نقاش : خطاب وهبي… صراعًا داخليًا أم نية نهائية للانسحاب من المسؤولية؟

وهبي: إما أنا محام فاشل أوربما جعلوني وزيرا للتخلص مني

عبدالعالي الجابري – GIL24

أبدى الوزير وهبي حيرته وشكوكه حيال الأسباب التي دفعته لتولي منصب الوزارة، مرجحًا أن يكون ذلك نابعًا من تصور البعض له كـ”محامٍ فاشل” أو رغبتهم في “التخلص منه” وتهميشه. ومع ذلك، يتمسك وهبي بهويته الأساسية كمحامٍ، مؤكدًا أن المحامي يجب أن يظل محاميًا بغض النظر عن المناصب التي يشغلها. ويعبر عن ذلك قائلاً: “يبدو أنهم جعلوني وزيرًا إما لأنني محامٍ فاشل في نظرهم، أو لأنهم أرادوا التخلص مني، لكن المحامي يبقى محاميًا مهما حدث”.

إصلاحات تشريعية كبرى في المغرب

يتناول وهبي الإصلاحات التشريعية الجارية في المغرب، مشيرًا إلى أهميتها الكبيرة، خاصة فيما يتعلق بقانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية، إلى جانب الأحكام البديلة. ويؤكد أن هذه التعديلات تهدف إلى تحسين النظام القانوني بشكل شامل. ويوضح ذلك بقوله: “نعمل حاليًا في المغرب على قضايا كبرى، أبرزها مراجعة القوانين الأساسية، حيث أعددنا تعديلات مهمة تشمل قانون الإجراءات الجنائية والمدنية والأحكام البديلة، بالإضافة إلى قوانين أخرى ذات أثر كبير”.

إصلاح وضع المرأة ومواجهة ردود الفعل المحافظة

يصف وهبي إصلاح وضع المرأة في المغرب بأنه “معركة حياته”، مشيرًا إلى أنها بلغت ذروتها بقرار ملكي يعكس التزامه بهذا الملف. ويبرز الظلم التاريخي الذي تعرضت له المرأة المغربية رغم دورها الاقتصادي والاجتماعي البارز، مؤكدًا أن هذا الإصلاح يسعى لتصحيح هذا الواقع، ومن أبرز نقاطه تثمين العمل المنزلي للمرأة.

لكنه يواجه انتقادات حادة، وصلت إلى اتهامه بالابتعاد عن الدين ومعاداة التقاليد. ويعبر عن ذلك قائلاً: “المرأة المغربية ظُلمت تاريخيًا رغم مساهمتها الكبيرة، لذا خضنا معركة انتهت بقرار ملكي لمراجعة مدونة الأسرة، منحنا فيها المرأة حقوقًا مستحقة، أهمها تثمين عملها في المنزل”. ويضيف: “هذه القضايا أثارت جدلاً واسعًا جعلني أُوصف بأنني خارج عن الدين وعدو للتقاليد، لكنني محامٍ، والمحامي دائمًا يسعى لتحقيق العدالة”.

الانتقادات التي واجهها وهبي بسبب إصلاحات وضع المرأة (مثل اتهامه بالابتعاد عن الدين) يمكن التحقق منها عبر تحليل منشورات لشخصيات دينية أو سياسية محافظة في المغرب، أو مقالات رأي في الصحف المحلية مثل “هيسبريس” أو “الأحداث المغربية”. هذا سيعطي صورة عن مدى انتشار هذه الردود.

الحاجة إلى نظام قانوني هجين

ينتقد وهبي الاعتماد الحصري على النظام القانوني الروماني-الجرماني في المغرب، مشيرًا إلى تزايد نفوذ النظام الأنجلوسكسوني في السياق الاقتصادي العالمي. ويدعو إلى تبني نظام قانوني هجين يجمع بين مزايا النظامين لدعم حقوق الإنسان، معلنًا عن خطوة عملية تتمثل في إدراج دراسة النظام الأنجلوسكسوني ضمن برامج معهد تدريب المحامين المستقبلي.

ويقول في هذا السياق: “في المغرب نعتمد النظام الروماني-الجرماني، بينما يهيمن النظام الأنجلوسكسوني عالميًا، وكل طرف يدافع عن نظامه كأنه مصدر العدالة الوحيد. أرى أننا بحاجة إلى نظام ثالث يستفيد من إيجابيات الاثنين لصالح الإنسان وحقوقه، ولهذا قررنا إدخال دراسة النظام الأنجلوسكسوني في معهد المحاماة الذي سنؤسسه العام المقبل”.

فكرة هيمنة النظام الأنجلوسكسوني اقتصاديًا يمكن دعمها بتقارير دولية من مؤسسات مثل البنك الدولي أو المنتدى الاقتصادي العالمي، التي تظهر تفوق النظام الأنجلوسكسوني في التجارة والاستثمار. لكن دعوته لنظام هجين تبقى رأيًا شخصيًا يحتاج إلى تأكيد عبر خطوات تنفيذ فعلية.

تراجع حقوق الإنسان تحت ضغط الاقتصاد العالمي يمكن مقارنته مع تقارير منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” أو الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بحقوق المهاجرين والأقليات.

