مخاوف الفيدرالية المغربية لناشري الصحف من إصلاحات قانونية تهدد استقلالية المجلس الوطني للصحافة

في مداخلة قوية ألقاها السيد محتات رقاص، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، أثيرت مخاوف جدية بشأن مشروع قانون لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وهو المؤسسة التي تُعد ركيزة أساسية للتنظيم الذاتي للصحافة في المغرب. وقد ركزت المداخلة على نقد التعديلات المقترحة التي قد تعرض استقلالية المجلس وحرية الصحافة للخطر، في ظل غياب المشاورات الكافية مع المهنيين.تجربة إيجابية وتحديات جديدة
أشار الرقاص إلى أن تجربة المجلس الوطني للصحافة خلال ولايته الأولى (2018-2022) كانت “إيجابية بشكل عام”، حيث شكل إحداث هذه المؤسسة إنجازاً تاريخياً كأول هيئة للتنظيم الذاتي في المغرب. وقد تميز المجلس باختصاصات واسعة، مثل منح وسحب البطاقة المهنية، مما جعله نموذجاً فريداً مقارنة بتجارب دولية أخرى. ومع ذلك، أعرب عن أسفه لعدم تجديد انتخابات المجلس بعد انتهاء ولايته، معتبراً ذلك “عيباً” يهدد المسار الديمقراطي.
كما ركزت مداخلة الرقاص على التحفظات بشأن التعديلات المقترحة في القانون، التي وصفها بأنها تهدد التعددية والاستقلالية. ومن أبرز الانتقادات:
- غياب المشاورة التشاركية: أكد الرقاص أن الحكومة واللجنة المؤقتة لم تجريا مشاورات كافية مع الفيدرالية ومنظمات مهنية أخرى، مشيراً إلى أن اللقاء الوحيد مع اللجنة المؤقتة جاء متأخراً ولم يكن حواراً حقيقياً. واعتبر ذلك إخلالاً بالمقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور المغربي.
- احتكار تمثيلية الناشرين: انتقد النص القانوني الجديد لاعتماده مبدأ “الانتداب” بدلاً من الانتخاب لتمثيل الناشرين، بناءً على رقم المعاملات والموارد البشرية. وأوضح أن هذا النظام قد يتيح لثلاث أو أربع مقاولات كبرى السيطرة على 12 مقعداً في المجلس، مما يؤدي إلى “احتكار وتمييز وضرب للتعددية”.
- صلاحيات خطيرة: أثار الرقاص قلقاً بشأن منح المجلس اختصاص منع الصحف، معتبراً أن هذا التعديل يعيد صلاحيات المنع من القضاء إلى مؤسسة للتنظيم الذاتي، وهو ما وصفه بـ”منح ما ليس لها لمن لا يجب أن يكون لديه”. كما انتقد إدخال عقوبات جنائية على الصحفيين في حال عدم إرجاع البطاقة المهنية، وهو ما يعيد بشكل غير مباشر العقوبات السالبة للحرية التي أُلغيت عام 2016.
- إضعاف الديمقراطية: حذر من أن إلغاء شرط الشمولية في لوائح الانتخاب للصحفيين قد يؤدي إلى هيمنة فئة إعلامية واحدة على المجلس، فيما أشار إلى أن غياب التناوب على رئاسة المجلس وتمديد ولايته إلى خمس سنوات يناقض مبادئ الديمقراطية.
واختتم الرقاص مداخلته برسالة واضحة للحكومة، محذراً من تمرير القانون بـ”منطق العناد والأنانية”، لأن ذلك سيؤثر سلباً على صورة المغرب والمكتسبات الديمقراطية التي تحققت. ودعا البرلمان إلى تسجيل “لحظة تاريخية” بالانتصار لحرية الصحافة والتعبير والاختيار الديمقراطي، مؤكداً أن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل انشغال مجتمعي يعكس مستوى الديمقراطية في البلاد.
اخيرا نعتقد ان مداخلة محتات رقاص تكشف عن تحديات جسيمة تواجه قطاع الصحافة المغربية في ظل الإصلاحات القانونية المقترحة. ومع استمرار النقاش حول مستقبل المجلس الوطني للصحافة، تظل دعوات المهنيين للحفاظ على استقلالية المؤسسة وحرية الصحافة في صدارة الأولويات، حفاظاً على المكتسبات الديمقراطية التي حققها المغرب.