الصحراء المغربية والاحاطة الاممية

اطّلعنا أول أمس الإثنين 14 أبريل 2025، على مضمون الإحاطة التي قدّمها المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء، الإيطالي-السويدي ستيفان دي ميستورا، أمام مجلس الأمن الدولي، في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي يوم 14 أبريل 2025، وهي جلسة دورية تندرج ضمن متابعة تطورات النزاع حول الصحراء المغربية.
لتحليل إحاطة ستيفان دي ميستورا ، من وجهة نظر مغربية، يتطلب النظر إلى السياق السياسي والدبلوماسي للنزاع حول الصحراء المغربية، مع التركيز على الموقف المغربي الثابت القائم على مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد، وتقييم مضمون الإحاطة بناءً على المعطيات المتوفرة.
ولفهم ما يريد الدبلوماسي الإيطالي-السويدي ستافان دي ميستورا، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية، يجب وضع في عين الاعتبار أن الإحاطة جاءت في سياق دبلوماسي حساس، حيث يشهد الملف زخماً دولياً متزايداً لصالح الموقف المغربي، مدعوماً بتأييد دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا، فضلاً عن تقدم دبلوماسي وتنموي في الأقاليم الجنوبية.
لذا نعتقد انه كمبعوث أممي، يسعى دي ميستورا إلى تقديم رؤية محايدة تدفع العملية السياسية قدماً، مع تجنب استفزاز الأطراف المعنية (المغرب، الجزائر، موريتانيا، البوليساريو). لكن من وجهة نظرنا كمغاربة قد ننظر الى خطابه بحذر شديد لتقييم مدى توافقه مع الموقف المغربي الثابت القائم على مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد.
الى ذلك فنحن ننظر إلى هذه الإحاطة كفرصة لتثبيت المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب، مع اليقظة تجاه أي محاولات لإعادة طرح مقترحات تتعارض مع موقف المملكة، مثل فكرة “التقسيم” التي سبق أن رفضها المغرب بشدة في أكتوبر 2024.
استناداً إلى ما نشر على أنه نص الاحاطة، يمكننا الاشارة الى ما يلي :
تأكيد الزخم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي:
أشار دي ميستورا إلى الدعم المتزايد للمقترح المغربي للحكم الذاتي، واصفاً إياه بـ”التطور اللافت“، خاصة مع تأييد الولايات المتحدة وفرنسا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن. كما دعا المغرب إلى “توضيح وتوسيع” تفاصيل المقترح لتعزيز جاذبيته.
التطورات الدبلوماسية:
- يسلط الضوء على زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن (8 أبريل 2025)، حيث أكدت الولايات المتحدة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كإطار للحل، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الحل “مقبولًا للطرفين”.
- يشير إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر (6 أبريل 2025)، معتبرًا أنها جزء من ديناميكية دبلوماسية أوسع، رغم عدم ارتباطها مباشرة بملف الصحراء.
- يرى أن هذه التطورات تعكس اهتمامًا متجددًا من القوى الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا)، لكنها تؤكد أيضًا المخاطر الناتجة عن التوترات المغربية-الجزائرية.
الرسائل الثلاث من الولايات المتحدة:
- الحكم الذاتي “الجاد”: يطالب دي ميستورا المغرب بتوضيح تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي، خاصة الصلاحيات التي سيتم منحها للكيان المحلي.
- حل مقبول للطرفين: يؤكد على ضرورة المفاوضات بين الأطراف، مع إشارة إلى آلية لتقرير المصير.
- الانخراط الأمريكي: يرحب بدعم الولايات المتحدة النشط لتسهيل الحل، ويؤكد استعداده لدعم هذا الجهد تحت إشراف الأمم المتحدة.
التحديات الإقليمية:
- يشدد على أن تحسين العلاقات المغربية-الجزائرية شرط أساسي لتجنب صراع إقليمي، مشيرًا إلى إغلاق الحدود، انعدام التواصل الدبلوماسي، وزيادة التسلح.
الوضع الميداني والإنساني:
- يدعم عمل بعثة المينورسو بقيادة ألكسندر إيفانكو، رغم التحديات اللوجستية والمالية.
- يعبر عن قلقه إزاء الأوضاع الإنسانية في مخيمات تندوف، محذرًا من توقف المساعدات الغذائية بحلول الصيف إذا لم يُؤمن تمويل جديد.
