متلازمة نقل لصق تقاسم ! Le syndrome copier, coller , partager !

ذ. محمد الطويل
الأشرطة القصيرة المدبلجة و الصورة المركبة لبعض الوجوه من عوالم السياسة و الاعلام و الفن و الرياضة و الطب و التربية و الدين …و هي مرفقة ببعض العبارات المنتقاة بعناية من قبل مهندسيها كما لو أنها تقال على ألسنة أصحاب هذه الوجوه ، باتت تغزو الفضاء الأزرق، و يتم الإقبال على استهلاكها بنهم غير مسبوق ، من قبل الكثير من رواد الفضاء المذكور ، سواء بالاعجاب أو التعليق أو التقاسم ، ربما دون أن يتساءل هؤلاء عن أصل هذه الصور و أصل الكلام إن كان له أصل أصلا و دون التساؤل عن سياق تقسمها و من تقاسمها ، في البداية ، و لأي غرض؟
خطورة هذا التقاسم تكمن في ما قد يفضي إليه من تأثيرات سلبية على آراء الناس و مواقفهم من أمور مرتبطة بحياتهم و بحياة الجماعات و المجتمعات التي ينتمون إليها حاضرا و مستقبلا بشكل عام ،و على الرأي العام المحلي و الإقليمي أحيانا في قضايا محلية و مجتمعية كبرى.
فقد تصادف شخصا ،يخبرك بأمر لا أساس له من الصحة و هو متحمس لما يقول و متمسك بصدقيته بشكل شبه مطلق ، و عندما تسأله عن مصدر ما يقول ، يحيلك ، في أحسن الأحوال، على شريط قصير غير واضح أو صورة جامدة تحمل نصا لغويا رديئا أحيانا، و ما عليك أنت إلا أن تصدق ما يعرضه عليك ، و قد ينفعل ، إذا لمحت ، و لو قليلا ، إلى أن الأمر المعروض لا يستقيم و ربما غير صحيح ، و يحتاج لمعطيات كثيرة أخرى من أجل الإحاطة به و التأكد منه قبل تقاسمه .
و قد يواجهوك ، مناصروا الشريط أو الصورة أو بالأحرى النص المحمل فوقها ، بوابل من السب و الشتم و ربما بأبشع انواع النعوت ، إذا ما تجرأت و علقت على الأمر بما لا تشتهيهه أنفسهم و شككت في ما يعتقدون أنه حقيقة لا غبار عليها ، حتى لو علقت فقط و أنت تتساءل إن كان الكلام المكتوب على الصورة قد قيل شفهيا أم قدم على شكل تصريح لقناة أو مجلة ، أم سمعه أحد الحاضرين من مصدره و أعاد صياغته بطريقته أو نسب بشكل أو بآخر لصاحبه ؟ و عن السياق الذي جاء فيه هذا الكلام ؟
و الغريب أن تجد ، أحيانا، ناشر الصورة أبعد ما يكون عن صاحبها ، و لا تربط بينهما أية علاقة ، مهما تكن ، بل و لم يسبق أن صادفه حتى في الحلم ، فقد يكون تناهى إسمه إلى مسامعه مقرونا بأمر أو حادث أو موقف قد لا تكون له أي صلة به !
ربما يعتقد أصحاب هذه التقنيات، التي أصبحت متاحة باعتماد التكنولوجيات الحديثة ، سيما الذكاء الاصطناعي ، أنهم يحققون أهدافهم ، من خلال وسطاء مهامهم نقل و لصق و تقاسم أفكار و أقوال و مواقف و آراء ، ، هم وحدهم يدركون خلفياتها ، لكن ينسون ، أو يتناسون ، أن الناس ليسوا بالسداجة التي يعتقدون ليصدقوا كل ما يعرض أمامهم !