كـــورونـــا .. والـــقـُـرْآن والـسُّــلـْـطــان (الـــحــلقـــة 3)

مــحــمــد ســعــدونــي.

 ” في هذه الحلقة الثالثة التي تتطرق إلى  وباء كورونا الفتاك، سنحاول فيها جاهدين للدلو  بدلونا في هذا الموضوع، وهذه المرة ســنستعـيـن ببعض ما جاء في باب الوقاية والمعالجة من الأوبئة والانحرافات من خلال المنهج الإسلامي والشرعي والفقهي، لأننا  نعيش في دولة دينها الرسمي الإسلام ويحكمها عاهل  والذي هو- أيضا – أمير المؤمنين بإجماع  العلماء وأهل الاختصاص الفقهي والشرعي وكافة الرعية … لأن بعض الناس ( بعض المغاربة ) وبسبب ضعف عقائدهم وقلة علمهم بالشرع أصبحوا تُــبّــاعا وذوي ميولات عقدية ومذهبية غريبة عن مذهبنا لسني المالكي الأشعري  المتبع في  المغرب، لا يأخذون  بالسـبيــلــيـن : العلمي والشرعي الكفيلي ن بهدايتنا للنجاة من الوباء والبلاء “، قال تعالى ” قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا ( صدق  الله  العظيم) “.

على غرار باقي بلدان المعمور، تخوض المملكة المغربية حربا ضروسا مكلفة ومرهقة ضد  فيروسْ ” كورونا ” والذي انتشر في كل ربوع العالم، خلف وما زال يخلف عددا كبيرا من الوفيات والخــسائر الاقتصادية ، مما جعل العالم يقف عاجزا في محاربته والحد من انتشاره، وبالرغم من تضافر الجهود لوفق انتشاره خاصة عندنا هنا في المغرب ، وما نتج عنه من رعب جسدي ونفسي ومآلات أخرى ، مع الأسف فقد  سجلنا ( نحن المغاربة) دخول تيارات  معروفة بانحرافاتها السياسية والمذهبية والعقدية ، رضعت من ثدي الفوضى والتمرد، همها استغلال الفرص والمناسبات  لاستعراض عضلاتها وإثبات ذاتها دون مراعاة لوحدة الدين والوطن والمصالح العليا للبلاد، لأنها – وهذا هو الخطر – تتحرك وفق أهداف وأجندات معروفة ، أو لخدمة  الزعيم أو المرشد المنقذ والمخلص ، وليس انطلاقا من أفكار أو وجهات  نظر مشتركة ومكشوفة قد تكون موضوعية ، أو قد تصيب أوقد تخطئ  .

هــذه الــمــرّة .. المـــصــيـــبــة عـَــمـَّــتْ وشـَــمــلَــتْ :

بعد تسجيل حالات مرضية معدية بوباء ” كورونا”، اتخذت السلطات المغربية كل الإجراءات المتاحة والمتوفرة للحد من انتشار هذه ” الجائحة”،  خاصة وأنه سبق للمغرب أن واجه أوبئة فتاكة في فترات أرَّخَ لها مؤرخون وكتاب ورحالة … ، في أزمنة عصيبة انعدمت  فيها الإجراءات الوقائية والتوعوية والطبية،  بسبب الفقر والجهل، بسبب السيبة وكثرة الفتن والفتانين والدجالين والمتمردين، يقول أحد المؤرخين  🙁 الفقر لا يدفع إلى التمرد والثورة ولكن الإيمان بالفقر هو الذي يصنع الثورة …)، فإذا كانت السلطات المغربية قد فرضت الحجر الصحي كإجراء وقائي بالدرجة الأولى ، وأغلقت  كل الأماكن العامة التي تحشر الناس للأكل والاستجمام، فهذا الوباء استُـنفرت لمحاربته كل وزارات العالم، عطل  المدارس والجامعات ، وسد الحدود البرية والبحرية والأجواء الجوية …لكنه ما زال يتفشى ويتمدد عبر كل القارات، رغم شدة التدابير والاحترازات، {وإذا أراد الله بقوم سوءاَ فلا مَرَدَّ له وما لهم من دونه من وال}.

