أسعار الأضاحي في عيد الأضحى 2024: نزار بركة :”من قال إن هدف الحكومة من الاستيراد هو تخفيض الأسعار، هذا لم يقع، وأنا مسؤول عن كلامي”

خلال مهرجان خطابي نظمه حزب الاستقلال بجماعة سيدي يحيى زعير بإقليم الصخيرات-تمارة، أثار الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، السيد نزار بركة، جدلاً واسعًا بتصريحاته حول ارتفاع أسعار الأضاحي خلال عيد الأضحى 2024، رغم الدعم الحكومي المخصص لاستيراد رؤوس الأغنام. هذه التصريحات جاءت في سياق نقاش حول التحديات الاقتصادية التي تواجه المواطنين، وألقت الضوء على اختلالات في سلسلة استيراد وبيع الأضاحي. فيما يلي تفاصيل القصة مع إثراء بالمعطيات الإضافية بناءً على المعلومات المتوفرة:
خلفية التصريحات
في كلمته خلال اللقاء الحزبي، أعرب نزار بركة عن استيائه من ارتفاع أسعار الأضاحي في عيد الأضحى 2024، مشيرًا إلى أن الحكومة خصصت دعمًا ماليًا بقيمة 500 درهم لكل رأس غنم مستورد، بهدف تلبية الطلب المحلي وضمان أسعار مناسبة للمواطنين. ومع ذلك، انتقد بركة بعض المستوردين والبائعين الذين، حسب قوله، استفادوا من هذا الدعم لكنهم رفعوا الأسعار بشكل غير مبرر. وأوضح أن رؤوس الأغنام المستوردة بتكلفة 2000 درهم تم بيعها في الأسواق بأسعار تصل إلى 4000 درهم، مما زاد من معاناة الأسر المغربية، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية نتيجة التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
ردود الفعل والتحليل النقابي
أثارت تصريحات بركة نقاشًا حادًا، حيث علق السيد محمد الذهبي، الكاتب العام للاتحاد العام للنقابات والمهن القريب من حزب الاستقلال، مؤكدًا أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء لا يرتبط بالمستوردين الحقيقيين، بل بممارسات مضاربة من قبل بعض الوسطاء. وطالب الذهبي بتتبع عمليات الاستيراد وكشف هوية المضاربين، مع ضرورة تبرير مصير الرؤوس المستوردة، لمعرفة ما إذا تم بيعها فعليًا للمواطنين بأسعار مدعومة أم تم الاحتفاظ بها للمضاربة بعد العيد. وأشار إلى أن سعر كيلوغرام لحم البقر المستورد من إسبانيا وصل إلى المغرب بـ 85 درهمًا، ليتم بيعه محليًا بأسعار تتراوح بين 105 و110 دراهم، مما يعكس هوامش ربح مرتفعة.
كما ألمح الذهبي إلى ضغوط داخلية داخل حزب الاستقلال، حيث يرى بعض أعضاء المجلس الوطني والاتحاد العام للشغالين أن الحزب يجب أن ينتقل إلى المعارضة بدلاً من تحمل مسؤولية اختلالات الحكومة. وهو ما يشير إلى أن تصريحات بركة قد تكون محاولة للرد على هذه الانتقادات الداخلية، مع الإشارة إلى تحديات خارجة عن سيطرة الوزارة التي يقودها.
سياق ارتفاع الأسعار
ارتفاع أسعار الأضاحي في المغرب خلال عيد الأضحى 2024 ليس ظاهرة جديدة، بل تكررت في السنوات الأخيرة بسبب عدة عوامل:
- ارتفاع أسعار الأعلاف: يؤثر ارتفاع تكاليف الأعلاف بشكل مباشر على أسعار المواشي، حيث يشكل العلف نسبة كبيرة من تكلفة تربية الأغنام.
- نقص العرض المحلي: على الرغم من جهود الحكومة لتعزيز الإنتاج المحلي، إلا أن الجفاف المتواصل في المغرب أثر على قطاع الثروة الحيوانية، مما زاد من الاعتماد على الاستيراد.
- المضاربة والوسطاء: كما أشار بركة والذهبي، لعبت ممارسات بعض الوسطاء دورًا كبيرًا في رفع الأسعار، حيث يستغلون الطلب المرتفع خلال العيد لتحقيق أرباح كبيرة.
