توضيح: هل بدأت أوروبا بتطبيق قانون موحد لطرد جميع المهاجرين واللاجئين؟

يتساءل البعض عن مدى صحة خبر يفيد بأن أوروبا كلها بدأت بتطبيق قانون موحد لطرد جميع المهاجرين واللاجئين الذين يرتكبون أعمالًا إجرامية وعليهم أحكام قضائية، حتى وإن كانوا مزدوجي الجنسية. لكن الحقيقة أنه لا يوجد قانون موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي بهذا الشكل الشامل حتى اليوم، 6 أبريل 2025.
فبدلاً من ذلك، تمتلك كل دولة أوروبية سيادتها الخاصة في وضع قوانين الهجرة واللجوء، حيث تطبق دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا سياسات تسمح بترحيل الأجانب المرتكبين لجرائم خطيرة، لكن بشروط واستثناءات تختلف من بلد لآخر.
فعلى سبيل المثال، تحمي ألمانيا اللاجئين من الترحيل إلى بلدان تشكل خطرًا عليهم بموجب مبدأ “عدم الإعادة القسرية” المنصوص عليه في اتفاقية جنيف، بينما شددت إيطاليا إجراءاتها ضد الهجرة غير النظامية في السنوات الأخيرة.
من جهة أخرى، اعتمد الاتحاد الأوروبي في 2024 “ميثاقًا جديدًا للهجرة واللجوء” يهدف إلى تسريع معالجة طلبات اللجوء وتسهيل إعادة غير المقبولين إلى بلدانهم، لكنه لا ينص صراحة على ترحيل كل من يرتكب جريمة، ويترك هذا الأمر للسياسات الوطنية.
أما بالنسبة للمزدوجي الجنسية، فإن ترحيلهم أمر معقد قانونيًا لأنهم يتمتعون بحقوق المواطنة الأوروبية، ولا يمكن تجريدهم منها إلا في حالات استثنائية نادرة مثل الإرهاب، وفقًا للتشريعات الوطنية. لذا، يبدو الخبر مبالغًا فيه وغير دقيق، إذ لا يعكس واقعًا موحدًا، بل توجهات فردية متشددة في بعض الدول فقط، مدفوعة أحيانًا بضغوط سياسية من الأحزاب اليمينية.
ولو افترضنا تطبيق قانون موحد بهذا الشكل، فإن التداعيات ستكون واسعة.
قانونيًا وإنسانيًا، قد يتعارض ذلك مع الالتزامات الدولية كاتفاقية جنيف، مما يعرض أوروبا لانتقادات ودعاوى قضائية، خاصة إذا أثر على اللاجئين أو المزدوجي الجنسية.
اجتماعيًا، قد يزيد التوتر بين السكان المحليين والمهاجرين، ويعيق جهود الاندماج، وربما يرفع معدلات الجريمة بدلاً من خفضها.
سياسيًا، قد يعزز هذا التوجه شعبية الأحزاب المناهضة للهجرة، لكنه قد يعمّق الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي بين دول مؤيدة كالمجر ومعارضة كالسويد.
اقتصاديًا، قد يتسبب الترحيل الجماعي في نقص العمالة بقطاعات حيوية كالزراعة، إلى جانب تكاليف إدارية باهظة لتنفيذه.
في النهاية، الخبر لا يعكس واقعًا حاليًا، لكن التداعيات المحتملة تبرز التحديات الكبيرة التي قد تواجهها أوروبا إذا اتجهت نحو سياسة مماثلة.