2797 والعهد الجديد: جرسيف تستشرف دور الإعلام في ترسيخ الحكم الذاتي كـ”ضَربَة المعلّم”

جرسيف – 5 نوفمبر 2025

في توقيت حاسم يتزامن مع الاحتفالات بالذكرى المجيدة للمسيرة الخضراء وبعد أيام قليلة من الإنجاز الدبلوماسي الكبير للمملكة، نظمت فعاليات إقليم جرسيف ندوة وطنية رفيعة المستوى لمناقشة دور الإعلام المغربي في ظل التحولات الأخيرة للقضية الوطنية الأولى، وهي قضية الصحراء المغربية.

لقد شكل هذا التجمع العلمي والأكاديمي والإعلامي، الذي نظمته كل من المديرية الاقليمية بجرسيف لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والميرية الجهوية لوزارة الثقافة والشباب والتواصل قطاع الشباب وفرع جهة الشرق للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، تحت إشراف عمالة إقليم جرسيف، تعبيراً قوياً عن رؤية السلطات المحلية الداعمة للمبادرات الوطنية، حيث وفرت منصة لاستشراف المرحلة الجديدة التي فرضها القرار التاريخي لمجلس الأمن رقم 2797. وقد أكد الحضور على أن هذا القرار، الذي وصفته المداخلات بـ”ضَربَة المعلّم”، قد اعترف بـأولوية الحل السياسي الواقعي القائم على مقترح الحكم الذاتي كخيار وحيد وبمصداقية لإنهاء النزاع المفتعل.

التحول الدبلوماسي وتصديق المجتمع الدولي

أشارت المداخلات إلى أن الدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك، نجحت في جعل المجتمع الدولي يعترف بأن مبادرة الحكم الذاتي هي السبيل الوحيد لتسوية واقعية ودائمة تحفظ السيادة والوحدة الترابية للمملكة. وقد أكد المتدخلون، في الرد على تساؤلات الحضور، أن القرار الأممي الأخير لا يعني أن الحكم الذاتي هو مجرد حل من بين حلول، بل يعني “أنه لن تكون أي مفاوضات مع الأطراف الأخرى خارج الحكم الذاتي”. كما نوه الدكتور عبد النور صديق بـ”الحكمة الدبلوماسية” التي جنبت القرار حق النقض (الفيتو).

دعم السلطات المحلية ورؤية الإعمار والتنمية

حظيت مبادرة عمالة إقليم جرسيف بدعم وتقدير كبيرين لنجاحها في تنظيم وتأطير هذا اللقاء. وقد أبرزت المداخلات التزام المغرب بتنمية أقاليمه الجنوبية منذ 1975، حيث تم استثمار ما يزيد عن 120 مليار درهم من الاستثمارات العمومية، مع إطلاق النموذج التنموي الجديد (2015) باستثمار إجمالي قدره 85 مليار درهم.

أشار الدكتور عبد القادر التايري إلى أن هذه المشاريع الضخمة، مثل الطريق السريع تزنيت-الداخلة وميناء الداخلة الأطلسي، تهدف إلى تحويل المنطقة إلى قطب إقليمي متكامل وبوابة للمغرب نحو عمقه الأفريقي.

وقد أكد الدكتور عبد النور صديق أن الناتج الداخلي الخام للفرد في الأقاليم الجنوبية يفوق النظير الوطني بحوالي ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، داعياً إلى ضرورة التحول نحو نموذج يركز على توزيع الثروة لمعالجة مفارقة ارتفاع البطالة.

في حين أكد الأستاذ عبد العادي الجابري، الصحفي وعضو المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشر الصحف، أن دور الإعلام في الدول الحديثة لم يعد يقتصر على مجرد نقل الأخبار، بل تحول إلى شريك استراتيجي أساسي في صياغة الرؤية الوطنية. واعتبر أن القرار 2797 رفع سقف مسؤولية الإعلام الذي انتقل دوره من دائرة الترافع عن المقترح إلى دائرة ترشيح وتنفيذ حل دولي معتمد.

كما شدد المتدخل على أن المرحلة الجديدة تتطلب من الإعلام الابتعاد عن البروباغندا والتركيز على الخطاب التاريخي والقانوني الموثق. وأشار الأستاذ الجابري إلى أن الإعلام الوطني سيتعامل الآن مع الأفراد المناوئين داخل الأقاليم الجنوبية على أنهم “مغاربة يناقشون السياسة الداخلية” وليسوا طرفاً أجنبياً، مما يسهل على الإعلام أن يكون أكثر موضوعية وقرباً لمعالجة مشاكلهم.

إن النجاح التنظيمي للندوة الذي أشاد به المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية ومساهمة الأطر المحلية والإعلام الجهوي، يؤكد أن هذه المبادرات لا تقتصر على المدن الجنوبية فحسب، بل هي تعبئة وطنية شاملة هدفها غرس قيم المواطنة في الناشئة ومواكبة الأفق التنموي الذي سيجعل الحكم الذاتي نموذجاً للجهوية المتقدمة.

خاتمة: المسيرة مستمرة

لقد أثبتت التجربة، كما جاء في ختام الندوة، أن مسيرة التنمية في الصحراء المغربية لم تكن مجرد مشروع اقتصادي، بل كانت مسيرة وطنية للإخلاص والوفاء للوحدة الترابية. وتبقى المهمة الآن هي تفعيل هذا الحل الدولي، الذي جاء بفضل الدبلوماسية الملكية الحكيمة، وجعل الأقاليم الجنوبية واجهة المغرب الموحد والمتجدد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!