- التضخم الاقتصادي: تزامن عيد الأضحى 2024 مع ارتفاع معدلات التضخم في المغرب، مما أثر على القدرة الشرائية للأسر، صة الطبقات المتوسطة والفقيرة.
في هذا السياق، أفادت تقارير سابقة من سنة 2022 أن أسعار الأضاحي ارتفعت بما يتراوح بين 1000 و1500 درهم مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما أكدته مداخلات برلمانية من أحزاب المعارضة، مثل الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، التي انتقدت غياب تدخل حكومي فعال لضبط الأسعار.
إجراءات الحكومة والدعم المقدم
للحد من ارتفاع أسعار الأضاحي، اتخذت الحكومة المغربية عدة تدابير قبل عيد الأضحى 2024، منها:
- دعم استيراد الأغنام: خصصت الحكومة دعمًا ماليًا لاستيراد حوالي 600,000 رأس غنم من دول مثل إسبانيا ورومانيا، بهدف تعزيز العرض المحلي.
- إعفاءات جمركية: تم إعفاء الأغنام المستوردة من الرسوم الجمركية لتخفيف التكاليف.
- ترقيم القطيع: نفذت وزارة الفلاحة برنامجًا لترقيم القطيع الوطني لضمان تتبع الأغنام وضبط السوق.
ومع ذلك، يبدو أن هذه التدابير لم تؤتِ النتائج المرجوة، حيث لم تنعكس الدعم المالي على أسعار البيع النهائية للمواطنين، كما أشار بركة. وهو ما أثار تساؤلات حول فعالية آليات المراقبة والتوزيع.
تداعيات اجتماعية واقتصادية
أثر ارتفاع أسعار الأضاحي بشكل كبير على الأسر المغربية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. ووفقًا لتقارير إعلامية، لجأت العديد من الأسر إلى حلول بديلة، مثل:
- التبرع عبر الجمعيات الخيرية: زاد الإقبال على صكوك الأضحية التي تقدمها منظمات مثل الإغاثة الإسلامية، لتخفيف العبء المالي.
- راض أو التقسيط: لجأ البعض إلى شراء الأضاحي بالتقسيط من خلال أسواق محلية أو تجار.
- التخلي عن الشعيرة: اضطرت بعض الأسر إلى التخلي عن شراء الأضحية بسبب الأسعار المرتفعة، مما أثار نقاشًا اجتماعيًا حول تأثير التضخم على الشعائر الدينية.
مطالب وتوصيات
في ضوء تصريحات بركة وردود الفعل النقابية، برزت عدة مطالب لمعالجة الأزمة:
- تشديد المراقبة: دعا الذهبي إلى تتبع عمليات الاستيراد ومحاسبة المضاربين، مع وضع آليات رقابة صارمة على توزيع الأغنام المستوردة.
- دعم مباشر للمواطنين: اقترحت أصوات معارضة تقديم منح مالية مباشرة للأسر الفقيرة لتغطية تكاليف الأضحية، على غرار مبادرات سابقة في دول مثل قطر.
- تنظيم السوق: طالب برلمانيون بتدخل الحكومة لضبط الأسعار من خلال نقاط بيع مدعومة أو أسواق نموذجية.
- دعم صغار الكسابة: شددت بعض الفعاليات على ضرورة دعم صغار الفلاحين والكسابة المحليين لتعزيز الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
تسلط تصريحات نزار بركة الضوء على تحديات هيكلية في سوق الأضاحي بالمغرب، حيث أظهرت اختلالات في توزيع الدعم الحكومي وممارسات المضاربة التي أثقلت كاهل المواطنين. ورغم الجهود الحكومية لتخفيف العبء، فإن غياب آليات مراقبة فعالة ساهم في استمرار ارتفاع الأسعار.
ونختم بما ختم به بركة تصريحه بالتشديد على أن حزب الاستقلال ملتزم بميثاق الأغلبية، لكنه لن يسكت عن السياسات التي تضر بقدرة المواطنين الشرائية، موجهًا رسالة واضحة:
“من قال إن هدف الحكومة من الاستيراد هو تخفيض الأسعار، هذا لم يقع، وأنا مسؤول عن كلامي”.