القلق من تراجع حقوق الإنسان والديمقراطية

يعبر وهبي عن قلقه البالغ إزاء تراجع مبادئ حقوق الإنسان، مثل حقوق المهاجرين والأقليات، تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية العالمية. ويحذر من تآكل الديمقراطية، مؤكدًا على دور المحامي الحيوي في حمايتها.

كما ينتقد الدول الغربية التي تروج لحرية انتقال رأس المال بينما تقيد حركة الأفراد بناءً على معايير انتقائية تعتمد على المهارات. ويضرب مثالاً بطفل إفريقي بلا وثائق، مشيرًا إلى تدخله الشخصي لضمان حقه في التعليم، ويؤكد أن مسؤولية الدولة تجاه المجتمع الإنساني تتجاوز الحدود الإدارية.

ويقول: “في الآونة الأخيرة، لاحظنا تراجعًا في حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين والأقليات بسبب الضغوط الاقتصادية، وهذا يهدد الديمقراطية. نطمح لعالم تُحترم فيه الحقوق والحريات، لكننا نشهد تراجعًا مخيفًا”. ويضيف: “لماذا نفتح الحدود لرأس المال ونغلقها أمام البشر؟ لماذا نختار الأطباء والمهندسين ونحرم غيرهم؟ هذا يحولنا إلى سوق بشرية. الطفل الإفريقي بلا وثائق يستحق التعليم والصحة، وهذه مسؤولية الدولة تجاه الإنسانية”.

قصة الطفل الإفريقي بلا وثائق تحتاج إلى دليل ملموس، مثل تقرير إعلامي أو وثيقة رسمية تثبت التدخل المباشر لوهبي. بدون ذلك، تبقى مجرد ادعاء يصعب التحقق منه مباشرة.

الموضوعية: لا يمكننا ا أن نحكم بشكل قاطع على من ينشر معلومات مضللة حول وهبي بالضبط، لأن ذلك يعتمد على وجهات نظر متباينة. لذا، ركزنا على تقاطع المعلومات من مصادر متعددة.

الوصول للمعلومات: بعض التفاصيل (مثل محاضر جلسات برلمانية أو تصريحات غير منشورة) غير متاحة علنًا، مما يحد من التحقق الكامل.

خلاصات الجريدة:

يثير خطاب وهبي تساؤلات حول ما إذا كان يحمل في طياته إعلانًا مبطنًا للوداع أو رغبة في التخلص من مسؤولياته كوزير. فمن جهة، يظهر تأكيده المتكرر على هويته كمحامٍ، حيث يقول “المحامي يجب أن يظل محاميًا”، وشكوكه حول تعيينه بأنه ربما جاء لأنه “محامٍ فاشل” أو محاولة “للتخلص منه”، شعورًا بالانفصال عن الدور السياسي وربما حنينًا للعودة إلى مهنته الأصلية التي يراها أكثر أصالة وراحة. كما تعكس نبرته الدفاعية عند مواجهة الانتقادات، مثل اتهامه بالابتعاد عن الدين، وتبريره بأنه “محامٍ يسعى للعدالة”، إحباطًا من الضغوط السياسية قد يدفعه للتفكير في الانسحاب. ويضاف إلى ذلك تشاؤمه حيال “تراجع حقوق الإنسان والديمقراطية”، مما قد يوحي بإحساس بالعجز عن التأثير من موقعه، بينما يبدو وصفه لإصلاح وضع المرأة بـ”معركة حياته” محاولة لتلخيص إنجازاته كخطوة تمهد للرحيل.

لكن في المقابل، تبرز عناصر قوية تعارض هذه الفكرة، حيث يعكس التزامه بالإصلاحات التشريعية الكبرى، كتعديل قوانين المسطرة الجنائية والمدنية، ودعوته لنظام قانوني هجين مع خطط عملية مثل تدريب المحامين على النظام الأنجلوسكسوني في العام المقبل، رؤية طويلة الأمد وطموحًا لمواصلة التأثير بدلاً من الاستعداد للوداع. كذلك، تحمل دعوته للمحامين للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان نبرة تحفيزية تشير إلى إصراره على النضال، سواء كوزير أو كمحامٍ، وليس استسلامًا أو رغبة في الانسحاب. ويظهر ثباته في مواجهة الانتقادات، بدلاً من التراجع، قوة شخصية تدحض فكرة الهروب من المسؤولية.

بالتالي، لا يمكن اعتبار الخطاب إعلانًا واضحًا للوداع أو تعبيرًا مباشرًا عن الرغبة في التخلص من المسؤولية، بل هو مزيج معقد من الإحباط الشخصي إزاء التحديات السياسية والاجتماعية من جهة، والالتزام بتحقيق رؤية قانونية وترك بصمة دائمة من جهة أخرى. ولتأكيد ما إذا كان ينوي الرحيل فعلاً، يتطلب الأمر سياقًا إضافيًا، كتصريحات لاحقة أو تطورات سياسية، لكن النص وحده يظهر صراعًا داخليًا أكثر منه نية نهائية للانسحاب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى