وجدة: احتجاجات شبابية تواجه قمعاً عنيفاً ومطالب بتحقيق العدالة وإصلاحات اجتماعية

أصدر مكتب وجدة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بلاغاً يرصد فيه الانتهاكات الخطيرة التي طالت احتجاجات شبابية سلمية نظمها شباب تحت اسم “جيل Z” أيام 29 و30 شتنبر و01 أكتوبر 2025 بساحة روما بوجدة. هذه الاحتجاجات، التي رفعت شعارات تطالب بالحق في الصحة، التعليم الجيد، الشغل، وإسقاط الفساد، مع رفض تنظيم كأس العالم بالمغرب، قوبلت بقمع أمني عنيف كشف عن فشل الحكومة في التعاطي مع مطالب الشباب ومعالجة أزماتهم الاجتماعية، في مدينة تعاني من التهميش، البطالة، وأزمة النقل الحضري.

طوقت القوات العمومية المحتجين بشكل مكثف، ومنعتهم من ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر، مما أشعل أجواء من التوتر والاحتقان. تحولت الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة يومي الإثنين والثلاثاء، حيث استخدمت السلطات سيارات أمنية كبيرة لمطاردة المتظاهرين في شوارع وأزقة المدينة بسرعة مثيرة للرعب، مع تشغيل منبهات الإنذار لتفريقهم. لكن الأخطر كان يوم الثلاثاء ليلاً، حيث دهست سيارات الشرطة شابين على الأقل كانا على الرصيف، في مشهد وصفته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بـ”المقزز والفظيع”، مخلفاً إصابات بليغة تقشعر لها الأبدان.

الشاب (ب. أ)، طالب جامعي يبلغ من العمر 19 عاماً، تعرض لبتر إحدى ساقيه بعد عملية جراحية ونقل إلى المستشفى العسكري بالرباط، بينما يرقد (و. ط) في قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي بوجدة في حالة حرجة. هذه الأحداث، التي وثقتها فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، عكست همجية المقاربة الأمنية التي تبنتها الحكومة، والتي هددت حياة الشباب بدلاً من حمايتهم.

لم تكتفِ السلطات بالقمع الميداني، بل اعتقلت 78 مواطناً، منهم 17 قاصراً، و37 بالغاً ما زالوا رهن الاعتقال، فيما يتابع آخرون في حالة سراح مؤقت. ووفق شهادات الشباب المفرج عنهم، تعرضوا للصفع، الركل، الضرب، الإهانات، والتعنيف داخل سيارات الشرطة، في خرق واضح لكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية التي تكفلها المواثيق الدولية والدستور المغربي.

إن هذه الانتهاكات، التي رصدتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع وجدة، تكشف عن فشل الحكومة في احترام الحق في حرية التعبير والتظاهر السلمي، وتؤكد استمرار المقاربة الأمنية التي تزيد من احتقان الشباب بدلاً من فتح حوار جاد لمعالجة مطالبهم المشروعة. فبدلاً من الاستجابة لصرخات شباب يعاني من التهميش والبطالة، اختارت الحكومة نهج القمع، مما أدى إلى كارثة إنسانية تمثلت في إصابات خطيرة واعتداءات على الحريات.

إن هذا الوضع يستدعي استنكاراً شعبياً واسعاً وتحركاً عاجلاً من الحكومة لتصحيح هذا المنحى الخطير. فكيف يمكن لدولة تدعي احترام حقوق الإنسان أن تسمح بدهس مواطنيها على الأرصفة وتعنيف المحتجين بدلاً من حمايتهم؟ إننا نطالب بما يلي:

  • فتح تحقيق قضائي عاجل وشفاف في حوادث الدهس والاعتداءات، مع محاسبة المتورطين ومحاكمتهم بتهمة تهديد الحق في الحياة.
  • توفير العلاج الطبي والنفسي الملائم للضحايا وعائلاتهم، مع تقديم تعويضات عادلة.
  • الإفراج الفوري عن المعتقلين وضمان محاكمات عادلة تتأسس على قرينة البراءة.
  • الكف عن المقاربة الأمنية والانفتاح على مطالب الشباب الاجتماعية، التي تشمل تحسين التعليم، الصحة، فرص الشغل، ومكافحة الفساد.
  • إبلاغ الرأي العام بحقائق الأحداث دون تعتيم، احتراماً لحق المواطنين في المعلومة.

إن ما حدث في وجدة ليس مجرد أحداث عابرة، بل جرس إنذار يعكس عمق الأزمة الاجتماعية التي تعيشها البلاد. إن شباب “جيل Z”، الذي خرج للتعبير عن مطالبه المشروعة، يستحق الدعم والتضامن، لا القمع والتهميش. نحيي هيئة الدفاع التي تطوعت للوقوف إلى جانب المعتقلين، وندعو كل القوى الحية إلى التضامن مع ضحايا هذا القمع الوحشي.

على الحكومة أن تدرك أن استمرار هذه المقاربة الأمنية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان، وأن الحل الوحيد يكمن في فتح حوار وطني جاد لمعالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، والاستجابة لتطلعات الشباب نحو مستقبل يضمن الكرامة والعدالة. فمتى ستتحمل الحكومة مسؤوليتها وتضع حداً لهذا الظلم؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!