ملتقى الأجيال في الصفصافات: ربط الماضي بالحاضر واستشراف المستقبل

أحمد صبار – جرسيف
شهدت قرية الصفصافات بجماعة تادارت، إقليم جرسيف، نهاية الأسبوع الماضي حدثًا ثقافيًا متميزًا، تزامن مع الاحتفال بالذكرى الفضية لتأسيس جمعية أمل الصفصافات، وذلك تخليدًا لعيد العرش المجيد. هذا الحدث، الذي نظمه النسيج الجمعوي والتعاوني المحلي بدعم مادي ذاتي من أبناء القرية، حمل عنوان “ملتقى الأجيال الخامس”، ليجسد تجمعًا عائليًا يربط بين الماضي والحاضر، ويرسم آفاقًا للمستقبل.
شهد الملتقى حضورًا مميزًا لقائد قيادة تادارت ممثلًا عن السلطة الإقليمية، إلى جانب عدد من رؤساء المصالح الخارجية وفاعلين مدنيين. وكان الحدث فرصة لتكريم رواد تأسيس الجمعية، وهم: محمد غنيم، أحمد الصالحي، محمد دهدوه، محمد معاش بلعيد، محمد أزياش، الحسين شبلو، عبد العزيز قشاش، الحسين أفوراو، عبود الغازي، وزيري زردة، تقديرًا لجهودهم في خدمة القرية وتعزيز هويتها الثقافية.
يعد “ملتقى الأجيال” محفلًا عائليًا يجمع أبناء وادي مللو والمنحدرين من قرى جبال بويبلن، سواء من داخل المغرب أو خارجه، بهدف تعزيز أواصر المودة مع الجذور والأصول. ويسعى الملتقى إلى تعريف الأجيال الصاعدة بتراثهم الثقافي الأصيل، بمكوناته المادية واللامادية، وقيمه النبيلة التي تشكل شخصية الإنسان المغربي الأصيل، القائم على التعايش، التسامح، وقبول الاختلاف.
وفي كلمته، أعرب رئيس الملتقى، الدكتور محمد الكبير الرامي، عن فخره واعتزازه بجهود جلالة الملك محمد السادس في بناء المغرب المعاصر. وأشار إلى حرص جلالته على استكمال أوراش التنمية، مع إيلاء أهمية كبرى لإعادة تهيئة المجال الثقافي والحفاظ على التراث المادي واللامادي، بما يعزز التعدد والتنوع الثقافي كجسر لتحقيق الإقلاع التنموي المنشود.
وأكد الرامي أن الملتقى يستلهم الرؤية الملكية السامية التي عززت مكانة الأمازيغية كلغة وتراث ثقافي وحضاري مشترك لجميع المغاربة. وأشار إلى الفصل الخامس من دستور 2011 الذي كرس الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية، لتتمكن من أداء وظائفها كاملة في إطار التنوع الثقافي.
جاء الملتقى استجابة للاستراتيجيات الثقافية والوطنية، داعيًا إلى الوعي بالتحولات المعاصرة محليًا ودوليًا. كما شكل فرصة لفتح المجال أمام الأجيال لإعادة التفكير في الثقافة المغربية الأصيلة، والانطلاق منها نحو إقلاع تنموي منفتح على الصناعات الثقافية، مستفيدًا من التقدم التقني والذكاء الاصطناعي للتعريف بالهوية المغربية عالميًا.
ملتقى الأجيال في الصفصافات لم يكن مجرد احتفالية، بل تجربة ثقافية وحضارية تجمع بين الفخر بالماضي والطموح للمستقبل، مؤكدًا على دور الثقافة كمحرك للتنمية وجسر للتواصل بين الأجيال.