- ينقل شهادات عاطفية من اللاجئين، خاصة الشباب والنساء، للتأكيد على الحاجة الملحة للحل.
دور النساء:
- يدعو إلى مشاركة فعالة للنساء الصحراويات في العملية السياسية، معتبرًا ذلك عنصرًا أساسيًا لتحديد مستقبل المنطقة.
النظرة المستقبلية:
- يرى في الأشهر الثلاثة المقبلة فرصة لتقييم إمكانية دفع العملية السياسية، مع الاستفادة من انخراط القوى الكبرى.
- يعتبر جلسة أكتوبر 2025 محطة حاسمة محتملة إذا تم تحقيق تقدم.
المغرب يرى هذا التأييد تأكيداً على نجاح استراتيجيته الدبلوماسية التي بدأت منذ 2007 مع طرح مبادرة الحكم الذاتي. الدعم الأمريكي (منذ إعلان ترامب في 2020) والفرنسي (2024) يعزز شرعية المقترح كحل واقعي وعملي، وفق قرارات مجلس الأمن الأخيرة (مثل القرار 2703 لعام 2023).
طبعا المغرب حذر من دعوة “التوضيح“، التي قد تُفسر كمحاولة للضغط عليه لتقديم تنازلات أو إعادة فتح نقاشات حول قضية يراها محسومة. المغرب يعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي واضحة بما فيه الكفاية، وتتماشى مع معايير الأمم المتحدة للحل السياسي الواقعي.
الدعوة إلى استثمار “الزخم الإيجابي”:
دعا دي ميستورا إلى استغلال “الزخم الإيجابي” خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لتحقيق تهدئة إقليمية ووضع خارطة طريق جديدة للحل.
- يسلط الضوء على زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن (8 أبريل 2025)، حيث أكدت الولايات المتحدة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كإطار للحل، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الحل “مقبولًا للطرفين”.
- يشير إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر (6 أبريل 2025)، معتبرًا أنها جزء من ديناميكية دبلوماسية أوسع، رغم عدم ارتباطها مباشرة بملف الصحراء.
- يرى أن هذه التطورات تعكس اهتمامًا متجددًا من القوى الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا)، لكنها تؤكد أيضًا المخاطر الناتجة عن التوترات المغربية-الجزائرية.
المغرب يرى أن هذا “الزخم” هو نتيجة جهوده الدبلوماسية والتنموية في الأقاليم الجنوبية، مثل مشروع الطريق الرابط بين السمارة وأمغالا (93 كم)، واستثمارات البنية التحتية التي تعزز التنمية المستدامة. المغرب يعتبر أن أي خارطة طريق يجب أن تكون مؤطرة بمبادرة الحكم الذاتي، وأن تتضمن انخراط الجزائر كطرف رئيسي في النزاع.
المغرب يدعم فكرة التهدئة، لكنه يشدد على ضرورة التزام الجزائر بالمفاوضات الرباعية (المغرب، الجزائر، موريتانيا، البوليساريو) ووقف المناوشات العسكرية من قبل البوليساريو، التي تُعتبر مدعومة من الجزائر. المغرب يرى أن الجزائر تحاول التهرب من مسؤوليتها عبر الإبقاء على خطاب “الحياد”.
تقرير رئيس بعثة المينورسو، ألكسندر إيفانكو، أكد أن البوليساريو غير قادرة على تغيير المعادلة عسكرياً، وأن القوات المغربية تحتفظ بحق الرد مع التعاون الكامل مع البعثة الأممية.
تجاهل بعض التطورات وإثارة الشبهات:
انتقادات مغربية أشارت إلى أن دي ميستورا تجاهل بعض التطورات الإيجابية، مثل الدينامية التنموية في الأقاليم الجنوبية، وركز على سرديات عاطفية مرتبطة بمخيمات تندوف. كما أُثيرت شبهات حول تحيزه بسبب زيارته لجنوب إفريقيا في 2024، التي تُعتبر معادية للموقف المغربي.
المغرب يرى أن تركيز دي ميستورا على مخيمات تندوف، دون الإشارة الكافية إلى الواقع الميداني في الأقاليم الجنوبية، قد يعكس تحيزاً أو محاولة لإرضاء أطراف مثل الجزائر والبوليساريو. المغرب يرفض أي مقاربات تتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا، ويطالب بإحاطات محايدة تركز على الحلول الواقعية.
