يونس مجاهد يكشف لـ “صوت المغرب”: سُجنت وعُذّبت ورفضت العفو.. و”فوضى” النقابة تُسقط الشرعية عن القيادة الحالية

يُعتبر السيد يونس مجاهد، النقيب السابق للصحفيين والرئيس الأول لتجربة المجلس الوطني للصحافة، أحد أكبر الشهود على تطور الصحافة المغربية منذ أربعة عقود. خلال حوار مطول، كشف مجاهد عن تفاصيل مساره النضالي والمهني، مبرزاً أسباب انسحابه من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ومنتقداً النظام القانوني الحالي للمجلس الوطني للصحافة.

أزمة النقابة الوطنية للصحافة المغربية و”سقوط الشرعية”

أعلن يونس مجاهد عن انسحابه من النقابة الوطنية للصحافة المغربية انطلاقاً من مسار بدأ بعد المؤتمر الأخير، مؤكداً أن القيادة الحالية “تنكرت” لالتزامات أخلاقية تتعلق باحترام القانون الأساسي للنقابة وبإرساء نظام للحكامة والشفافية في التسيير المالي.

وشدد مجاهد على أن النقابة وصلت إلى “الدار الأسفل في واحد الفتره وجيزة”، لافتاً إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم احترام القانون الأساسي. وكمثال واضح، أشار إلى أن الدوريات القانونية لاجتماعات المجلس الوطني الفيدرالي لا تُحترم، حيث يتوجب أن يجتمع كل ستة أشهر، لكنه يجتمع الآن “مرة في السنة”. ويرى مجاهد أن هذا الخرق القانوني يؤدي إلى “سقوط الشرعية على المكتب التنفيذي”.

كما انتقد مجاهد لجوء القيادة إلى محاولات اتخاذ قرارات تأديبية ضده بسبب كتاباته الانتقادية للتسيير الداخلي، واصفاً ذلك بـ”اللعب ديال الدراري صغار”.

وضع اللجنة المؤقتة والموقف من قانون المجلس

بخصوص المجلس الوطني للصحافة، أكد مجاهد أن الولاية القانونية للجنة المؤقتة انتهت في أكتوبر (كانت محددة بسنتين)، لكنه لزم استمرارها في “تصريف الأعمال” كونها مرفقاً عاماً لديه التزامات وموظفين ومقر. وأشار إلى أن استمرار نشاط اللجنة المؤقتة يظل قائماً حتى تنصيب المجلس الوطني الجديد وفقاً للمشروع الحالي الذي يناقش الآن في مجلس المستشارين.

وانتقد مجاهد النموذج الهيكلي للمجلس الوطني للصحافة الذي تم اعتماده، مشيراً إلى أنه يمثل “خليطاً” سيئاً بين مجالس الأخلاقيات والهيئات المهنية (كنموذج الأطباء أو المحامين). واقترح مجاهد أن الحل يكمن في إنشاء “كليات” (Des Collèges) تفصل المهام: فئة للاخلاقيات (بها حكماء يتم تنصيبهم بناءً على معايير تاهيل وطنية)، وأخرى للوسطة والتحكيم، وثالثة للبطاقة، مع إبقاء البطاقة خارج المجلس بالنظر لكونها “عملاً إدارياً”.

ورغم التحفظات على النص القانوني، أكد مجاهد أن اللجنة المؤقتة اتفقت على ضرورة خروج المجلس الجديد للوجود لوقف حالة التمديد، مشيراً إلى أن المشروع القانوني الحالي يُعتبر “أهون الشرور”. وقد التزمت اللجنة المؤقتة بنشر مقترحاتها الإصلاحية التي قدمتها للحكومة في القريب العاجل.

الاعتقال والتعذيب ورفض العفو

استعرض مجاهد تجربته السياسية المبكرة في الحركة التلاميذية، وانخراطه في تنظيم “إلى الأمام” السري، حيث كان عضواً في “اللجنة الأساسية”. وقد تطلب العمل السري آنذاك تزوير بطاقات الهوية واستخدام أسماء مستعارة وتبادل الكلمات السرية مع مسؤولين لا يعرف أسماءهم الحقيقية.

توج هذا المسار باعتقاله في 9 يناير 1976. وروى مجاهد تفاصيل التعذيب “البشع” الذي تعرض له لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أيام في مركز اعتقال سري بالرباط، شمل الضرب والكهرباء واستخدام تقنيات الخنق بواسطة الماء والكريزيل (مادة كيماوية). حكم عليه بـ10 سنوات، لتضاف إليها سنتان عن فوضى أحدثت في المحاكمة، ليصبح المجموع 12 سنة.

وأكد مجاهد على أن موقفه المبدئي والنهائي هو رفض تقديم طلب العفو. وأوضح أن هذا القرار نابع من إيمانه بأنه “مظلوم” ولا يصح له أن يطلب العفو.

المراجعات الفكرية والانخراط الحزبي

خلال سنوات سجنه، خاض مجاهد ورفاقه صراعاً سياسياً وفكرياً، تمثل في مراجعات للمواقف، خاصة الموقف من قضية الصحراء، حيث اتفقوا في “بيان العشرة” على أن الصحراء مغربية، وأن الموقف السابق كان خاطئاً.

وقد أدت هذه المراجعات إلى اتخاذه قراراً بالانخراط في العمل الحزبي، ليتقدم بطلب الانخراط في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1983 وهو لا يزال في السجن.

ويؤكد مجاهد أن هذا الانخراط لم يغير شيئاً في وضعه بالاعتقال، بل على العكس، فقد كانت القيادات المعتدلة (التي راجعت مواقفها) تعتبر أكثر خطورة من المتشددين.

من النشاط النقابي إلى المكتب السياسي

بدأ يونس مجاهد العمل الصحفي في جريدة الاتحاد الاشتراكي سنة 1986. لعب دوراً محورياً في بناء العمل النقابي داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حيث ساهم في تأسيس أول فرع للنقابة بالرباط، ودافع عن فصل الناشرين عن الصحفيين العاملين في التنظيم.

أما عن انخراطه الحالي كعضو في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، فقد برر مجاهد قرار الكاتب الأول إدريس لشكر بالترشح لولاية رابعة (مؤتمر مراكش) بأنه جاء بتوافق مع الأطر لتفادي الانشقاقات المحتملة قبل الانتخابات.

وبخصوص مستقبله الشخصي، أكد مجاهد أنه يجد متعة كبيرة في القراءة والكتابة، وينوي التفرغ لهذا الجانب، مع البقاء في “الشان العام”. وختم مجاهد بالثناء على زملاءه السابقين من أمثال محمد اليازغي ونور الدين مفتاح ومحمد بنعبد القادر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!