غياب العامل الجديد في بركان: بطء التهيئة الحضرية يثير غضب الساكنة ويطرح تساؤلات حول التنمية المحلية

بركان – صباح الشرق/ SABAHACHARK
في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التنمية الوطنية بمشاريع عملاقة مثل الملعب الأولمبي بالرباط الذي اكتمل في تسعة أشهر فقط، يعاني إقليم بركان من بطء ملحوظ في تنفيذ برامج التهيئة الحضرية، مما يعزز من شعور الساكنة بالإهمال. ومع تعيين السيد عبد الحميد الشنوري عاملاً على الإقليم في 27 مايو 2025، خلفاً للسيد محمد علي حبوها، كان يُتوقع أن يُحدث هذا التعيين دفعة قوية للمشاريع الجارية. غير أن غيابه الميداني اللافت، الذي يقتصر على ظهور رسمي نادر، أثار تساؤلات واسعة حول دوره في تسريع هذه الأوراش الحيوية.
خلفية العامل الجديد: خبرة أمنية مقابل تحديات تنموية
يأتي عبد الحميد الشنوري، البالغ من العمر 55 عاماً، من خلفية أمنية عريقة في جهاز الأمن الوطني، حيث شغل مناصب قيادية مثل رئيس أمن في إنزكان وأكادير، ووالي أمن تطوان منذ 2009، قبل أن يتولى عاملاً على إقليم خريبكة (2018) وعمالة إنزكان أيت ملول (2012-2018). ويُوصف الشنوري في وسائل إعلامية بـ”رجل الدولة الصارم”، الذي أعرب عن ثقة الملك محمد السادس في كفاءته من خلال التعيين الذي جاء في إطار حركة إدارية واسعة. وشهدت أول أيامه في المنصب لقاءات تواصلية مع أعضاء المجالس الجماعية، مثل تلك في جماعة أغبال يوم 23 يونيو 2025، حيث أكد التزامه بتعزيز التنمية المحلية. لكن، بعد أربعة أشهر من التنصيب الرسمي في مقر العمالة يوم 27 ماي، يبدو أن هذه الوعود لم تترجم إلى حضور ميداني ملموس، مما يعمق الشكوك لدى المتتبعين.
بطء الأشغال: من الوعود إلى الركام المهمل
كان الظهور الأبرز للشنوري خلال احتفالات الذكرى 26 لتولي صاحب الجلالة عرشاً، يوم 24 يوليوز 2025، حيث أشرف على تقديم شروحات حول مشاريع بنيوية تشمل تهيئة محاور طرقية رئيسية، توسيع الأرصفة، تقوية الإنارة العمومية، وإطلاق الشطر الثاني من برنامج إعادة هيكلة الأحياء الناقصة التجهيزات.
ويقدر إجمالي كلفة هذه البرامج بأكثر من 215 مليون درهم للسنتين 2025-2026، بالشراكة مع وزارة إعداد التراب الوطني والعمران، وتشمل تهيئة شوارع مثل أزرو، 20 غشت، الرباط، مراكش، ويعقوب المنصور، إلى جانب مشاريع أخرى كتوسعة شارع محمد الخامس وإعادة تأهيل مقر الدرك الملكي السابق.
غير أن الواقع الميداني يروي قصة أخرى. فالأشغال، التي كان من المقرر انطلاقها في شتنبر 2025، ما زالت تتخبط في بطء، مع امتداد بعضها إلى تسعة أشهر كاملة في أزقة ضيقة، بسبب إمكانيات محدودة لدى المقاولين وطرق تنفيذ تقليدية. وفي حي ورطاس، على سبيل المثال، يعيق ركام قاعة 11 يناير المنظر العام للمدينة، في انتظار استثمار يليق بموقعها الرمزي.
كما أثار مشروع “بركان الكبرى”، الذي عرض للاطلاع العام من 1 إلى 30 شتنبر 2025، تحذيرات من فلاحين ونشطاء بيئيين حول تأثيراته على الأراضي الزراعية والتنمية المستدامة. ويُعزى هذا التأخير، بحسب متابعين محليين، إلى ضعف المتابعة الميدانية من قبل السلطات الإقليمية، مما يهدر ملايين الدراهم المخصصة ويُضعف الثقة في الشفافية.
صوت الساكنة: “هل عادت الجهة الشرقية إلى ‘المغرب غير النافع’؟”
يعبر مواطنون في بركان عن إحباطهم المتزايد، معتبرين أن غياب العامل عن الجولات الميدانية يعكس “خللاً في آليات الرقابة”. يقول أحد التجار في شارع محمد الخامس: “ننتظر نقلة نوعية منذ سنوات، لكن البطء يجعلنا نشعر بالإهمال مقارنة بجهات أخرى”. وفي سياق مشابه، أشارت جمعية محلية للحقوق إلى ضرورة دمج آراء الساكنة في المشاريع، خاصة مع اقتراب نهاية 2025 دون إنجازات ملموسة. هذه المفارقة مع الإنجازات الوطنية، مثل المنشآت الفنية في الرباط بكلفة 281 مليون درهم، تُعيد إلى الأذهان التصنيف التاريخي القديم للجهة الشرقية كـ”مغرب غير نافع”، في وقت يدعو فيه الدستور إلى تنمية متوازنة.
نحو حلول؟ دعوة لمتابعة ميدانية فورية
أمام هذه التحديات، يطالب فاعلون مدنيون بتعزيز الشراكة بين السلطات والمجتمع المدني، وإجراء جولات ميدانية دورية للعامل الشنوري لضمان جودة التنفيذ. ففي الوقت الذي يُعد فيه مشروع التهيئة بركان الكبرى خطوة طموحة نحو مدينة حديثة، يظل النجاح مرهوناً بإرادة سياسية قوية.
هل سيكون التدخل السريع خطوة نحو استعادة الثقة، أم سيستمر الغياب في إعاقة مسار التنمية؟
الساكنة ونحن ننتظر الإجابة، يتبع.