المغرب وموريتانيا يعززان شراكتهما الاقتصادية: انطلاق أسبوع المغرب في نواكشوط بلقاء وزاري رفيع

نواكشوط – 26 أبريل 2025
في خطوة جديدة تعكس عمق العلاقات الأخوية بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، ترأس السيد عمر حجيرة، كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، وفدًا مغربيًا شارك في فعاليات “أسبوع المغرب في موريتانيا”، الذي انطلق يوم 24 أبريل 2025 بالعاصمة نواكشوط، ويستمر حتى 30 من الشهر ذاته.
الحدث، المنظم بالتعاون بين سفارة المغرب ووزارة التجارة والسياحة الموريتانية، شهد افتتاح معرض تجاري وأشغال اللجنة الوزارية التجارية المشتركة، في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.
رؤية مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي
يأتي تنظيم هذا الحدث تماشيًا مع الرؤية المشتركة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، التي تهدف إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. ويعد “أسبوع المغرب في موريتانيا” منصة حيوية لاستعراض المؤهلات الاقتصادية للمغرب، خاصة في قطاعات الصناعات الغذائية، مواد البناء، والأدوية، التي تتمتع بإمكانيات كبيرة في السوق الإفريقية.
ضم الوفد المغربي ممثلين عن القطاعات الحكومية المعنية بالتجارة، إلى جانب نخبة من رجال الأعمال والجمعيات المهنية التي تمثل القطاعات الإنتاجية وأنشطة التصدير والاستيراد. وشهد الحدث لقاءات ثنائية مكثفة بين المتعاملين الاقتصاديين المغاربة ونظرائهم الموريتانيين، بهدف استكشاف فرص استثمارية جديدة وتذليل العقبات التي تواجه التجارة البينية.
اللجنة الوزارية: دفعة جديدة للتعاون التجاري
إلى جانب افتتاح المعرض التجاري، ترأس السيد عمر حجيرة، رفقة السيدة زينب بنت أحمدناه، وزيرة التجارة والسياحة الموريتانية، أشغال اللجنة الوزارية التجارية المشتركة المغربية-الموريتانية. ركزت الجلسة على مراجعة الاتفاق التجاري والجمركي الموقع في 4 غشت 1986، واستعراض حصيلة التعاون التجاري بين البلدين.
تناولت النقاشات سبل تطوير المبادلات التجارية من خلال تحديد قطاعات واعدة، مثل الصناعات الغذائية والطاقة المتجددة، لإعطاء دفعة إضافية للشراكة الاقتصادية. كما تم التركيز على تسهيل نقل البضائع عبر الطرق البرية، خاصة مع أهمية محور الرباط-نواكشوط كجسر تجاري وحضاري يربط إفريقيا بأوروبا.
وفي خطوة طموحة، اتفق الطرفان على تشكيل فريق عمل مشترك تحت إشراف وزيري التجارة الخارجية في البلدين، مكلف بإعداد مشروع اتفاق تجاري محدث يحل محل اتفاقية 1986. يهدف هذا المشروع إلى وضع أسس اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، ترتكز على مبدأ المنفعة المتبادلة والربح المشترك، مع دراسة إمكانيات فتح معابر حدودية جديدة لتسهيل التجارة.

تحديات وفرص التجارة البينية
خلال لقاء مفتوح مع رجال الأعمال المغاربة والموريتانيين، استمع السيد حجيرة إلى الصعوبات التي تواجه المتعاملين الاقتصاديين في الولوج إلى أسواق البلدين، مثل الإجراءات الجمركية واللوجستية. وأكد على الجهود الحكومية لخلق بيئة مواتية للاستثمار، مشيرًا إلى مبادرات مثل نظام التأمين العمومي على الصادرات، الذي أُطلق لدعم التوجه نحو الأسواق الإفريقية، بما في ذلك موريتانيا.
من جانبها، أشادت الوزيرة الموريتانية بالتطور الاقتصادي الذي يشهده المغرب، معربة عن حرص بلادها على تعزيز التعاون في المجالات التجارية والمالية. وأكدت على أهمية استغلال الإمكانيات التي يوفرها البلدان كبوابة للأسواق الإفريقية والأوروبية، في ظل التحولات الجيوسياسية التي تعزز الأهمية الاستراتيجية لمحور الرباط-نواكشوط.
سياق دبلوماسي واقتصادي واعد
تأتي هذه التظاهرة في سياق دبلوماسي متميز، حيث شهدت العلاقات المغربية-الموريتانية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بفضل الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات والمبادرات المشتركة. في ديسمبر 2024، تباحث وزير الاقتصاد الموريتاني وسفير المغرب بنواكشوط حول تعزيز التعاون الاقتصادي، مما مهد الطريق لهذا الحدث. كما تأسست “الشبكة المغربية الموريتانية لمراكز الدراسات والأبحاث” في نوفمبر 2024، لدعم التعاون الأكاديمي والاقتصادي بين البلدين.
ويبرز هذا الحدث التزام المغرب بتعزيز حضوره الاقتصادي في إفريقيا، حيث تسعى المملكة إلى تنويع شراكاتها التجارية بعيدًا عن التركيز التقليدي على الأسواق الأوروبية. في المقابل، ترى موريتانيا في المغرب بوابة استراتيجية للوصول إلى الأسواق الأوروبية، مما يعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
خطوة نحو مستقبل اقتصادي مشترك
يعد “أسبوع المغرب في موريتانيا” وأشغال اللجنة الوزارية المشتركة خطوة نوعية نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا. مع التزام البلدين بتذليل العقبات وتطوير إطار قانوني جديد للتجارة، يتوقع أن يشهد المستقبل زيادة في المبادلات التجارية وتدفق الاستثمارات، مما يعزز مكانة المغرب وموريتانيا كلاعبين رئيسيين في التكامل الإقليمي الإفريقي.
بهذا الحدث، يؤكد البلدان على إرادتهما السياسية لبناء شراكة استراتيجية مستدامة، تستند إلى الروابط التاريخية والثقافية العميقة التي تجمعهما، وتفتح آفاقًا واعدة للتعاون الاقتصادي في سياق إقليمي ودولي متغير.