هذا الانتقاد يعكس حساسية المغرب تجاه أي محاولات لإعادة إحياء أفكار مثل “التقسيم” أو “تقرير المصير”، التي يراها المغرب “مقابر” وغير قابلة للتطبيق. زيارة دي ميستورا لجنوب إفريقيا في أبريل 2024 أثارت قلق المغرب، حيث اعتبرها تحركاً غير بريء، نظراً لمواقف جنوب إفريقيا الداعمة للبوليساريو.
المغرب سبق أن أعرب عن رفضه القاطع لمقترح “التقسيم” في أكتوبر 2024، معتبراً إياه “فكرة ميتة” طرحها جيمس بيكر في 2002 بدعم جزائري، وجدد التأكيد على أن مغربية الصحراء خط أحمر لا يخضع للتفاوض.
ما الذي يريد دي ميستورا قوله: الرسائل الرئيسية
إبقاء الأمل في حل سياسي حياً مع التأكيد على الإلحاح:
يعبر دي ميستورا عن أمله في تحقيق تقدم نحو “حل عادل ودائم ومتفق عليه” يتيح لشعب الصحراء الغربية ممارسة “حق تقرير المصير” (الفقرة 1). يرى الأشهر الثلاثة المقبلة كفرصة لتقييم إمكانية دفع العملية السياسية، مع اعتبار جلسة أكتوبر 2025 محطة حاسمة (الفقرة 16).
دي ميستورا يحاول الحفاظ على زخم العملية السياسية في ظل جمود طويل، مشيراً إلى إلحاح الوضع لتجنب تصعيد التوترات الإقليمية. استخدامه لمصطلح “تقرير المصير” هو إشارة دبلوماسية لإرضاء البوليساريو والجزائر، لكنه يقرن ذلك بمصطلحات مثل “حل متفق عليه” تتماشى مع قرارات مجلس الأمن الأخيرة (مثل القرار 2703 لعام 2023) التي تركز على الحل الواقعي.
المغرب يرى هذه الإشارة إلى “تقرير المصير” كمحاولة لموازنة الخطاب، لكنه يرفض أي تفسير يقود إلى استفتاء أو انفصال، معتبراً أن مبادرة الحكم الذاتي تلبي هذا المطلب ضمن إطار السيادة المغربية. المغرب يرحب بالإلحاح على الحل، لكنه يطالب بأن يكون مؤطراً بمبادرته فقط.
تسليط الضوء على الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي مع دعوة لتوضيحها:
يبرز دي ميستورا تأييد الولايات المتحدة المتجدد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية خلال زيارة ناصر بوريطة إلى واشنطن (الفقرة 3)، مشيراً إلى أن الحكم الذاتي يجب أن يكون “جاداً” ويحتاج إلى “توضيح” للصلاحيات الممنوحة للكيان المحلي (الفقرة 7).
دي ميستورا يعترف بالزخم الدولي لصالح المقترح المغربي، خاصة مع دعم الولايات المتحدة (منذ إعلان ترامب 2020) وفرنسا (2024)، لكنه يدفع المغرب لتقديم تفاصيل إضافية لجعل المبادرة أكثر جاذبية للأطراف الأخرى. هذه الدعوة قد تكون محاولة لإشراك البوليساريو في نقاش بناء، أو لاختبار مرونة المغرب.
المغرب يرحب بالتأييد الأمريكي، لكنه يرى دعوة “التوضيح” كمحاولة للضغط قد تُستغل من الجزائر والبوليساريو لإعادة فتح نقاشات مغلقة. المغرب يعتبر مبادرته (المقدمة في 2007) واضحة، حيث تمنح الأقاليم الجنوبية صلاحيات واسعة (تشريعية، تنفيذية، وقضائية) ضمن السيادة المغربية، ويرفض أي مقترحات تتجاوز هذا الإطار.
أكثر من 100 دولة، بما فيها إسبانيا وعدد من الدول الإفريقية، أبدت دعماً للحكم الذاتي، مما يعزز موقف المغرب. ومع ذلك، تدوينات على منصة إكس (حتى أبريل 2025) تُشير إلى أن المغرب يرى أي دعوة لـ“التوضيح” كمحاولة لإحياء مقترحات مرفوضة مثل “التقسيم”، التي عارضها المغرب بشدة في 2024.
