محامون و نقباء في رسالة نارية… “نرفض التلاعب بإحكام القضاء”

عبر رؤساء سابقون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ونقباء، عن رفضهم “التلاعب بإحكام القضاء ضد الدولة بمشروع قانون المالية الجديد”
ووجه كل من عبد الرحمان بنعمرو، وعبد الرحيم الجامعي، ومحمد مصطفى الريسوني، وادريس شاطر، وامبارك الطيب الساسي، وادريس ابو الفضل، وحسن وهبي. رسالة لكل المحاميات والمحامين وللرأي العام. مشددين على انه “اليوم على المحاميات وعلى المحامين وعلى هيئاتهم القيام بواجبهم والوقوف من اجل الدفاع عن القرارات والأحكام القضائية الصادرة بالأساس ضد الدولة والدود عن مصداقيتها وعن قيمتها و فرض تنفيذها ومنع التلاعب بها أو التحايل على تنفيذها ضدا على الوقار والاحترام الواجب لها وضدا على القيمة الدستورية للأحكام النهائية الواجبة التنفيذ.”
وأضافت الرسالة النارية، انه “كما يعرف الجميع واجبات تقع كذلك على عاتق المؤسسات الدستورية نفسها وعلى المؤسسة التشريعية وعلى الأحزاب السياسية والمهنية والقانونية، خصوصا وان المسطرة المدنية التي وضعت بظهير لا يمكن تعديلها بقانون آخر ضدا على فلسفة التشريع و ضدا على المادة الثالثة من القانون التنظيمي للميزانية ، و المسطرة تلك هي التي التي تحدد طرق تنفيذ الأحكام واعطت للقضاء دون غيره الأمر استثناء بوقف تنفيذها او تأجيلها لأسباب يراها ضرورية ووجيهة.”
وشدد الموقعون على الرسالة، على ضرورة “الانتباه والحذر وإعلان رفضنا الاستيلام لما ورد بمشروع قانون المالية لسنة 2020 الذي صادقت عليه وإحالته الحكومة المغربية على مجلس النواب.”
وذكّرت الرسالة بما ورد في المادة 9، وإعتبرتها أخطر “المقتضيات التي ستغتصب مصداقية القضاء ومصداقية احكامه ضد الدولة وستقوض احد المقومات الأساسية لدولة القانون.
واوضحت الرسالة، أن المادة 9 “منحت للدولة و للإدارة المحكوم عليها وللمحاسبين التابعين لها سلطة فوق سلطة القضاء، و قوة فوق قوة قراراته، وأعطت الادارة حق التصرف في تنفيذ الأحكام حسب نزواتها وميولاتها وصلاحياتها التحكمية سواء لتنفيذ الحكم او تأجيل التنفيذ لسنوات دون تحديد ولا آجال، بل منعت المادة أعلاه صراحة وقطعا الحجز عن أموال الإدارة وميزتها على بقية المتقاضين..”
وبذلك تكون المادة التاسعة، وتكون الحكومة معها، حسب الرسالة، “قد ابانت عن موقفها التحكمي في النهاية ضد المرفق القضائي اولا وقررت فتح النار ضد قرارات المحاكم الإدارية الشجاعة التي أطلقت اجتهاداتها بجرأة قضائية مثالية، وأصبحت تصدر أحكامًا بالحجز على أموال الإدارة بين يدي المحاسبين ولتقول للإدارة ولأعوانها انتم و المتقاضين سواء أمام القانون، وان القضاء الإداري يمنع التعامل بالتمييز مع أطراف الدعوى، فضلا ان القضاء الإداري لم يوجد اصلا كما تعلم الدولة و الحكومة ، سوى للتصدي للقرارات الجائرة و للشطط وللتعسف الإداري.”
ووصفت الرسالة، المصادقة على هذه المادة، بالفضيحة السياسية و القانونية والمسطرية التي “ليست بعدها فضيحة”، مؤكدة “اننا نقف على عتبة الضربة القاضية ضد سيادة واستقلال القضاء وعلى بداية الانهيار القضائي بسبب توجه الحكومة الجديدة المنافي لمصالح المتقاضين..”
