد يؤثر سلبًا على استدامة النظام على المدى الطويل.
تتطلب استدامة النظام في المستقبل النظر في أنواع الإصلاحات المطلوبة:
- الإصلاح البارامتري (Parametric Reform): ركزت الإصلاحات السابقة (2016) على تعديل المعايير الأساسية مثل رفع سن التقاعد تدريجياً إلى 63 سنة، وزيادة نسبة الاشتراكات من 20% إلى 28%، وتغيير أساس حساب المعاش. هذه الإصلاحات، على الرغم من أهميتها في تخفيف الضغط المالي جزئياً، إلا أنها لا تعالج الجذور الهيكلية للمشكلة، مما يجعلها حلولاً قصيرة الأجل وغير كافية لتحقيق استدامة شاملة.17
- الإصلاح الهيكلي (Structural Reform): يعتبر هذا الخيار الأكثر استدامة، ويتضمن إعادة تصميم شاملة للنظام. يشمل ذلك الانتقال إلى نظام متعدد الطبقات (عمومي وخاص) أو نظام موحد، وتوسيع قاعدة المساهمين لتشمل الفئات غير الأجراء. هذا النوع من الإصلاح يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية الإدارية والقانونية.17
يرى الخبراء أن الحلول الميكانيكية التقليدية (مثل مجرد رفع سن التقاعد أو زيادة الاقتطاعات) ليست كافية. يجب البحث عن مصادر تمويل بديلة، ورفع مردودية استثمارات الاحتياطيات المالية للصناديق، وتحسين الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل هذه الصناديق لضمان استدامتها وحماية حقوق المتقاعدين.1 لقد أدت المقاربة الحالية (الإصلاحات البارامترية) إلى تأجيل الأزمة فقط. وتوضح الاتجاهات الديموغرافية أن هذه التعديلات الجزئية غير كافية. ويدعو الخبراء إلى إصلاح هيكلي، بما في ذلك توحيد الأنظمة وتوسيع قاعدة المساهمين. ويشير التزام الحكومة بتقديم “عرض أولي” في يناير 2025 إلى إدراكها لهذه الضرورة الملحة، لكن التأخير ومقاومة النقابات يسلطان الضوء على الصعوبة السياسية. تعتمد استدامة نظام التقاعد المغربي على المدى الطويل على تحول حاسم من التعديلات البارامترية قصيرة الأجل إلى إصلاحات هيكلية شاملة. يتطلب ذلك إرادة سياسية قوية للتغلب على المقاومة، وتنفيذ تغييرات ضرورية ولكن قد تكون غير شعبية (مثل زيادة سن التقاعد بشكل أكبر، أو زيادة الاشتراكات بشكل كبير، أو تنويع مصادر التمويل)، وتحسين الحوكمة لاستعادة الثقة العامة. بدون هذا، يواجه النظام خطر الانهيار في نهاية المطاف، مع عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة.
جدول 2: مؤشرات عجز صناديق التقاعد الرئيسية في المغرب وتوقعات الاستدامة (2019-2052)
الصندوق | العجز (مليار درهم، سنة القياس) | الاحتياطيات (مليار درهم، سنة القياس) | تاريخ استنفاد الاحتياطيات المتوقع | المعامل الديموغرافي (نسبة المساهمين إلى المتقاعدين) | ملاحظات |
CMR | 5.12 (نهاية 2022) 1 | 65.84 (نهاية 2022) 1 | 2028 1 | – | نظام يعتمد على مبدأ التوزيع |
CNSS | 0.4 (تقريبًا) 1 | – | 2038 1 | 9.3% (2016) -> 6.8% (2025) -> <1% (بعد 2050) 20 | نظام يعتمد على مبدأ التوزيع، وضع مختل بحدة أقل |
RCAR | 3.95 (تقريبًا) (نهاية 2022) 1 | 135 (تقريبًا) (نهاية 2022) 1 | 2052 1 | 2.8% (2016) -> 1.4% (2025) -> 1.2% (2030) -> <1% (بعد 2050) 20 | نظام يمزج بين التوزيع والرسملة، أمد استدامة أطول بفضل الاحتياطيات |