إبراز التوترات المغربية-الجزائرية كعائق رئيسي:
يؤكد دي ميستورا أن تحسين العلاقات المغربية-الجزائرية شرط أساسي لتجنب صراع إقليمي، مشيراً إلى إغلاق الحدود، انعدام التواصل الدبلوماسي، وزيادة التسلح (الفقرة 5).
دي ميستورا يضع الجزائر ضمن معادلة الحل، معتبراً أن التوترات الثنائية تعيق التقدم. هذه الإشارة تهدف إلى حث الجزائر على الانخراط في المفاوضات الرباعية (المغرب، الجزائر، البوليساريو، موريتانيا)، وهي صيغة يدعمها المغرب.
المغرب يؤيد هذا الموقف، حيث يرى الجزائر طرفاً رئيسياً في النزاع وليست مجرد “مراقب” كما تدعي. المغرب يطالب الجزائر بتحمل مسؤوليتها، خاصة أنها تستضيف مخيمات تندوف وتدعم البوليساريو سياسياً وعسكرياً. إغلاق الحدود منذ 1994 ووقف العلاقات الدبلوماسية في 2021 يعكسان هذا التوتر.
تقرير الأمم المتحدة لعام 2024 أشار إلى أن الجزائر رفضت العودة إلى طاولة المفاوضات الرباعية، مما يعزز موقف المغرب بأن الجزائر تعرقل الحل. زيادة الإنفاق العسكري الجزائري (22.7 مليار دولار في 2024 وفق معهد سيبري) تؤكد مخاوف المغرب من تصعيد إقليمي.
إثارة الوضع الإنساني في تندوف للضغط على الأطراف:
يركز دي ميستورا على الأوضاع الإنسانية في مخيمات تندوف، محذراً من توقف المساعدات الغذائية بحلول الصيف 2025، وينقل شهادات عاطفية من اللاجئين، خاصة الشباب والنساء، للتأكيد على الحاجة الملحة للحل (الفقرات 13-14).
هذا التركيز يهدف إلى لفت انتباه المجتمع الدولي إلى معاناة اللاجئين، مع الضغط على جميع الأطراف (بما في ذلك الجزائر كدولة مضيفة) لدعم العملية السياسية. الشهادات العاطفية تهدف إلى إضفاء طابع إنساني على النزاع، مما قد يشجع الدول المانحة على زيادة التمويل.
المغرب يرى هذا التركيز كمحاولة لإعطاء شرعية لخطاب البوليساريو، ويعتبر أن الأوضاع في تندوف هي مسؤولية الجزائر، التي ترفض إحصاء سكان المخيمات أو تحسين ظروفهم. المغرب يبرز بالمقابل التنمية في الأقاليم الجنوبية (مثل استثمارات بـ7 مليارات دولار في النموذج التنموي الجديد 2015-2021) كدليل على التزامه برفاهية السكان.
تقرير المفوضية السامية للاجئين (2024) أشار إلى أن مخيمات تندوف تستضيف حوالي 173,600 لاجئ، لكن غياب إحصاء دقيق يثير تساؤلات حول إدارة المساعدات. تدوينات على منصة إكس (أبريل 2025) تنتقد دي ميستورا لتجاهله التنمية المغربية في الصحراء، معتبرة تركيزه على تندوف تحيزاً.
دعوة إلى مشاركة النساء لتعزيز الشمولية:
يدعو دي ميستورا إلى مشاركة فعالة للنساء الصحراويات في العملية السياسية، معتبراً ذلك عنصراً أساسياً (الفقرة 15).
هذه الدعوة تتماشى مع أجندة الأمم المتحدة لتعزيز دور النساء في حل النزاعات (قرار مجلس الأمن 1325). دي ميستورا يحاول إضفاء طابع شامل على العملية، مع إرضاء أطراف مثل البوليساريو التي تروج لدور النساء في مخيمات تندوف.
المغرب يدعم مبدأ مشاركة النساء، لكنه يرى أن هذه الدعوة قد تُستغل لتعزيز سردية البوليساريو. المغرب يبرز مشاركة النساء في الأقاليم الجنوبية، حيث تشغل نساء مناصب قيادية في المجالس المنتخبة (مثل 30% من مقاعد المجالس الجهوية في 2021).
