الأميرة للا حسناء تفتح آفاق التعاون الثقافي والتربوي بزيارتها المجمع التربوي في باكو

في خطوة تعكس عمق العلاقات الثقافية والتربوية بين المغرب وأذربيجان، قامت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، رئيسة مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، يوم الأربعاء 7 ماي 2025، بزيارة مميزة للمؤسسة التعليمية “المجمع التربوي 132–134” في العاصمة الأذربيجانية باكو. هذه الزيارة، التي تأتي في إطار مشروع التوأمة التربوية بين ثانويات إعدادية في الرباط وباكو، تُعد نموذجًا رائدًا للحوار بين الثقافات، وتؤكد التزام المغرب بتعزيز القيم المشتركة والمواطنة العالمية عبر التعليم.

استقبال رسمي يعكس التقدير المتبادل

لدى وصولها إلى المجمع التربوي، رحب بصاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء كل من وزير العلم والتعليم الأذربيجاني، إمين أمرولايف، ونائب وزير الثقافة، مراد حسينوف، إلى جانب وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد مهدي بنسعيد. كما تقدم للسلام سفير المغرب في باكو، محمد عادل امبارش، والكاتبة العامة لمؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، نزهة العلوي، ومديرة المجمع التربوي، أيغون ميلكاييلوفا، إضافة إلى سفيرين شابين من المؤسسة، مريم أغاييفا وتاميرلان سليموف. هذا الاستقبال الرفيع أبرز مكانة المغرب كشريك استراتيجي في تعزيز التعاون الثقافي مع أذربيجان.

في كلمته الافتتاحية، أعرب الوزير أمرولايف عن فخره باستقبال الأميرة للا حسناء في هذه المؤسسة العريقة، التي تخرجت منها شخصيات بارزة في السياسة، العلوم، والثقافة الأذربيجانية. وأكد أن هذا الحدث يمثل “فصلًا جديدًا” في تاريخ المؤسسة، يقوم على التبادل الثقافي والقيم المشتركة. وأضاف أن مشروع التوأمة، الذي تنفذه مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط بالشراكة مع الجانب الأذربيجاني، يعكس التزام البلدين ببناء جسور الفهم المتبادل عبر التعليم، مما يمكن الشباب من استكشاف تراثهم الثقافي والاحتفاء به.

مشروع توأمة يجمع الرباط وباكو

يُعد مشروع التوأمة التربوية بين الرباط وباكو مبادرة رائدة تهدف إلى تعزيز الحوار بين الثقافات من خلال التعليم. ووفقًا لبيان صادر عن مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط عام 2024، يشمل البرنامج تبادل الخبرات البيداغوجية، تنظيم ورشات عمل حول التراث الثقافي، وإشراك التلاميذ في أنشطة فنية وتعليمية تعزز الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية. هذا المشروع، الذي يستهدف الأجيال الشابة، يساهم في بناء جيل واعٍ بقيم المواطنة العالمية، قادر على تقدير التنوع الثقافي والمساهمة في تعزيزه.

خلال زيارتها، تابعت الأميرة للا حسناء عروضًا فنية مبهرة قدمها تلاميذ المجمع التربوي، بدأت بأداء النشيدين الوطنيين للمغرب وأذربيجان، في مشهد رمزي عكس الوحدة الثقافية بين البلدين. كما أدى التلميذ أتيلا غاريب أغنية “أذربيجان”، فيما عزف التلميذ عبيد شلابييروف قطعة “شمس العشية” من التراث المغربي على آلة “الكمانشا” الأذربيجانية التقليدية، في لحظة جسدت التقارب الفني بين الثقافتين. واختتم العرض برقصة فلكلورية أذربيجانية بعنوان “سينكي”، أبرزت غنى التراث المحلي.

استكشاف التراث والتعليم المبتكر

شملت الزيارة جولة في متحف تاريخ المجمع التربوي، حيث قدم التلميذان نورلانا حسنلي وألبير قاريب شروحات حول إرث المؤسسة العريق. كما زارت الأميرة للا حسناء قسمًا لتلاميذ المستوى السابع، حيث تابعت عرضًا حول المنظومة التربوية الأذربيجانية، مع التركيز على دمج التربية الفنية والثقافية في المناهج الدراسية. وأبرز العرض الروابط اللغوية والثقافية بين الرباط وباكو، مثل كلمة “معلم” (müəllim) المشتركة، التي تعكس أوجه التشابه بين الثقافتين.

في قسم دراسي آخر، حضرت الأميرة ورشات عمل بعنوان “اكتشف تراث مدينتي”، وهي مبادرة مستوحاة من برنامج تربوي أطلقته مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، وتم تهيئتها لتناسب السياق الثقافي في باكو. هذه الورشات، التي شارك فيها التلاميذ بحماس، ركزت على تعريف الشباب بمعالم مدنهم التاريخية، مما يعزز ارتباطهم بهويتهم الثقافية. ووفقًا لتقرير صادر عن اليونسكو عام 2023، تساهم مثل هذه المبادرات في زيادة الوعي الثقافي لدى الشباب بنسبة تصل إلى 30%، مما يعزز التفاهم بين الشعوب.

معرض يجمع معالم الرباط وباكو

اختتمت الزيارة بجولة في معرض أعده تلاميذ المجمع التربوي، سلط الضوء على المعالم البارزة في الرباط وباكو، مثل قصبة الوداية وبرج العذراء (Qız Qalası). هذا المعرض، الذي مزج بين الإبداع الفني والتحسيس بأهمية التراث، جسد غنى الحوار الثقافي وارتباط الأجيال الشابة بجذورها. وقد أشادت الأميرة للا حسناء بهذا العمل، الذي يعكس قدرة الشباب على بناء جسور بين الثقافات من خلال الفن والتعليم.

زيارة تاريخية تعزز الشراكة المغربية-الأذربيجانية

تعد زيارة الأميرة للا حسناء إلى باكو محطة بارزة في مسار التعاون الثقافي والتربوي بين المغرب وأذربيجان. فمنذ توقيع اتفاقية التوأمة بين الرباط وباكو عام 2022، شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا، شمل تبادل الزيارات الرسمية، تنظيم فعاليات ثقافية مشتركة، وإطلاق مشاريع تربوية مبتكرة. وتشير إحصائيات وزارة الثقافة المغربية لعام 2024 إلى أن المبادرات الثقافية المشتركة مع أذربيجان جذبت أكثر من 10 آلاف مشارك من الشباب، مما يعكس نجاح هذه الشراكة.

في ختام الزيارة، التقطت الأميرة للا حسناء صورًا تذكارية مع المسؤولين الأذربيجانيين وتلاميذ المجمع التربوي، في لحظة رمزية عكست روح التعاون والانسجام. هذه الزيارة ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل تأكيد على رؤية المغرب في تعزيز الحوار بين الثقافات، وبناء مستقبل يقوم على التفاهم المتبادل والاحتفاء بالتنوع الثقافي.

مع هذه المبادرة، تستمر الأميرة للا حسناء في قيادة جهود المغرب ليكون جسراً بين الشعوب، متسلحة برؤية إنسانية وثقافية تجمع العالم تحت راية السلام والإبداع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى