كيف تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية في علاقة المشجعين بأنديتهم وسلوكهم أثناء المباريات؟

تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية بشكل كبير وعميق في علاقة المشجعين بأنديتهم وفي سلوكهم أثناء المباريات، حيث تتجاوز كرة القدم كونها مجرد لعبة لتصبح ظاهرة اجتماعية وثقافية ترتبط بهوية الأفراد وانتماءاتهم.

فيما يلي تفصيل لكيفية تأثير هذه العوامل وفقاً لما ورد في المصادر:

1. تأثير الهوية الاجتماعية والانتماء (العلاقة والسلوك)

تُعد الحاجة إلى الانتماء حاجة إنسانية ملحة للكثير من الناس، وقوتها قد تؤثر على تصوراتهم وتفاعلاتهم مع الآخرين. يتجلى هذا الانتماء في سياق كرة القدم بعدة طرق:

نظرية الهوية الاجتماعية (Social Identity Theory): تقوم هذه النظرية على مفهوم الذات الفردي المشتق من العضوية المتصورة في مجموعة اجتماعية ذات صلة (مثل الدين أو العرق أو الرياضة). المشجع يبني وجهة نظره تجاه المنافسين والقضايا الأخرى بناءً على هويته الجماعية كجزء من جمهور النادي.

قوة الروابط الاجتماعية: قد تكون الروابط الاجتماعية بين المشجعين المنتمين إلى النادي الواحد أقوى بكثير من الانتماء إلى شريحة اجتماعية جغرافية نشأ فيها الفرد ولكنه لا يشاركه نفس الأفكار.

الاعتزاز والفخر بالانتماء: تمثل أندية كرة القدم مصدراً للفخر والاعتزاز للكثير من الجماهير. يشعر العديد من المشجعين بالانتماء أو خيبة الأمل بناءً على فوز أو خسارة فريقهم. كما أن الحاجة إلى الترابط بين جماهير الأندية تظهر في الأغاني والهتافات التي تستخدمها الجماهير، مثل أغنية “You will Never Walk Alone” التي تمثل حالياً جزءاً لا يتجزأ من الانتماء لنادي ليفربول.

مفهوم “العائلة”: يمثل النادي للعديد من الجماهير العائلة والمجتمع الذي ينتمون إليه. ووفقاً لنظرية اندماج الهوية (Identity Fusion)، ينظر المشجعون إلى بعضهم البعض كأفراد ينتمون إلى نفس العائلة وتربطهم روابط قوية مثل الروابط الأسرية، وهذا ما يظهر في منشورات الأندية التركية مثل غلطة سراي وفنربخشة.

سلوك المشجعين (التعبير عن الانتماء): ينعكس الانتماء الاجتماعي بوضوح ليس فقط من خلال ارتداء ألوان الفريق أثناء المباريات، بل في تبني وجهة نظر عامة لجمهور النادي تجاه المنافسين.

2. العوامل الثقافية والسياسية المؤثرة في العلاقة

ترتبط الأندية أحياناً بأبعاد ثقافية أو سياسية أو تاريخية عميقة، مما يعزز العلاقة العاطفية للمشجعين بها:

الرمزية الثقافية والسياسية للأندية: قد يمثل النادي رمزاً للهوية الإقليمية أو الثقافية. على سبيل المثال، يرتبط نادي برشلونة بشعار “أكثر من مجرد نادٍ” (Més que un club) لارتباطه بالنزعة الاستقلالية لإقليم كتالونيا.

الارتباط بالقيم المحلية: ينطبق الشيء نفسه على العديد من الأندية العربية، مثل ارتباط النادي الأهلي بـ “نادي المبادئ”، أو النادي الأفريقي بـ “نادي الشعب”، أو نادي الزمالك بـ “النادي الملكي”.

الصراع الثقافي في المباريات الكبرى: يتأثر سلوك الجماهير تجاه المنافسة (خاصة في الديربيات) بالعوامل الثقافية والتاريخية. على سبيل المثال، يشير العديد من المعلقين إلى أن الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة يمثل مواجهة بين برشلونة كرمز للهوية الكاتالونية وريال مدريد كرمز لبقية إسبانيا، مما يعكس تاريخاً من الصراع الثقافي واللغوي.

3. تأثير العوامل الاجتماعية على السلوك أثناء المباريات

يتأثر سلوك المشجعين بالعديد من العوامل الخارجية مثل العوامل الظرفية والتنافسية والبيئية والثقافية والاجتماعية. وفي سياقات التنافس القوي، تظهر سلوكيات متطرفة:

مباريات الديربي والتعصب: مباريات الديربي تمثل فرصة لشركات الإعلان والترويج، لكنها أيضاً تمثل العداوة والولاء للنادي. خلال هذه المباريات، يظهر التعصب الشديد، وقد توصف بأنها “الحرب بدون إطلاق النار”.

تغلب العقل اللاواعي: في مباريات الديربي، التي قد تصل إلى مشاحنات على شبكات التواصل الاجتماعي أو أحداث شغب، يحدث صراع بين الواقع والخيال (أو الوعي واللاوعي)، وكثيراً ما يتفوق العقل اللاواعي على الواعي.

علم نفس الحشود والشغب: تعتمد نظرية سيكولوجية الحشود لسيغموند فرويد على أن الانضمام إلى حشد من الناس يفتح العقل اللاواعي، حيث يتنازل المشجع عن هويته الشخصية لصالح الهوية الجماعية للفريق. هذا قد يؤدي إلى فقدان العقل والأخلاق والميل إلى تصرفات تعرضهم والآخرين للخطر.

الشغب والطبقة الاجتماعية: تشير بعض الدراسات إلى أن الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها المشجع قد تلعب دوراً في انخراطه في أعمال التخريب والشغب، وتربط بين حالات عدم الاستقرار الاقتصادي وظاهرة “الهوليغانز” في بريطانيا سابقاً.

4. تأثير الثقافة على التمييز العنصري

تعتبر ظاهرة العنصرية في الملاعب الأوروبية نتيجة للتحيز والتصنيف السلبي المسبق تجاه أعضاء مجموعة معينة على أساس العرق أو الطبقة الاجتماعية أو الدين، وهذا يسود شريحة كبيرة في العالم.

مظاهر العنصرية: لا تقتصر العنصرية على الهتافات أو الإشارات العنصرية التي يقوم بها الأفراد، بل قد تكون في شكل قرارات موجهة ضد طائفة عرقية.

التعرض للعنصرية: تعرض نجوم عالميون مثل فينيسيوس جونيور، وكوليبالي وأوسيمين لهتافات وإهانات عنصرية في الملاعب الأوروبية، مما دفع بعضهم للتعبير عن الاشمئزاز من كره شخص بسبب لون بشرته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!