تقرير الأمم المتحدة (2023) أشاد بدور النساء في إدارة مخيمات تندوف، لكن المغرب يطالب بضمانات لمشاركة نساء الصحراء داخل الأقاليم الجنوبية في أي مفاوضات.
إشراك القوى الكبرى لدفع العملية:
يرحب دي ميستورا بانخراط الولايات المتحدة وفرنسا، معبراً عن استعداده لدعم جهود القوى الكبرى تحت إشراف الأمم المتحدة (الفقرة 9).
دي ميستورا يسعى للاستفادة من نفوذ الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لتحريك العملية السياسية، مع الحفاظ على دور الأمم المتحدة كوسيط محايد. هذه الدعوة تهدف إلى إحياء ديناميكية المفاوضات الرباعية التي توقفت منذ 2019.
المغرب يدعم انخراط الولايات المتحدة وفرنسا، لأنهما تؤيدان مبادرة الحكم الذاتي، لكنه حذر من أي محاولات لتوسيع الإطار إلى مقترحات أخرى (مثل استفتاء أو تقسيم). المغرب يطالب بأن يكون أي انخراط دولي مؤطراً بقرارات مجلس الأمن الأخيرة.
دعم فرنسا الصريح للحكم الذاتي في يوليو 2024، إلى جانب فتح 28 قنصلية في العيون والداخلة (حتى 2024)، يعزز الموقف المغربي، مما يجعل انخراط القوى الكبرى فرصة لتثبيت هذه المكاسب.
ما يحاول دي ميستورا تحقيقه: الأهداف الكامنة
يمكن استخلاص الأهداف التالية التي يسعى دي ميستورا لتحقيقها:
- إعادة إحياء العملية السياسية: بعد سنوات من الجمود، يحاول دي ميستورا خلق زخم جديد عبر الاستفادة من دعم القوى الكبرى والتطورات الدبلوماسية (مثل زيارة بوريطة إلى واشنطن). إشارته إلى “الأشهر الثلاثة المقبلة” تهدف إلى وضع جدول زمني ضاغط.
- التوازن بين الأطراف: من خلال الجمع بين دعم مبادرة الحكم الذاتي وإثارة قضايا مثل تقرير المصير والأوضاع الإنسانية في تندوف، يحاول دي ميستورا إرضاء المغرب والبوليساريو والجزائر، مع الحفاظ على حياديته كوسيط.
- الضغط على الجزائر: بإبراز التوترات المغربية-الجزائرية كعائق، يحث الجزائر بشكل غير مباشر على الانخراط في المفاوضات، وهو ما يتماشى مع الموقف المغربي.
- إشراك المجتمع الدولي: من خلال التركيز على الأوضاع الإنسانية ودعوة النساء للمشاركة، يسعى دي ميستورا لجذب انتباه الدول المانحة والمجتمع المدني الدولي لدعم العملية.
- تجنب التصعيد الإقليمي: تحذيره من مخاطر صراع إقليمي يعكس قلق الأمم المتحدة من تصاعد التوترات، خاصة مع زيادة التسلح في المنطقة.
مغربيا، يُنظر إلى إحاطة دي ميستورا بمزيج من الترحيب والحذر:
- الترحيب: المغرب يثمن تأكيد الدعم الأمريكي للحكم الذاتي وإبراز التوترات المغربية-الجزائرية كعائق، حيث يرى أن ذلك يعزز موقفه بأن الجزائر طرف رئيسي يجب أن يتحمل مسؤوليته.
- الحذر: المغرب يرفض الإشارات إلى “تقرير المصير” إذا كانت تُفسر كدعوة لاستفتاء أو انفصال، معتبراً أن مبادرة الحكم الذاتي تلبي هذا المطلب ضمن السيادة الوطنية. كما يرى التركيز على تندوف ودعوة “توضيح” المبادرة كمحاولات للضغط قد تُستغل من خصومه.
- الموقف الثابت: المغرب يتمسك بمبادرة الحكم الذاتي كالحل الوحيد، ويرفض أي مقترحات بديلة (مثل التقسيم أو الاستفتاء)، كما أكد في رده على مقترح “التقسيم” في أكتوبر 2024. يطالب أيضاً بإشراك الجزائر بشكل مباشر ووقف دعمها للبوليساريو.
