وجدة تتجدد: توسعة الشوارع وإعادة هيكلة المدينة نحو فضاءات حضرية عصرية

اسماعيل مرسلي – وجدة ، 9 ماي 2025
تصوير : منير حموتي
في خطوة طموحة نحو تحديث البنية التحتية وتأهيل الفضاءات الحضرية، أطلقت السلطات المحلية بمدينة وجدة، صباح الجمعة 9 ماي 2025، عملية هدم عدد من المحلات التجارية على شارعي الضابط بلحسين ومولاي سليمان، وذلك ضمن مشروع توسعة هذين المحورين الحيويين.
هذه المبادرة، التي تندرج في إطار رؤية شاملة لإعادة هيكلة وسط المدينة، تستهدف تعزيز انسيابية الحركة المرورية، تخفيف الاكتظاظ، وخلق فضاءات حضرية عصرية تليق بمكانة وجدة كعاصمة الجهة الشرقية.
تحت إشراف الخطيب لهبيل، والي جهة الشرق وعامل عمالة وجدة أنجاد، يهدف المشروع إلى إعادة تصميم وسط المدينة بما يتماشى مع معايير التخطيط الحضري الحديث. شارعا الضابط بلحسين ومولاي سليمان، اللذان يعدان من أكثر المحاور ازدحاماً في المدينة، يشهدان كثافة مرورية متزايدة نتيجة النمو السكاني والتوسع التجاري. توسعة هذين الشارعين لن تقتصر على زيادة عرض الطريق، بل ستشمل إعادة تصميم الجزر الوسطية، تحسين شبكات الصرف الصحي، وتطوير أنظمة الإنارة العامة لضمان السلامة والجمالية.
“هذا المشروع ليس مجرد توسعة شوارع، بل خطوة استراتيجية لتحويل وجدة إلى مدينة ذكية تلبي احتياجات سكانها وزوارها“، يقول المهندس المعماري ياسر بلقاسم، المتخصص في التخطيط الحضري. ويضيف: “توسعة الشوارع تتيح إمكانية إنشاء ممرات مخصصة للدراجات الهوائية ومسارات للمشاة، مما يعزز من جودة الحياة ويقلل الاعتماد على السيارات“.
أشرف على عملية الهدم بتعليمات من السلطات المحلية ميدانيا باشا مدينة وجدة السيد عبد الرحيم فاضل، ورئيس المنطقة الحضرية وجدة سيدي زيان السيد الحسن بوكدال رئيس المنطقة الحضرية سيدي زيان، بمساندة قائد الملحقة الإدارية الأولى خالد وراوي، إلى جانب أعوان السلطة، عناصر الأمن الوطني، والقوات المساعدة.
كما سُخّرت معدات شركة النظافة تابعة لشركة SoS وآليات مجلس جهة الشرق لضمان سير العملية في ظروف مثالية.
وفي مشهد يعكس التنظيم العالي، جرت الأشغال وسط هدوء وتعاون واضح من أصحاب المحلات المتضررة، الذين أبدوا تفهماً لأهمية المشروع في خدمة المصلحة العامة.
تأتي هذه المقاربة التشاركية كجزء من استراتيجية السلطات المحلية لضمان احترام حقوق المالكين، حيث تم التواصل معهم مسبقاً لتوضيح أهداف المشروع وتقديم تعويضات عادلة. “لقد كان الحوار مع المواطنين مفتاح نجاح المرحلة الأولى“، يؤكد مصدر من عمالة وجدة أنجاد، مشيراً إلى أن الجدول الزمني الدقيق سيضمن استكمال الأشغال دون تأخير.
يتماشى هذا المشروع مع الاتجاهات العالمية في تصميم المدن العصرية، التي تركز على تحسين التنقل وتعزيز الاستدامة. توسعة الشوارع ستتيح إنشاء ممرات أوسع للمشاة، مع تخصيص مساحات خضراء على جانبي الطريق لتخفيف التلوث البصري وتحسين جودة الهواء. كما يُخطط لتطوير تقاطعات ذكية مزودة بإشارات مرورية متطورة، مما سيقلل من الاختناقات المرورية التي طالما عانت منها المدينة.
“المدن الحديثة لا تقاس فقط بجودة طرقها، بل بقدرتها على خلق بيئة حضرية متكاملة“، تقول المهندسة المعمارية سلمى الرحموني. وتضيف: “مشروع وجدة يمكن أن يكون نموذجاً للمدن المغربية الأخرى، بشرط دمج عناصر مثل الأشجار، المقاعد العامة، والإضاءة المستدامة لتعزيز الجاذبية السياحية والاجتماعية“.
من المتوقع أن يسهم المشروع في تحسين جودة التنقل في وسط المدينة، مما سينعكس إيجاباً على الحياة اليومية للسكان والزوار. مع تقليل الاختناقات المرورية، ستصبح التنقلات أكثر سرعة وأماناً، فيما ستضفي الفضاءات المعاد تصميمها طابعاً جمالياً يعزز من جاذبية وجدة كوجهة ثقافية وسياحية. “لقد انتظرنا هذا التغيير منذ سنوات“، يقول محمد الصغير، تاجر في وسط المدينة، مضيفاً: “شوارع أوسع تعني حركة تجارية أفضل وحياة أكثر راحة“.
رغم الزخم الإيجابي، يواجه المشروع تحديات تتعلق بضمان استدامة الأشغال وتقليل الإزعاج للسكان خلال فترة التنفيذ. كما يتطلب الأمر استثمارات إضافية لتطوير البنية التحتية المرافقة، مثل مواقف السيارات الذكية وشبكات النقل العام.
في هذا السياق، يدعو خبراء التخطيط الحضري إلى تبني نهج شامل يدمج تقنيات المدن الذكية، مثل أنظمة إدارة المرور القائمة على الذكاء الاصطناعي، لضمان استدامة التحسينات على المدى الطويل.
مشروع توسعة شارعي الضابط بلحسين ومولاي سليمان ليس مجرد تدخل عمراني، بل رؤية طموحة لإعادة صياغة هوية وجدة الحضرية. من خلال الجمع بين الوظيفية والجمالية، يعكس هذا المشروع التزام المدينة بمواكبة التحولات العصرية، مع الحفاظ على طابعها الثقافي والتاريخي.