يوم دراسي بوجدة يناقش تحديات تشغيل الأطفال في المجال الحضري

وجدة – منير حموتي
نظمت جمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، يوم الخميس 15 ماي 2025، يومًا دراسيًا بعنوان “محاربة تشغيل الأطفال القاصرين بالمجال الحضري لمدينة وجدة“، وذلك ضمن برنامج “هجرة وتمكين” الذي تشرف عليه بالشراكة مع منظمة اليونيسيف. أقيم الحدث بفضاء الجمعية، بحضور ممثلين عن مؤسسات شريكة مثل الخليتين الجهوية والمحلية للنساء والأطفال ضحايا العنف، التعاون الوطني، وزارة التربية الوطنية، مكتب حفظ الصحة، إلى جانب فاعلين من المجتمع المدني.
افتتح اليوم الدراسي بعرض قدمته رئيسة الجمعية، حورية عراض، عبرت فيه عن قلق الجمعية إزاء تنامي ظاهرة تشغيل الأطفال والهدر المدرسي، وهما تحديان يهددان مستقبل الأجيال القادمة. وأشارت إلى أن العديد من الأطفال يتعرضون للخطر بسبب عملهم في ظروف قاسية، مما يحرمهم من عيش طفولتهم. ووجهت نداءً عاجلاً لجميع الفاعلين للتعبئة من أجل مكافحة هذه الظاهرة، مبرزة جهود الجمعية في حملات استقطاب الأطفال في سن التمدرس ودعم أمهاتهم اقتصاديًا واجتماعيًا.

واعتبرت عراض هذا اليوم فرصة لتقاسم تجربة الجمعية وخبرتها، مشددة على أن تشغيل الأطفال ليس مجرد أرقام، بل نتيجة اختلالات بنيوية في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية. وأوضحت أن عوامل مثل الفقر والهشاشة تدفع آلاف الأسر إلى إشراك أطفالها في سوق العمل في سن مبكرة وظروف غير ملائمة.
من جانبها، تناولت الأستاذة فتيحة النجاري، نائبة وكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة والمكلفة بالخلية الجهوية للنساء والأطفال ضحايا العنف، المقاربة القانونية لتشغيل الأطفال في المغرب. وأكدت أن المشرع المغربي حدد سن العمل بـ15 سنة وفقًا للمادة 143 من مدونة الشغل، تماشيًا مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 لعام 1973، التي صادق عليها المغرب في يناير 2000. وأشارت إلى أن مدونة الأسرة تحدد سن الرشد بـ18 سنة، مما يعني أن مدونة الشغل تمنح أهلية العمل دون أهلية التصرف القانوني.

وأوضحت النجاري أن الهدف من هذا التأطير القانوني ليس المساس بحقوق الأطفال، بل تنظيم ظاهرة موجودة نتيجة الواقع الاقتصادي والفقر. كما وضع المشرع ضمانات لمنع الأطفال من الانخراط في أعمال خطرة تهدد حياتهم وصحتهم، حتى لو أكملوا 15 سنة.
تضمن اليوم الدراسي مداخلة من ممثل التعاون الوطني، الذي قدم لمحة عن تدخلات المؤسسة، سواء بشكل مباشر أو عبر المراكز التي تشرف عليها، لدعم الأطفال والأسر الهشة. كما فُتح المجال لمداخلات الحاضرين، التي ركزت على قضايا مثل الترافع الجمعوي، التمكين الاقتصادي للأسر للحد من تشغيل الأطفال، وتتبع الأطفال بعد إعادتهم إلى المدرسة، إلى جانب تمكينهم من تكوين مهني يؤهلهم لسوق العمل.

اختتم اليوم الدراسي برفع توصيات تهدف إلى تشكيل أرضية متينة لمكافحة تشغيل الأطفال، منها تعزيز التعاون بين المؤسسات والمجتمع المدني، تكثيف حملات التوعية، ودعم البرامج التي تستهدف إعادة إدماج الأطفال في النظام التعليمي. وأكد المشاركون على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للظاهرة، مثل الفقر والهدر المدرسي، لضمان حماية حقوق الطفولة وبناء مستقبل أفضل.
يُعد هذا اليوم الدراسي، الذي نظمته جمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، خطوة مهمة لتسليط الضوء على تحدي تشغيل الأطفال في وجدة، معززًا التزام الجمعية بالعمل على حماية الأطفال وتمكينهم. ويبقى الرهان المستقبلي في تعبئة كل الفاعلين لتحقيق تقدم ملموس في القضاء على هذه الظاهرة وتوفير بيئة آمنة وداعمة للأجيال القادمة.
