ليلة فنية تراثية تتألق تحت سماء ميدلت: احتفاء بالموروث الثقافي في قلب المعرض الجهوي للمنتجات المجالية

يوسف القاضي – ميدلت 4 يوليوز 2025
تحت سماء ميدلت النقية، وفي أجواء احتفالية مفعمة بالحياة، عاشت المدينة مساء الجمعة ليلة فنية استثنائية أضاءت منصة العرض ضمن فعاليات النسخة الخامسة من المعرض الجهوي للمنتجات المجالية لجهة درعة تافيلالت. هذا الحدث، الذي يشكل منصة لعرض الثروات الاقتصادية والثقافية للمنطقة، شهد توافد جمهور غفير من عشاق الفن والتراث، ليستمتعوا بسهرة فنية جسدت روح الإبداع والانتماء إلى الهوية المغربية الأصيلة.
افتتحت السهرة فرقة “أحمام أدزر” التي أتحفت الحضور بلوحات أحيدوس أمازيغية تقليدية، حيث امتزجت الأنغام الإيقاعية مع الحركات المنسقة بإتقان، لترسم لوحة فنية تعكس عمق التراث الأمازيغي. أداء الفرقة، الذي جمع بين الطاقة الجماعية والتناغم الإبداعي، أشعل حماس الجمهور من مختلف الأعمار، وخلق أجواء احتفالية أصيلة نقلت الزوار إلى قلب الثقافة المحلية.
ومن مدينة الجرف، أتت فرقة “جنان النبي” لتأسر الحاضرين بمقطوعات موسيقية تراثية تحمل في طياتها عبق التاريخ وروح الأجداد. أنغامها العميقة وإيقاعاتها الهادئة زرعت في نفوس الجمهور لحظات من السكينة والتأمل، فيما تفاعل الحضور مع هذا الأداء الذي استحضر الجذور الثقافية للمنطقة بكل فخر وعزة.
ثم أضاءت مجموعة “رقصة النحلة” القادمة من قلعة مكونة المسرح بعروض فلكلورية مفعمة بالحيوية. رقصاتها المترابطة، التي تجمع بين المهارة والطاقة، عكست سحر التراث المحلي وألوانه الزاهية. كل حركة وكل إيقاع كانا بمثابة تعبير صادق عن الانتماء إلى أرض درعة تافيلالت، مما جعل الجمهور يعيش لحظات من البهجة والافتخار.
وكان ختام السهرة مع مجموعة “الركبة” بقيادة الفنان المبدع محمد القرضاوي، التي قدمت أداءً طربيًا مفعمًا بالحياة والتفاعل. الأنغام الشعبية التي قدمتها الفرقة جسدت روح التراث المغربي بأبهى صوره، وسط تصفيق حار وهتافات الجمهور التي ملأت المكان دفئًا وحماسًا. لقد كان هذا الأداء بمثابة تتويج لليلة فنية عكست التنوع والإبداع الذي تزخر به المنطقة.
تأتي هذه السهرة الفنية كجزء من الفعاليات الموازية للمعرض الجهوي، الذي يهدف إلى إحياء الموروث الثقافي وتعزيز قيم الانفتاح والتنوع. من خلال هذه الأنشطة، تسعى جهة درعة تافيلالت إلى الترويج لهويتها المتعددة، ودعم التنمية الترابية التي تجمع بين الاقتصاد والثقافة. إن هذه الليالي الفنية ليست مجرد عروض ترفيهية، بل هي تجسيد حي لروح المنطقة وتاريخها، ودعوة مفتوحة للجميع للاحتفاء بالتراث المغربي الأصيل.
تحت سماء ميدلت، وفي قلب معرض يحتفي بالمنتجات المجالية، كانت هذه السهرة بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر، والتراث بالمستقبل. لقد أثبتت هذه الليلة أن الفن الشعبي ليس مجرد أداء، بل هو لغة تعبر عن هوية شعب وثقافة أمة. ومع استمرار فعاليات المعرض، تبقى ميدلت منارة ثقافية تتألق بأنغامها وألوانها، داعية الجميع إلى الاحتفاء بجمال التنوع والإبداع المغربي.