القصر الملكي يجدد التزامه الثابت بالقضية الفلسطينية ويرفض توظيف سياسته الخارجية لأغراض حزبية

الرباط – 28 أبريل 2025
أصدر الديوان الملكي بلاغًا رسميًا يؤكد فيه الموقف الثابت واللا رجعة فيه للمملكة المغربية تجاه القضية الفلسطينية، ردًا على تصريح صادر عن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية وصف بأنه يتضمن “تجاوزات غير مسؤولة ومغالطات خطيرة” حول العلاقات بين المغرب وإسرائيل وربطها بالتطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
البلاغ، الذي يعكس الموقف الرسمي للمملكة، جدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المغربية، وحذر من أي محاولات لاستغلال هذه القضية أو السياسة الخارجية لأغراض حزبية داخلية.
التزام راسخ بالقضية الفلسطينية
أكد البلاغ أن القضية الفلسطينية تظل إحدى الأولويات الرئيسية في السياسة الخارجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس. وأوضح أن هذه القضية تُوضع في مرتبة مماثلة لقضية الوحدة الترابية، كجزء من الثوابت الوطنية التي لا تقبل المزايدات السياسوية أو الحملات الانتخابية الضيقة.
هذا التأكيد يعكس التزام المغرب التاريخي بدعم الحقوق الفلسطينية، سواء من خلال المبادرات الدبلوماسية أو المساعدات الإنسانية التي تقدمها وكالة بيت مال القدس، التي تعمل تحت الرعاية الملكية لدعم سكان المدينة المقدسة.
إطار العلاقات مع إسرائيل
في سياق الرد على تصريح حزب العدالة والتنمية، أشار البلاغ إلى أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل في ديسمبر 2020 تم في ظروف معروفة وفي سياق استراتيجي يخدم المصالح العليا للمملكة، لاسيما قضية الوحدة الترابية.
وأكد أن هذا القرار تم بتشاور واسع مع القوى الحية للأمة، بما في ذلك الأحزاب السياسية، الشخصيات القيادية، والهيئات الجمعوية المهتمة بالقضية الفلسطينية، التي أبدت انخراطها والتزامها.
وأوضح البلاغ أن هذه العلاقات تندرج ضمن إطار محدد بدقة، يشمل بلاغ الديوان الملكي بتاريخ 10 ديسمبر 2020، والاتصال الهاتفي بين جلالة الملك والرئيس الفلسطيني في اليوم نفسه، إلى جانب الإعلان الثلاثي الموقع في 22 ديسمبر 2020 بحضور جلالة الملك. هذا الإطار يؤكد أن استئناف العلاقات لا ينتقص من التزام المغرب بالقضية الفلسطينية، بل يهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي ودعم حل الدولتين.
السياسة الخارجية: اختصاص ملكي حصري
شدد البلاغ على أن السياسة الخارجية للمملكة هي اختصاص حصري لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفقًا للدستور، وتُدار وفق الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، مع التركيز على قضية الوحدة الترابية كأولوية قصوى. وأكد أن العلاقات الدولية للمغرب لا يمكن أن تكون عرضة للابتزاز من أي طرف، مهما كانت الأسباب، خاصة في ظل الظرفية الدولية المعقدة.
وفي هذا السياق، وصف البلاغ توظيف السياسة الخارجية لخدمة أجندة حزبية داخلية بأنه “سابقة خطيرة ومرفوضة“، محذرًا من أي محاولات لتقويض التوافق الوطني حول القضايا الاستراتيجية.
انتقاد تصريح حزب العدالة والتنمية
وجّه البلاغ انتقادًا صريحًا لحزب العدالة والتنمية، متهمًا إياه بمحاولة استغلال العلاقات مع إسرائيل والتطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة لخدمة أهداف سياسية داخلية. واعتبر أن التصريح الحزبي يتضمن مغالطات خطيرة قد تُسيء إلى مصداقية المغرب وموقفه الثابت من القضية الفلسطينية.
هذا الانتقاد يعكس حساسية الموضوع في السياق السياسي الداخلي، حيث يُنظر إلى أي محاولة لربط العلاقات مع إسرائيل بالقضية الفلسطينية بطريقة غير دقيقة على أنها تهديد للوحدة الوطنية والموقف الرسمي.
المغرب: توازن دبلوماسي وموقف مبدئي
يبرز البلاغ قدرة المغرب على تحقيق توازن دبلوماسي بين تعزيز مصالحه الوطنية والحفاظ على مواقفه المبدئية. فمن جهة، يواصل المغرب دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، سواء من خلال المبادرات الدبلوماسية أو الدعم الإنساني، ومن جهة أخرى، يعمل على تعزيز علاقاته الدولية، بما في ذلك مع إسرائيل، في إطار يخدم الاستقرار الإقليمي والمصالح الوطنية.
هذا النهج البراغماتي يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب كفاعل إقليمي ودولي مسؤول.
بلاغ الديوان الملكي يؤكد التزام المغرب الراسخ بالقضية الفلسطينية كجزء لا يتجزأ من ثوابته الوطنية، ويبرز في الوقت ذاته رفضه القاطع لأي محاولات لتوظيف سياسته الخارجية لأغراض حزبية. مع الحفاظ على اختصاصات جلالة الملك الحصرية في إدارة العلاقات الدولية، يواصل المغرب نهجه المتوازن الذي يجمع بين دعم الحقوق الفلسطينية وتعزيز مصالحه الاستراتيجية، مما يعزز دوره كقوة دبلوماسية فاعلة في المنطقة والعالم.