كليات الطب بالمغرب… بين التسليع والتسريب والتشطيب

الحسين سوناين
خرج عشرون ألف طالب طب للاحتجاج ضد تسليع قطاع الصحة بالمغرب. فإذا كانت الدولة فتحت المجال للكليات الخاصة لتكوين الأطباء ، فالمفروض من هذا القطاع (الخاص) أن يوفر مراكز التداريب الاستشفائية بدل مزاحمة طلبة الطب بالكليات العمومية التي تعاني أصلا من اختلال فضيع لا يسمح بالتكوين المطلوب .
وبدل أن تستمع الجهات الوصية لمطالب الطلبة الأطباء سارعت للتصعيد من خلال وضع الطلبة بين خياري الامتحان أو الترسيب والتشطيب. وكان أن اتهم وزير الكلام في الحكومة بشكل ضمني جماعة العدل والإحسان بالوقوف وراء احتجاجات الأطباء……
إذن ، وكما يبدو ، اختارت الحكومة التصعيد على كل الواجهات ، تصعيد سياسي (اتهام الجماعة) تصعيد إداري( تهديدي الطلبة) تصعيد عقابي توقيف الأساتذة الأطباء .
ما السر وراء ذلك ؟
منذ 1907 افتتحت العيادات الخاصة بالمغرب وكانت مخصصة للأجانب المقيمين بالمغرب ، وبعد خروج الإدارة الفرنسية ستستفيد أسماء محددة من” التركة الصحية” للمستعمر لتشكل بعد ذلك لوبيا يتحكم بالمطلق في مفاصل القطاع ككل ، منذ الثمانينيات استطاع ابناء الطبقات الشعبية من ولوج كليات الطب ،وتوسعت ، نسبيا قاعدة الأطباء ، وبدل أن تستثمر الدولة هذا المعطي في توسيع الخدمات الصحية وتجويدها ، أمعنت في حماية اللوبي الصحي الذي بدا يتضايق من ولوج أطباء جدد ينحدرون مكن فئات اجتماعية مختلفة. ولكي لا يُسحب البساط من تحت أقدام الأسماء المتداولة تم الاهتداء لكليات الطب الخاصة لضمان الاستمرارية.
هكذا نفهم ردة فعل التصعيدية للحكومة ، هي في العمق دفاع عن وضع قائم ، وضع يتجسد بالملموس في العيادات والمصحات الخاصة التي تناثرت كالفطر وتحولت إلى مجازرا تُمتص فيها دماء الناس وتستنزف جيوبهم . هكذا أيضا نفهم لماذا تم إقحام جماعة العدل والإحسان متبوعا بالتهديد والوعيد.
لذلك فمعركة الطلبة الأطباء في عمقها معركة ضد لوبيات الفساد في قطاع الصحة ؟
ملاحظة أخيرة : اتهام جماعة العدل والإحسان بالوقوف وراء احتجاجات الطلبة الأطباء إدانة للدولة وليس للجماعة ، فإذا كان الاتهام صحيحا فهذا يعني أن الدولة من خلال مؤسساتها انفلتت منها الأمــــور