نشير الى على العموم أن المغرب في صحرائه ، حيث أن قرارات مجلس الأمن الأخيرة (مثل 2654 لعام 2022 و2703 لعام 2023) تؤكد على الحل السياسي “الواقعي والعملي”، وهو ما يتماشى مع مبادرة الحكم الذاتي ويضعف موقف البوليساريو الداعي لاستفتاء.
كما أن تقرير المينورسو (2024) أكد استقرار الوضع الميداني تحت سيطرة المغرب، مع محدودية قدرات البوليساريو العسكرية، مما يعزز موقف المغرب كفاعل مسيطر.
تبقى الاشارة الى أن تدوينات على منصة إكس (تزامنا مع الحديث عن تقديم وثيقة الاحاطة) تُظهر انقساماً: المغاربة يرون إحاطة دي ميستورا منحازة لتندوف، بينما أنصار البوليساريو يرونها غير كافية لدعم “تقرير المصير”.
تقييم الإحاطة من وجهة نظر مغربية
الإيجابيات:
- تأكيد الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، مما يعزز الموقف المغربي كحل وحيد يتماشى مع قرارات مجلس الأمن.
- الإشارة إلى ضعف البوليساريو عسكرياً، مما يؤكد أن الحل العسكري غير ممكن وأن المغرب يسيطر على الوضع الميداني.
- دعوة إلى تهدئة إقليمية، تتماشى مع موقف المغرب الداعي إلى وقف المناوشات والعودة إلى المفاوضات.
- السلبيات:
- التركيز المبالغ فيه على مخيمات تندوف قد يُفسر كمحاولة لإعطاء شرعية لخطاب البوليساريو.
- دعوة “توضيح” مبادرة الحكم الذاتي قد تُستغل من أطراف معادية لإحراج المغرب أو فتح نقاشات غير ضرورية.
- تجاهل بعض التطورات التنموية والدبلوماسية التي حققها المغرب، مما يثير شكوكاً حول حيادية دي ميستورا.
توصياتنا في هذا الصدد :
- تعزيز الدبلوماسية الاستباقية: على المغرب مواصلة حشد الدعم الدولي عبر التركيز على الإنجازات التنموية في الأقاليم الجنوبية، مثل مشاريع البنية التحتية والاستثمارات الدولية.
- الضغط على الجزائر: يجب أن يستمر المغرب في المطالبة بانخراط الجزائر كطرف رئيسي في المفاوضات، مع فضح محاولاتها للتهرب من المسؤولية.
- اليقظة تجاه المقترحات الأممية: المغرب مدعو لمراقبة تحركات دي ميستورا بعناية، خاصة بعد زياراته المثيرة للجدل (مثل جنوب إفريقيا) أو أي محاولات لإعادة طرح أفكار مرفوضة.
- تعزيز السردية الوطنية: ينبغي للمغرب الاستمرار في تسويق مبادرة الحكم الذاتي كحل ناجح، مستشهداً بتجارب دولية مثل اسكتلندا وغرينلاند، كما أشار دي ميستورا نفسه.
الخلاصة :
يريد ستافان دي ميستورا أن يقول إنه يسعى لإحياء العملية السياسية لنزاع الصحراء المغربية عبر استغلال الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، مع الضغط على الأطراف لتقديم تنازلات طفيفة (مثل توضيح المغرب لمبادرته وانخراط الجزائر في المفاوضات). يحاول تحقيق توازن دبلوماسي من خلال إثارة قضايا إنسانية وشمولية (مثل تندوف ودور النساء) لكسب دعم المجتمع الدولي، مع تجنب تصعيد التوترات الإقليمية.
من وجهة نظر مغربية، إحاطة دي ميستورا في 14 أبريل 2025 تعكس مزيجاً من الفرص والتحديات. فبينما أكدت الزخم الدولي لصالح مبادرة الحكم الذاتي، فإن بعض النقاط، مثل التركيز على تندوف ودعوة “التوضيح”، أثارت مخاوف من تحيز محتمل أو محاولات لإعادة إحياء مقترحات مرفوضة.
المغرب، بثباته الدبلوماسي وسيطرته الميدانية، يبقى في موقف قوي، لكنه مدعو للحذر واليقظة لضمان أن يظل الحل السياسي مؤطراً بمبادرته الواقعية، مع إجبار الجزائر على تحمل مسؤولياتها كطرف رئيسي في النزاع.