وزادت الرسالة، انه “وبسبب المادة التاسعة التي تقدمت بها في مشروع قانونها المالي للسنة القادمة و بعد ان تقدمت بنفس المقتضى في السنة الماضية فوقفنا نحن المحامون ومعنا القوى الحية بالبلاد ضد مشروعها السابق فقرر البرلمان إسقاط المادة 8 ، وها هي الحكومة اليوم تعود بالمادة 9 في مشروع سنة 2020 لتلعب نفس اللعبة من جديد و لتتحايل على مكتسبات سابقة لتضربها وتعسف بها وبحقوق المتقاضين.”
وجدد الموقعون على الرسالة رفضهم للمادة التاسعة في مروع قانون المالية، كما طلبوا “من هيئات المحامين عدم السكوت أمامها لان تنفيذ الاحكام ضد الدولة ليس منحة بل هو واجب مفروض عليها وعلى كل محكوم عليه على السواء كما حددته قواعد المسطرة المدنية و كما فرضته المادة 126 من دستور المغرب.”
وتوجهت الرسالة البرلمانيات والبرلمانيين، طالبة منهم “رفض المقتضى الذي جاء به مشروع قانون المالية الجديد بالمادة التاسعة كما رفضوا المصادقة على المادة الثامنة في مشروع السنة الماضية، و نطالب من الحكومة سحب المادة القاتلة اعلاه”، كما طلبوا “من وزارة العدل الدفاع عن الأحكام وعن تنفيذها دون عرقلة من الدولة ولا ومن غيرها، كما نطالب السلطة القضائية ان تدافع عن أحكامها لانها هي المسؤولة عن تنفيذها وعن فرضاحترام القرارات النهائية ، فكل محاولة لمسخ قيمة الأحكام هو خروج عن المشروعية ومبعث للقلق والغضب و الفوضى التشريعية والخضوع للوبيات المقاومة التي تصر على معارضتها لسيادة الأحكام و مصداقية القضاء و انتهاك حقوق المتقاضين، كما نطالب من هيئات المحامين ومن جمعية هيئاتهم اعلان موقف صارم ضد المشروع والوقوف بكل جدية وحزم من اجل إسقاط المادة التاسعة من مشروع قانون المالية الذي يناقش أمام الغرفة الأولي.”
وحملت الرسالة أسف الموقعين عليها، “كما يأسف كل المحامين بالتأكيد ، ان تكون اول هدية تأتي بها الحكومة الجديدة هي مقتضيات تزيد من احتقار القرارات الصادرة باسم الملك ضد الدولة، عوضا ان تعلن في اول ميزانية لها انها ستضرب بقوة على من يتلاعب بتنفيذ الأحكام وأنها ستكون مستقبلا السباقة الى التنفيذ بمجرد النطق بالحكم ، وكن عليها الإعلان كذلك عن قرار شجاع وتاريخي وهو فتح باب المجانية الحقيقية للتقاضي وإلغاء الرسوم القضائية في المادة المدنية والجنائية لتسهيل الولوج الحقيقي للعدالة والوصول دون معاناة للقضاء.”
وختمت الرسالة، بتأكيدها على “ان مشروع المادة التاسعة الجديد هو بكل الاسف وجه من الاستبداد الحكومي ، والمحامون يرفضون الاستبداد لانهم عاشوا وسيموتون من اجل سيادة القانون ومن اجل استقلال القضاء وفرض احترام قراراته، فمن المفروض ان ذمة الدولة مليئة لكن عندما تعجز الدولة عن اداء ديونها الداخلية فانها تصاب بالإفلاس ، و إن هي امتنعت عن الاداء فانها تتسبب عن قصد في افلاس التاجر والمقاولة والمستثمر وتدعو المستثمر الأجنبي للرحيل دون رجعة”