حزب العدالة والتنمية يعقد أول اجتماع للأمانة العامة الجديدة ويقرر المشاركة في ملتمس الرقابة ضد الحكومة

الرباط – 4 مايو 2025

عقدت الأمانة العامة الجديدة لحزب العدالة والتنمية أول اجتماع لها يوم السبت 3 مايو 2025، برئاسة الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران، وذلك بعد أيام من اختتام أعمال المؤتمر الوطني التاسع للحزب.

وأصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بالمناسبة بلاغًا يعكس طموح الحزب في استعادة ديناميته السياسية والتنظيمية. برئاسة عبد الإله ابن كيران، الذي أُعيد انتخابه أمينًا عامًا.

يسعى البلاغ إلى إبراز نجاح المؤتمر، تعزيز الثقة في قيادة الحزب، وتحديد أولوياته السياسية والتنظيمية. لكن، وراء اللغة الحماسية والشعارات الديمقراطية، يطرح البلاغ تساؤلات حول قدرة الحزب على مواجهة التحديات السياسية الراهنة في ظل معارضة حكومة تتهمها بالتقصير.

وفي كلمته الافتتاحية، هنأ بنكيران أعضاء الأمانة العامة الجديدة على ثقة المجلس الوطني بهم، مشيداً بالأجواء الديمقراطية والأخوية التي ميزت المؤتمر الوطني التاسع. كما أشاد بنكيران برسالة التهنئة التي تلقاها من جلالة الملك محمد السادس، والتي ثمن فيها تشبث الحزب بمقدسات الأمة وثوابتها.

هذا التركيز على نجاح المؤتمر يهدف إلى تعزيز الشرعية الداخلية للقيادة الجديدة وإبراز الوحدة الحزبية. الإشارة إلى البرقية الملكية تضفي طابعًا رمزيًا، حيث تربط الحزب بثوابت الدولة، مما يعزز موقعه كقوة سياسية موثوقة.

لكن، الإشادة المبالغة بالأجواء “الديمقراطية” قد تبدو مفتعلة في سياق سياسي يعاني من تراجع الثقة في الأحزاب، خاصة مع غياب تفاصيل حول النقاشات الجوهرية أو التحديات التي واجهت المؤتمر.

كما دعى البلاغ إلى مواصلة “النضال” للدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين، مستندًا إلى شعار “النضال من أجل ترسيخ مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن“. ويفهم من هذا محاولة لاستعادة الهوية النضالية للحزب بعد سنوات من الانتقادات بسبب تجربته الحكومية (2011-2021).

جوهر البلاغ، يتهم الحكومة بالعجز عن الوفاء بوعودها، تدهور الأوضاع المعيشية، تعطيل تشريعات مكافحة الفساد، وتبني نهج أغلبي إقصائي. كما يعلن دعم الحزب لملتمس الرقابة وفق الفصل 105 من الدستور.

الأكيد أن هذا الخطاب يتسق مع دوره كقوة معارضة تسعى لاستغلال السخط الشعبي على ارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة. دعم ملتمس الرقابة خطوة سياسية جريئة تهدف إلى إحياء النقاش العام ومحاسبة الحكومة. لكن، تركيز البلاغ على ملتمس الرقابة، وهو إجراء رمزي غالبًا، قد يُنظر إليه كمحاولة لاستعادة الأضواء السياسية بدلاً من تقديم بدائل عملية.

الى ذلك ذكر البلاغ أن الأمانة العامة اتخذت عدة قرارات هامة، أبرزها:

  1. على المستوى السياسي:
    • المصادقة على مشاركة الحزب في ملتمس الرقابة ضد الحكومة، وذلك بسبب:
      • تقاعس الحكومة عن تنفيذ برنامجها
      • تدهور الوضع المعيشي للمواطنين
      • تعطيل تشريعات محاربة الفساد
      • تضارب المصالح واستغلال النفوذ
  2. على المستوى التنظيمي:
    • إتمام تشكيل الأمانة العامة بإضافة أمينة فوزي زيزي لتمثيل الشباب
    • تعيين بهاء الدين أكدي أميناً للمال الوطني
    • تكليف محمد الناجي برئاسة هيئة الأطر والخبراء
    • تعيين سعادة بوسيف رئيسة للجنة المناصفة وتكافؤ الفرص
    • تشكيل لجان لمراجعة القوانين الداخلية للحزب
    • برمجة المؤتمرات المجالية بين يونيو وسبتمبر 2025

هذه الخطوات تعكس حرص الحزب على تعزيز تماسكه الداخلي وتجديد هياكله بعد المؤتمر. اختيار أسماء شابة مثل أمينة فوزي زيزي وتكليف قيادات مثل عبد الله بووانو ومصطفى الخلفي بمهام انتخابية، يُظهر محاولة للجمع بين الخبرة والدماء الجديدة.

كما وجه البلاغ الشكر للأمانة العامة السابقة، المناضلين، والهيئات الحزبية على جهودهم في إنجاح المؤتمر. وهذه الإشادة تهدف إلى رفع الروح المعنوية للمناضلين وتعزيز الشعور بالوحدة. لكن، تكرار عبارات الشكر بشكل موسع قد يُنظر إليه كمحاولة لتغطية أي توترات داخلية قد تكون رافقت المؤتمر، خاصة مع استبعاد أسماء بارزة من الأمانة العامة الجديدة. على أي هذا الأسلوب قد يحمل طابعًا عاطفيًا يهدف إلى الحفاظ على التماسك أكثر من تقديم رؤية استراتيجية.

وطبعا دعت الأمانة العامة جميع مناضلي الحزب إلى مزيد من التعبئة والعمل للدفاع عن مصالح المواطنين، مسترشدةً بالأطروحة السياسية التي أقرها المؤتمر الوطني تحت شعار “النضال من أجل ترسيخ مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن”.

بناء على ما سبق يمكن اعتبار أن البلاغ يعكس استراتيجية حزب العدالة والتنمية لاستعادة مكانته كقوة معارضة فعالة في ظل سياق سياسي معقد. من خلال انتقاد الحكومة ودعم ملتمس الرقابة، يسعى الحزب إلى استغلال الإحباط الشعبي من الأداء الحكومي، لكنه يواجه تحديًا في تقديم بدائل واضحة. الإشادة بالمؤتمر والبرقية الملكية تهدف إلى تعزيز الشرعية، لكنها قد لا تكفي لاستعادة ثقة الناخبين الذين يطالبون بحلول ملموسة لمشاكل الغلاء والبطالة.

على المستوى الداخلي، يُظهر البلاغ محاولة لتجديد الهياكل وتعبئة المناضلين، لكن غياب رؤية سياسية مفصلة يُضعف من تأثيره. كما أن الاعتماد على خطاب نضالي تقليدي قد لا يتماشى مع تطلعات جيل جديد يبحث عن حلول مبتكرة وشفافية أكبر.

لذا لكي ينجح الحزب في دوره كمعارضة، يحتاج إلى تجاوز الشعارات العامة، تقديم بيانات دقيقة تدعم انتقاداته، وصياغة بدائل سياسية واضحة.

في النهاية، مصداقية الاختيار الديمقراطي التي ينادي بها الحزب لن تتحقق إلا من خلال أفعال ملموسة تعيد الثقة في العمل السياسي وتخدم كرامة المواطن فعليًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى