زيارة تاريخية للمديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية إلى المغرب: تعزيز الشراكة ودعم السيادة الصحية

الرباط – 12 ماي 2025

اختتمت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، زيارتها الرسمية الأولى إلى المغرب، التي امتدت من 5 إلى 7 ماي 2025، في خطوة وُصفت بأنها علامة فارقة في تعزيز التعاون بين المنظمة والمملكة المغربية.

وتأتي هذه الزيارة في سياق استراتيجي يعكس الدور الريادي للمغرب كجسر إقليمي يربط بين المنظمة ودول شرق المتوسط، مع تركيز واضح على دعم إصلاحات النظام الصحي وتحقيق السيادة الدوائية.

لقاءات رفيعة المستوى وتأكيد الشراكة

استهلت الدكتورة بلخي زيارتها بلقاء مع معالي السيد أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، حيث تمحور النقاش حول استراتيجية التعاون القطري 2023-2027. وأشادت الدكتورة بلخي بالإصلاحات الطموحة التي يقودها المغرب لتوسيع التغطية الصحية الشاملة، مؤكدة دعم المنظمة الكامل لهذه الجهود. كما أثنت على رؤية المغرب في تعزيز السيادة الدوائية، التي تُعد نموذجًا إقليميًا يُحتذى به.

وخلال الزيارة، التقت الدكتورة بلخي السيد يونس هلالي، مدير مختبر ماريبو لتصنيع اللقاحات، حيث أشادت بخطط المغرب لإنتاج اللقاحات محليًا، معتبرة إياها خطوة حاسمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الطبية.

كما زارت المديرة الإقليمية المختبر الوطني لمراقبة جودة الأدوية، برفقة الأستاذ سمير أحيد، مدير الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، للاطلاع على الجهود المبذولة في تطوير التصنيع المحلي للأدوية.

دعم الأمن الصحي ومكافحة التحديات العالمية

شملت الزيارة جولة في ميناء طنجة المتوسط، حيث دعت الدكتورة بلخي إلى تعزيز قدرات المرفق كمركز إقليمي لتوزيع الأدوية والمعدات الطبية. وأثنت على دور الوحدة الوطنية لمراقبة الصحة على الحدود كمركز متعاون مع المنظمة، مشيرة إلى إمكاناتها في خدمة إقليم شرق المتوسط من خلال توفير لقاحات ومنتجات طبية عالية الجودة.

وفي سياق مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، زارت الدكتورة بلخي مستشفى الشيخ زايد بالرباط، حيث التقت الدكتور عادل أبابو، مدير المستشفى، وفريقه المتخصص. وأشادت بتطبيق نهج “الصحة الواحدة” من خلال التعاون مع وزارتي الزراعة والبيئة، معتبرة هذا النموذج مثالًا يُحتذى به في المنطقة.

تعزيز الرعاية الأولية والتكوين الصحي

في مركز جوادي الحضري للرعاية الصحية الأولية بالدار البيضاء، التقت الدكتورة بلخي الدكتور عبد المولى بولعميزات، المدير الجهوي للصحة، وفريقًا من العاملين الصحيين الذين يقدمون خدمات أساسية تشمل التمنيع، ورعاية الأمهات والأطفال، ودعم الحالات المزمنة. كما زارت المعهد العالي للمهن التمريضية والتقنيات الصحية، حيث أثنت على تعاون المنظمة مع الشركاء المحليين لبناء قوى عاملة صحية مستدامة.

وفي مركز “Les Orangers” للأمومة، المتعاون مع المنظمة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية، اطلعت الدكتورة بلخي على الخدمات المقدمة في صحة الأمهات والمواليد وتنظيم الأسرة، إلى جانب برامج التدريب التي تشمل مهنيين من المغرب ودول إفريقية أخرى.

شراكات استراتيجية وتطلعات مستقبلية

خلال لقاءاتها مع الدكتور سالم المالك، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، وفريق الأمم المتحدة القطري، بحثت الدكتورة بلخي سبل تعزيز الشراكات لمواجهة تحديات مثل تغير المناخ، والصحة النفسية، والتعليم، والمشاركة المجتمعية. وأكدت على أهمية دمج الصحة في جميع السياسات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تقييم ونقد: خطوة واعدة مع تحديات قائمة

تُعد زيارة الدكتورة بلخي إلى المغرب خطوة استراتيجية تعكس الثقة الدولية في الإصلاحات الصحية التي يقودها المغرب.

ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في ترجمة هذه التعهدات إلى إنجازات ملموسة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المنطقة.

فبينما تُشيد المنظمة بالتقدم المحرز في السيادة الدوائية، يتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتي استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتكوين، إلى جانب ضمان إتاحة الأدوية بأسعار معقولة للمواطنين.

كما أن التركيز على تعزيز الرعاية الأولية والتكوين الصحي يُعد خطوة إيجابية، لكنها تتطلب استراتيجيات طويلة الأمد لمعالجة نقص الكوادر الطبية في المناطق النائية، وتحسين ظروف عمل العاملين الصحيين.

وفي سياق مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، يظل التنسيق بين القطاعات الحكومية تحديًا يتطلب آليات أكثر فعالية.

تُبرز زيارة الدكتورة حنان بلخي الدور المحوري للمغرب كشريك استراتيجي في تعزيز الأمن الصحي الإقليمي. ومن خلال التزامه بالإصلاحات الصحية والسيادة الدوائية، يُعزز المغرب مكانته كقائد إقليمي في مواجهة التحديات الصحية.

ومع استمرار التعاون مع منظمة الصحة العالمية، تتطلع المملكة إلى تحقيق إنجازات نوعية تدعم صحة مواطنيها وتسهم في استقرار ورفاهية المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى