نوفل البعمري يترأس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في سياق تحولات دولية معقدة

الرباط – 27 أبريل 2025/جيل24 – و.م.ع
انتُخب نوفل البعمري رئيسًا جديدًا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، خلال أشغال المؤتمر الوطني الثاني عشر الذي اختتمت فعالياته يوم الأحد 27 أبريل 2025 بالرباط، تحت شعار “أي فعلية لحقوق الإنسان في ظل التحولات الدولية الراهنة؟”.
يأتي هذا المؤتمر في سياق دولي وإقليمي مضطرب، يشهد تحديات متزايدة تهدد مكانة الحقوق والحريات، مما يطرح تساؤلات حول كيفية ترجمة هذه الحقوق إلى سياسات عمومية فعالة على المستوى الوطني.
افتتاح المؤتمر: نقاش حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
انطلقت أشغال المؤتمر يوم الجمعة 25 أبريل 2025 بندوة موضوعاتية بقاعة علال الفاسي بالرباط، تناولت موضوع “الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في السياسات العمومية وسؤال الفعلية”.
شهدت الندوة مشاركة نخبة من الباحثين والخبراء في مجال حقوق الإنسان، الذين ناقشوا التحديات التي تواجه تفعيل هذه الحقوق في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتزايد الفوارق الاجتماعية. وقد أبرز المتدخلون أهمية دمج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في صلب السياسات العمومية لضمان العدالة الاجتماعية وتعزيز الكرامة الإنسانية.
وفي الساعة السادسة مساء من اليوم ذاته، عُقدت الجلسة الافتتاحية الرسمية للمؤتمر بنفس القاعة، حيث ألقى ممثلو المنظمة كلمات أكدت على ضرورة تجديد الالتزام بحماية حقوق الإنسان في سياق دولي يشهد تراجعًا في احترام الحريات الأساسية، سواء بسبب الصراعات الجيوسياسية أو التداعيات الاقتصادية للأزمات العالمية.
جلسات مكثفة في تيكنوبوليس سلا
تواصلت فعاليات المؤتمر يومي السبت والأحد 26 و27 أبريل بمعهد التكوين للمهن القضائية التابع لوزارة العدل بحي تيكنوبوليس بسلا، بجوار الجامعة الدولية. خُصصت هذه الأيام للجلسات العامة والمداولات التنظيمية، التي شهدت نقاشات معمقة حول التقرير الأدبي والمالي للمنظمة، بالإضافة إلى مناقشة التوجهات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة.
كما تم التركيز على تحديد الأولويات في ظل التحديات الراهنة، مثل تعزيز الحقوق المدنية والسياسية، حماية الفئات الهشة، ومواجهة الانتهاكات المرتبطة بالهجرة والتغيرات المناخية.
وأبرز المشاركون في الجلسات أهمية تعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذلك مع المنظمات الدولية لتعبئة الدعم اللازم للدفاع عن الحقوق والحريات. كما دعا المؤتمر إلى ضرورة تطوير آليات رصد وتوثيق الانتهاكات، مع التركيز على استخدام التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الشفافية والمصداقية.
انتخاب نوفل البعمري: مرحلة جديدة للمنظمة
كانت لحظة انتخاب نوفل البعمري رئيسًا جديدًا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان من أبرز محطات المؤتمر. يأتي هذا الانتخاب في سياق يتطلب قيادة قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. ويُعرف البعمري، وهو حقوقي ونشيط مدني بارز، بمواقفه الداعمة لتعزيز دولة الحق والقانون وتفعيل آليات حماية الحقوق الأساسية.
ومن المتوقع أن يركز خلال ولايته على تعزيز التواصل مع الفاعلين الحقوقيين، وتطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات المرتبطة بالتحولات الدولية، مثل تزايد خطاب الكراهية، التمييز، والقيود على حرية التعبير.
سياق دولي مضطرب: تحديات وفرص
يعقد المؤتمر في ظل سياق دولي معقد، يتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية، مثل الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وتداعياتها على استقرار المنطقة المغاربية. كما أن الأزمات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، تضع ضغوطًا إضافية على الحكومات لضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وقد أشار المشاركون إلى أن هذه التحولات تتطلب نهجًا جديدًا يجمع بين الدفاع عن الحقوق التقليدية ومواجهة التحديات الناشئة، مثل حقوق المهاجرين واللاجئين وحماية البيئة.
على المستوى الوطني، شدد المؤتمر على أهمية مواصلة الإصلاحات القانونية والمؤسساتية لتعزيز الحقوق والحريات، مع التأكيد على دور المنظمة في مراقبة تنفيذ التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان. كما تم التطرق إلى قضايا حساسة، مثل حرية الصحافة، استقلالية القضاء، وحقوق المرأة، التي تظل في صلب اهتمامات المنظمة.
توصيات وتطلعات
اختتم المؤتمر بتبني مجموعة من التوصيات، من بينها:
- تعزيز الشراكات مع المؤسسات الوطنية والدولية لدعم قضايا حقوق الإنسان.
- تطوير برامج تكوينية للشباب لتعزيز الوعي بحقوقهم وواجباتهم.
- إطلاق حملات توعية حول أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في ظل الأزمات.
- تعزيز استخدام التكنولوجيا في رصد الانتهاكات ونشر التقارير الحقوقية.
خاتمة: مرحلة جديدة في مسار المنظمة
يشكل انتخاب نوفل البعمري وإتمام أشغال المؤتمر الوطني الثاني عشر نقطة انطلاق جديدة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان. في ظل سياق دولي وإقليمي مضطرب، تواجه المنظمة تحديات كبيرة تتطلب رؤية استراتيجية وتعبئة جماعية.
وبفضل النقاشات المعمقة والتوصيات التي أفرزها المؤتمر، يبدو أن المنظمة عازمة على تعزيز دورها كفاعل رئيسي في الدفاع عن الحقوق والحريات، سواء على المستوى الوطني أو في إطار التضامن الإقليمي والدولي.