المغرب كباقي دول العالم انتابه الرعب والهلع خوفا من هذه الجائحة، وبادرت السلطات  المغربية إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة ، وجندتْ كل الطاقات المتوفرة : تدابير طبية ونصائح صحية، تسخير الإعلام من أجل توعية الناس وتوجيههم وإطلاعهم على كل المستجدات المتعلقة بهذه الوباء ، إلى جانب الاستعانة بالأجهزة الأمنية لمراقبة وتتبع تطبيق الإجراءات الإدارية والقانونية والصحية لحماية الفرد والجماعة، خاصة في أوقات تطبيق قرار منع التحرك والجولان  ، وهي مهمة صعبة ومعقدة، لأن هناك من يشذ عن التدابير الوقائية ” لكل حاجة في نفسه” السطو والسرقات، كسر حالة الطوارئ من طرف مجموعات متمردة ورافضة للنظام وللسياسات المتبعة في البلاد، وهي الحالة التي تفاجأ بها المغاربة عندما قامت مجموعة محسوبة على تيار ديني بالخروج ليلا رفضا لغلق المساجد ضدا على القانون ، رغم أن الإسلام سبق وأن أمر بتطبيق ما يسمى بالحجر الصحي وحذر”  { من الاختلاط بأهل المرض المعدي }، ومن هنا ندرك ونعلم أن ما اتخذته السلطات الصحية والشؤون الدينية في بلادنا هو من صميم التعاليم الإسلامية السمحة لتحقيق مقاصد الشريعة في حفظ النفوس والأبدان،  ونحن من واجبنا  إبداء روح التعاون والتضامن  وليس بشق عـصا الطاعة وإثارة الفوضى والقلائل لتشتيت المجهود الجمعي الذي وحد كل المغاربة.

كـَـمَــنْ يـَـســتـَــعـيــنُ بــإبـلــيــسَ لــيـَـطْــرُدَ بــــه الــشــيــطــان :

” ثمة عدوى تنتشر أسرع من الفيروس ألا وهي الخوف”. (دانْ بْــراونْ )، ورينا كيف هرع الناس إلى المتاجر والدكاكين والصيدليات لاقتناء ما يحتاجون إليه لمواجهة  فترة الحصار أو الحجر الصحي القادم، فقد تأكد لدينا أن غزوة كورونا  للعالم بإسره مرحلة خطيرة  لا أحد إطلاقًا توقع حدوثها، و نحن جزءًا من هذا العالم  شئنا أم أبينا، وحديثنا هنا  تحديدًا عن محركات تلك العناصر الملتحية و التي نعرفها جميعًا ونعرف خططها ونواها.

فجأة وجه الإعلام  أعين الكاميرات نحو حدث تصدر أهم الأخبار العاجلة، عندما تجمهرت مجموعة من الملتحين ليلا وضد قرار منع التجوال  في بعض الشوارع المغربية، للاحتجاج على غلق المساجد  غير مقتنعين بأن هناك فيروس قاتل قد يصيب أي شخص  وفي أي لحظة ، قناعة منهم أن الله قدير على منع الوباء عن المسلمين ، في حين أصبح   الخوف وحده هو سيد الموقف  في أعين المغاربة، همهم الرئيسي هو تخزين  الطعام والمطهرات وكل متطلبات بقائهم تحت سقف البيت  هربًا من “الجائحة،  الذي لا نستطيع تخمين إلى من  سوف تنتقل وتحط رحالها  فيه،  خاصة إذا لم يحترم الناس شروط الوقاية والسلامة حتى ولو كنا  داخل مسجد أوزاوية ، والصحيح أن الوقاية خير من العلاج وليس الاستعانة بإبليس لنطرد به الشيطان .

إن الله لـــيزع بالـســلــطـان ….

وختاما نذكر بقانون الطوارئ الذي صادق عيه البرلمان المغربي ونترككم  للتمعن في هذه الفقرة : إن الله يزع بالسلطان ما لا يـزع بالقرآن)، معناه يمنع بالسلطان ( قوة القانون) باقتراف المحارم، أكثر بما يمنع بالقرآن؛ لأن بعض الناس لا تؤثر فيهم زواجـر القرآن  والنصيحة ، بل يقدمون على الجرائم بالإثم والعدوان بكل تحد وجسارة ، “( لكن متى علموا أن هناك عقوبة من السلطان ( القانون) ارتدعوا خوفا  من العقوبة السلطانية، فالله يزع بالسلطان يعني عقوبات الحاكم  بعض المجرمين أكثر بما يردعهم بالقرآن (أي بالهدي والنصيحة وبالتي هي أحسن ) لضعف إيمانهم، وقلة خوفهم من الله -سبحانه وتعالى، ولكنهم يخافون من السلطان لئلا يتابعهم ويعاقبهم ، فهم يخافون ذلك، فيتراجعون  عن ارتكاب جرائمهم  خشية من عقوبة  السلطان .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى