هـــذا إلى مــحـمـد بــن سـلـمــان : “الـصـرّةٌ الـــســـلطانــية ” والصـحــراء الــمغــربــية وإيـــران الصـــفــويــة

مــحــمـد ســعــدونـــي.
في انتظار أن تنكشف حقيقة الأزمة السياسية بين المغرب والسعودية، وهل هي سحابة صيف عابرة؟ تضل التخمينات تتقاطر في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن العلاقة القائمة بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية ليست بالعادية بل هي تاريخية ومتشابكة ومتداخلة منذ عهد السلطان مولاي سلميان (توفي سنة 1822)، و فترته التي قضاها سلطانا على المغرب عرفت هزات اجتماعية كانت نتيجة الإصلاحات الدينية التي أدخلها على مذهب المغاربة (( في بداية النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري انبثقت فكرة إصلاحية في نجد، دعا صاحبها محمد بن عبد الوهاب إلى نبذ كثير من المظاهر الاجتماعية التي تنسب إلي الإسلام جهلا في حين أنها بدع ضالة. وأدت دعوته إلي خلق مؤيدين ومعارضين شأن كل الدعوات وانتقلت من إطارها النظري إلي الإطار الحربي حينما وصل إلى حكم السعودية بن عبد العزيز الأول بن محمد بن السعود، وهو شيخ من نجد ذو شهامة واعتزاز لم يكتف بترداد مضمونها ونشر بنودها نظريا ولكنة شهر السيف في وجوه المناوئين حتى استطاع أن يدخل مكة منتصرا سنة 1218 هـ، وبدخوله لها أصبح حكمه ذا طابع شرعي… وكثير من المؤرخين فسروا أن خـطـة المــولى سلــيمـان على أنــها مؤازرة لفـكـر الوهــابـيـين من الناحية الدينية فيما يتعلق بتطهير العقيدة من الانحرافات التي أصيبت بها، إلا أنها في حقيقة الأمر كانت مخالفة لطريقة التطبيق التي سار عليها أولئك../ الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى ” تأليف الشيخ أبي العباس أحمد بن خالد الناصري .)، وظلت العلاقات بين المغرب والسعودية ثابتة ومبنية على الإخاء والتضامن، خاصة وأن السلاطين المغاربة كان يرسلون هدايا إلى المشرفين عن الحجيج في أرض الحرمين الشريفين، وكان أهمها ” الصـــرَّة ُالسلطانية ” التي كان السعوديين آنداك ينتظرونها بفارغ الصبر … قبل اكتشاف البترول بقرون.
فقد شهدت الأيام الماضية تطورات خطيرة بين البلدين، إذ استدعى المغرب سفيره من السعودية مصطفى المنصوري، احتجاجا على فيلم وثائقي بثته قناة “العربية”السعودية الرسمية ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وهو الفيلم الذي أثار غضب المغاربة لأن السعودية انقلبت على المغرب 360 درجة بدعمها للأطروحة الانفصالية لعصابة البوليساريو :(( التي تدعي أن المغرب غزاها بعد أن غادرها المستعمرون الإسبان في عام 1975، بينما الصحراء المغربية هي جزء أصيل من أرضي المملكة المغربية )).
طبعا سوف لن نخوض أو نكرر ما تداولته وسائل الإعلام المغربية والأجنبية حول حادثة ” الـــعربـــيــة “التي وضعت نفسها في وضع حرج، وكما يقول المثل : “إذا كان بيتك من زجاج فلا تضرب الناس بالحجارة “، ونحن- كذلك – لنا قنوات وإعلام وأسرار عن الآخر الذي يتربص بنا، فكم من مرة وجد المغرب نفسه في وضع حرج بسبب الشرور والفتن التي جرت وتجري في الشرق العربي، وأغلب هذا الحرج تجاوزه الملك الراحل بحكمة وتبصر بدأ من حرب 1967 إلى حرب 1973، إلى غزو الكويت من طرف العراق سنة 1990 .
وللتذكير فقد وقف المغرب دائما إلى جانب السعودية ضد الاستفزازات والتحرشات الإيرانية الصفوية ، وحادثة الحرم المكي بدأت أحداثها فجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979تشي بكثير من الأسرار والتي كانت للمغرب اليد الطولى في إحباطها في المهد، وتعود وقائع الحادثة :((حين استولى أكثر من 200 مسلح رافضي شيعي على الحرم المكي وهو من مقدسات المسلمين، مدعين ظهور المهدي المنتظر، وذلك إبان عهد الملك ،. العملية هزت العالم الإسلامي برمته.))
فمن حيث موعدها فقد وقعت مع فجر أول يوم في القرن الهجري الجديد، ومن حيث عنفها فقد تسببت بسفك للدماء في باحة الحرم المكي، وأودت بحياة بعض رجال الأمن والكثير من المسلحين المتحصنين داخل الحرم. حركت الحادثة بسرعة مشاعر الكثير من المسلمين وجميع المسلمين شجبوها وأنكروها ووقفوا ضدها، من بينهم المغرب الذي يقطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران تضامنا مع السعودية وغيرها .فتاريخيًا هناك جهةٌ واحدةٌ هي التي تسعى لإفساد الحج واستهداف أرواح الحجاج والإصرار على جعل موسم الحج موسمًا يخدم مصالحها السياسية وشعاراتها الثورية منذ عهد القرامطة، مرورا بإسماعيل الصفوي ، وصولا إلى إيران الخميني، يقول أحد المتتبعين :((يتذكر الكثيرون كيف قامت إيران عام 1987 بالإيعاز لحجاجها المنظمين بضباط الحرس الجمهوري بقتل الحجاج بكافة أدوات القتل من سكاكين وقطع حديد وكل ما يمكن أن يقتل به الإنسان في غفلة من السلطات السعودية )).
فهل يعلم محمد بن سلمان أن البوليساريو يحمل نفس قناعات أحمد بن قرمط ، والنمر النمر ، وهو حليف زعيم حزب الله اللبناني ، وللحوثي الذي ما زال يقصف السعودية بالصواريخ الإيرانية ؟