ظاهرة العنف المدرسي: عمر اعنان يسائل الوزير حول التصاعد المقلق للظاهرة وغياب الحماية بالمدرسة المغربية

21 أبريل 2025
تشهد المؤسسات التعليمية في المغرب تناميًا خطيرًا لظاهرة العنف بمختلف أشكاله، سواء بين التلاميذ أنفسهم أو بين التلاميذ والأطر التربوية، مما يلقي بظلال قاتمة على المناخ التربوي ويهدد جودة العملية التعليمية.
هذه الظاهرة، التي باتت تثير قلق الرأي العام، تكشف عن تحديات أمنية وهشاشة في الإطار الوقائي داخل المدارس وفي محيطها، مما يعرض سلامة التلاميذ والأطر التربوية للخطر ويقوض رسالة المدرسة العمومية.
وقائع صادمة تكشف حجم الأزمة
في الآونة الأخيرة، تواترت حوادث عنف خطيرة هزت الوسط التعليمي. من أبرزها جريمة القتل المروعة التي راحت ضحيتها الأستاذة هاجر العيادر بمدينة أرفود على يد أحد المتدربين، والاعتداء الوحشي على مدير مؤسسة تعليمية بخنيفرة بواسطة الحجارة داخل فضاء المدرسة.
كما سجلت مدن مثل تيفلت، الفقيه بن صالح، ومراكش اعتداءات متكررة استهدفت أساتذة وإداريين، ما يعكس تفاقم الظاهرة واتساع نطاقها الجغرافي. هذه الوقائع ليست مجرد أحداث معزولة، بل مؤشرات على أزمة عميقة تهدد أمن الأسرة التعليمية واستقرار النظام التربوي.
سؤال برلماني يسلط الضوء على الأزمة
في هذا السياق، وجه النائب البرلماني عمر اعنان، عن دائرة وجدة، سؤالًا شفويًا إلى السيد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خلال جلسة برلمانية، لاستفساره عن التدابير الاستعجالية التي تنوي الوزارة اتخاذها لمواجهة هذه الظاهرة المقلقة.
وقد أثار السؤال قضية غياب الحماية القانونية والمهنية للأطر التربوية، وتفاقم الاعتداءات التي تهدد الأمن النفسي والجسدي لمكونات الأسرة التعليمية، داعيًا إلى حلول عاجلة تضمن بيئة مدرسية آمنة.
أسباب الظاهرة وتحديات الحل
تتعدد الأسباب الكامنة وراء تصاعد العنف في الوسط المدرسي. من جهة، يعاني النظام التعليمي من غياب آليات حماية قانونية ومهنية فعالة للأطر التربوية، مما يجعلها عرضة للاعتداءات دون ردع حقيقي. فالقوانين الحالية لا توفر حماية كافية للمعلمين، وغالبًا ما تمر الاعتداءات دون عقوبات رادعة.
من جهة أخرى، تسهم عوامل اجتماعية مثل تفكك الأسرة، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار ثقافة العنف في المجتمع في تغذية هذه الظاهرة. كما أن نقص التأطير النفسي والاجتماعي للتلاميذ، إلى جانب ضعف البنية التحتية الأمنية في المدارس، يزيد من تعقيد المشكلة.
تدابير استعجالية مطلوبة
أمام هذا الوضع المقلق، يبرز السؤال الذي طرحه النائب عمر اعنان كدعوة لتفعيل إجراءات فورية. ومن بين الحلول المقترحة:
- تعزيز الحماية القانونية: إصدار تشريعات صارمة تحمي الأطر التربوية وتضمن عقوبات رادعة للمتورطين في الاعتداءات.
- تأمين المؤسسات التعليمية: تعزيز الأمن داخل المدارس من خلال توفير حراسة وأنظمة مراقبة، وتفعيل دور لجان اليقظة المدرسية.
- برامج توعوية ونفسية: إطلاق حملات توعية للوقاية من العنف، إلى جانب توفير مرافقين نفسيين واجتماعين لدعم التلاميذ ومواجهة السلوكيات العدوانية.
- تكوين الأطر التربوية: تزويد الأساتذة والإداريين بتكوينات حول إدارة النزاعات والتعامل مع السلوكيات العنيفة.
- إشراك الأسرة والمجتمع: تعزيز دور الأسر في تربية الأبناء وتعاون الجمعيات المحلية لنشر ثقافة السلم والتسامح.
خاتمة: استعادة الأمن والكرامة للمدرسة المغربية
إن ظاهرة العنف المدرسي ليست مجرد تحدٍ أمني، بل أزمة تهدد جوهر المنظومة التربوية ومستقبل الأجيال. إن غياب تدابير فاعلة لحماية الأطر التربوية والتلاميذ على حد سواء يعمق من أزمة الثقة في المدرسة العمومية.
لذا، يتعين على الحكومة، ممثلة في وزارة التربية الوطنية، الاستجابة لدعوات الإصلاح التي عبر عنها النائب عمر اعنان وغيره من المهتمين، من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة تضمن بيئة تعليمية آمنة تحفظ كرامة الجميع وتسهم في تحقيق أهداف الإصلاح التربوي.
فالمدرسة، في نهاية المطاف، هي فضاء للعلم والتربية، وليست ساحة للعنف والصراع.