يونس التايب: الصمت ممنوع في ساحة الدفاع عن الوطن

هنالك صمت وصمت وصمت، ولكل دلالاته.

بعض الصمت حكمة ورصانة وتعقل. وبعض الصمت ارتباك وتذبذب. وبعض الصمت ضعف وعدم ضبط للأمور. وبعض الصمت خوف وجبن.

للأسف الشديد، اختلطت الأمور وضعف التواصل بشكل غريب، حتى صار متعذرا التمييز بين صمت وصمت، فلم نعد نقدر على فهم “هذا صمت” ونميزه عن “ذلك الصمت”… هل هذا من الصنف الأول؟ … أم ذاك من الصنف الثاني؟ … أم كلاهما من الصنف الثالث …؟ أم أن صمت كثير من الصامتين هو من النوع الرابع …؟

للأسف، بعض “الأسماء” التي عودتنا أن نراها تتكلم كثيرا، وتكتب وتحاضر في السياسة والفكر والثقافة، وتنشط في جمعيات وهيئات سياسية، وتساهم في النقاش العمومي بأخذ موقف في “كل شيء” وفي “لا شيء”، لم نسمع لها صوتا خلال الأيام الأخيرة، بموازاة مع جريمة قتل الشباب المغاربة الذين تاهوا في البحر وتخطوا الحدود البحرية لدولة الجوار الشرقي، عندما كانوا يقضون عطلتهم الصيفية في منتجع السعيدية في شمال شرق بلدهم الأصلي المغرب.

بل، أكاد أجزم أن البعض لم ينشروا في صفحاتهم، ولو تعزية بسيطة لأسر الشابين الشهيدين، أو تدوينة لإبراز الطابع الإجرامي للحادث الذي جرى. ولا أدري كيف يجب أن نفهم مثل هذا السلوك ممن يصنفون أنفسهم “نخبة”، و نحن كنا و لانزال نحترمهم على ذلك الأساس :

هل هي لامبالاة “غير مقصودة” …؟؟ أم هي براجماتية بتوابل الانتهازية التي تبيع المواقف بعد “الدفع المسبق” …؟؟

أم هو انتظار لضوء أخضر يراد له أن يأتي من جهة ما … ؟؟ أم هو تحلل من المسؤولية الوطنية، و”بنادم ما بقاش مسوق !!” ؟؟ …

ليست لدي إجابات قطعية، لكن سيبقى سلوك بعض “سياسيي البلاطوهات” وبعض “خبراء الحوارات التلفزية”، وبعض “المؤثرين” المروجين للتفاهة، غير مفهوم، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول معناه.

لحسن الحظ، المواطنون المغاربة تفاعلوا، وعدد من السياسيين الصادقين تواصلوا، والجمعويين الجادين تحركوا، والإعلاميين المؤثرين عبروا وكتبوا بشكل قوي وموضوعي ورصين. كما صدر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان موقف متميز يستحق التنويه، وكل ذلك عوضنا عن صمت “الصامتين”.

بكل قوة، أعتقد أن الجهود التواصلية التلقائية التي يساهم فيها المواطنون، من جهة، والنخبة السياسية والثقافية والفكرية، من جهة أخرى، ضرورية لما فيها من تكامل ووقع، حيث يؤثر بعضها في بعض، لتسجيل الانتصار في الدفاع عن قضايا بلادنا، في مواجهة من يكنون له العداء.

لذلك، أحيي التدوينات والمقالات واللايفات التي نشرها بعض الإخوة الملتزمين بروح تمغربيت، التي ساهمت في إظهار الوجه الناصع للإجماع الشعبي الوطني بشكل يجعلنا مطمئنين لدرجة الوعي واليقظة المجتمعية التي نحتاج إليها في “ساعة المعقول” …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى